رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
المشرف العام
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شوري
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
المشرف العام
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شوري

الزاد

بينما يتحدث مجلس الأمن القومى الأمريكى عن عدم صلاحية غزة للسكن، كأن هذه الحقيقة سقطت عليهم من السماء فجأة، يتجاهلون أن من جعلها غير صالحة هو العدوان الإسرائيلى المدعوم أمريكيًّا. أكثر من 40 ألف شهيد، وأكثر من 90 ألف مصاب، فيما تجاوز عدد النازحين 1.9 مليون فلسطينى، أى ما يعادل أكثر من 85% من سكان القطاع، ومع ذلك تأتى واشنطن لتحدثنا عن «الكرامة» كأنها لم تكن شريكة فى الجريمة.

أما ترامب، فيصر على إعادة بناء غزة بعد تهجير سكانها، وكأنه الحاكم الفعلى للعالم، يوزع الأدوار ويحدد من يبقى ومن يُمحى. لكن السؤال الذى يفرض نفسه: أين كانت إنسانية ترامب وإدارته عندما كانت غزة تُباد بالقصف والحصار والتجويع؟ أين كانت هذه المشاعر الرقيقة تجاه المدنيين العزّل وهم يسحقون تحت أنقاض منازلهم؟ أكثر من 60% من البنية التحتية للقطاع دُمّرت، المستشفيات خرجت عن الخدمة، والمياه الصالحة للشرب أصبحت رفاهية نادرة، ومع ذلك تتحدث واشنطن عن مستقبل غزة! أى نفاق هذا؟

العالم كله بات يدرك ازدواجية المعايير الأمريكية، فالولايات المتحدة التى تتحدث عن «حقوق الإنسان» لم تحرك ساكنًا أمام الإبادة الجماعية التى يتعرض لها الفلسطينيون، بل منحت إسرائيل الغطاء الكامل لتنفيذ جرائمها. وفى الوقت الذى تندد فيه بأى اعتداءات على المدنيين فى أى بقعة أخرى من العالم، فإنها تصمت بل تبرر المجازر التى تُرتكب بحق الفلسطينيين يوميًا.

لكن رغم الدعم الأمريكى المطلق لإسرائيل، فإن الرفض العربى والدولى لهذه السياسات ظهر بقوة خلال الشهور الماضية. فقد شهدنا تحركات عربية غير مسبوقة لوقف العدوان وإغاثة الشعب الفلسطينى، وكان ذلك واضحًا خلال القمة العربية الطارئة التى عُقدت فى مصر، منذ أيام قليلة' حيث أجمعت الدول العربية على دعم المشروع المصرى المقدم لإعادة إعمار غزة، و ضرورة وقف العدوان فورًا، ورفض أى مشاريع تهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية أو تهجير سكان غزة قسرًا. كما أكدت القمة أن القضية الفلسطينية ستظل القضية المركزية للعالم العربى، وشددت على ضرورة محاسبة الاحتلال على جرائمه أمام المحاكم الدولية. والأهم من ذلك، أكد البيان الختامى للقمة رفض أى محاولات لتهجير أى فلسطينى من أرضه، سواء فى غزة أو الضفة الغربية، وضرورة أن يكون إعادة إعمار غزة بقيادة أهلها، وليس وفق شروط المحتل أو القوى الخارجية.

يريد ترامب، ومن خلفه اللوبى الصهيونى، أن تكون غزة كما يشاء، دولة بلا مقاومة، بلا كرامة، بلا تاريخ. يريدونها مستعمرة إسرائيلية أخرى تحت غطاء إعادة الإعمار، لكن الشعب الفلسطينى الذى صمد لعقود، والذى لم تكسره المجازر ولا الحصار، لن يقبل بهذه الوصاية الأمريكية. غزة ستنهض، لكن ليس وفق رؤية ترامب، بل وفق إرادة شعبها الصامد.

على ترامب أن يدرك أن العالم ليس ولاية أمريكية، وأنه رئيس للولايات المتحدة وليس حاكمًا للكرة الأرضية. الشعوب حرة فى تقرير مصيرها، ولن تكون غزة أو فلسطين يومًا رهينة لمخططات واشنطن وتل أبيب. ورغم كل محاولات الاحتلال لطمس الهوية الفلسطينية، ستبقى غزة رمزًا للصمود، وسيكون إعمارها بأيدٍ فلسطينية، وبمشاركة عربية ودولية داعمة لحقوق الشعب الفلسطينى، لا وفق شروط المحتل وداعميه.