يرتبط علم السرد الحديث بمفهوم الاتصال عبر الحكايات والأشخاص والأحداث التى قد تكون فردية تعبرعن الشخصية السردية أى الشخصية التى تحكى الرواية؛ أو قد تكون سردية عامة تروى وتتحدث عن مجموعة من البشر، أو سردية عالمية ذات أبعاد أسطورية تتحدث عن حكايات وأحداث ذات طابع خيالى أسطورى ملحمى أو سردية تاريخية عن حقبة زمنية لها أحداث وعواقب وأماكن معروفة ومحددة، وأيضًا هناك سردية دينية وأخرى سياسية كذلك التى روجتها دولة الكيان الصهيونى على مدار قرن من الزمان عن محرقة اليهود وعن أرض الميعاد وعن بيع أهل فلسطين لأراضيهم وعدم تمسكهم بها وأخيرًا سردية السابع من أكتوبر وما فعلته حركة المقاومة الفلسطينية بالأطفال والنساء والحوامل من فظائع فقدتها السردية الإعلامية الموثقة صوت وصورة.. إذا فالإعلام الآن يعتمد على ما يسمى الحكايات التى تفرض علينا ممن يملك المال والانتاج ويتحكم فيما يقدم من شخصيات وأحداث وحوار وله مطلق الحرية فى أن يسرد ويحكى عبر البرامج والإعلانات والدراما... إذا سردية الإعلام يتحكم فيها رأس المال والسياسة وعلى المتلقى أن يقبل بما يعرض...
هذه السردية الإعلامية أمن قومى لأن الصورة والحكاية التى تظهر المصريين فى معظم الأعمال والبرامج كما لو أنهم شحاذون فقراء يلهثون وراء المال الذى يهبه لهم أحد الممثلين المسمى «نمبر وان» أو رقم واحد ويرفع الصغار أصابعهم فى الإعلان عن برنامجه كما الموحدين!! فى الماضى كانت برامج جمال الشاعر الجائزة الكبرى، وكلام من ذهب لطارق علام تمنح معلومة ومعها مال للتنافسية على المعرفة والعلم الآن نحن نلهث وراء المال فقط...
أما الإعلانات فعلى الرغم من أنها تمجد قيمة ومفهوم العائلة إلا أنها تخدع المتلقى لأنه يعود للبرنامج أو المسلسل فيجد العائلة متقاتلة متناصرة لا حب ولا أخوة ولا بنوة ولا أبوة.. الكل متشاحن غير أن هذه الإعلانات جميعها مستفزة لجموع المصريين تعرض ما لا يطيقون الوصول إليه... أو تطلب تبرعاتهم وأموالهم ثم تأتى سردية المسلسلات والتى هى تدمير صريح لصورة المصريين فمعظم الأعمال تبدأ بجرائم قتل وحرق وسرقة وبلطجة وأسلوب حوار عنيف مليء بالشتائم والسباب وكأن شباب مصر على هذا النحو من البلطجة وأنعدام الأخلاق والمرؤة.. أما النساء فللأسف يظهرن كل السوء فى الحوار والتعامل والملابس.
هل يعقل أن نصدر للخارج تلك الصور القبيحة عن مصر أم الدنيا وعن شعب مصر العظيم الأصيل المثابر الصابر المحب لوطنه وأرضه وترابه، هذا الشعب الذى حافظ على تماسك الوطن ولم يسمح بفتنة طائفية أو تدخل أجنبى أو تمدد إرهابى كيف نصوره على هذا النحو.. وكيف نفرق بين أبنائه على أساس طبقى مالى اقتصادى... ثم على أساس عرقى بين بدر وحضر وريف وصعيد وبحرى...هل من يدفع وينتج يريد أن يرانا هكذا؟
هذه السردية الإعلامية خط أحمر علينا أن نتكاتف جميعًا لإصلاحها وأن تكون هناك جهة مسؤلة تحاسب على ما تقدم وإلا ما فائدة الهيئات الإعلامية؟!
الإعلام أحد روافد وأعمدة التماسك الإجتماعى والسلم المجتمعى.. احذروا تشويه صورة مصر عمدًا.