البرلمان الإيراني يسحب ثقته في وزير المالية..ما السبب ؟

أصدر البرلمان الإيراني، اليوم الأحد، قراراً بإقالة عبد الناصر همتي، وزير المالية، بعد أن حجبت عنه الثقة بسبب الأزمة المالية التي يعيشها البلد.
وذكرت مصادر إيرانية أن البرلمان قرر حجب الثقة عن الوزير بسبب طريقة تعامله مع تراجع قيمة العملة المحلية، فضلاً عن استفحال أزمة مُعدل التضخم.
وخسر الوزير همتي التصويت على حجب الثقة عنه، مع تأييد 182 برلمانيا للمذكرة من أصل 273 حضروا الجلسة المخصصة لإقالته.
تعاني إيران من أزمة اقتصادية حادة، تفاقمت في السنوات الأخيرة نتيجة لعوامل داخلية وخارجية متشابكة، أبرزها العقوبات الاقتصادية الدولية، وسوء الإدارة، والفساد، والتوترات السياسية الإقليمية. وتُعدّ مشكلة التضخم من أكثر التحديات التي تؤثر بشكل مباشر على حياة المواطنين الإيرانيين، حيث أدت إلى ارتفاع غير مسبوق في الأسعار وانخفاض القدرة الشرائية.
أسباب الأزمة الاقتصادية
تعاني إيران من عقوبات اقتصادية مشددة، خاصة من قبل الولايات المتحدة، التي فرضت قيودًا على صادرات النفط الإيرانية وقطعت روابطها مع النظام المصرفي العالمي. هذه العقوبات أثّرت بشدة على إيرادات الحكومة، حيث يُعدّ النفط المصدر الرئيسي للعملة الصعبة في البلاد. بالإضافة إلى ذلك، تعاني إيران من مشكلات داخلية مثل الفساد وسوء الإدارة الاقتصادية، حيث تفشل السياسات الحكومية في ضبط الأسواق أو توفير حلول فعالة لمواجهة الأزمات المالية. كما أن الاقتصاد الإيراني يعتمد بشكل كبير على القطاع العام، مما يزيد من البيروقراطية ويحدّ من فرص الاستثمار الأجنبي والمحلي.
التضخم وارتفاع الأسعار
وصل معدل التضخم في إيران إلى مستويات قياسية، حيث ارتفعت أسعار المواد الغذائية والوقود والإيجارات بشكل كبير، ما جعل الحياة اليومية للمواطنين أكثر صعوبة. يُقدَّر أن نسبة التضخم تجاوزت 40% في بعض السنوات، مما أدى إلى تآكل قيمة العملة الوطنية (الريال الإيراني)، حيث انخفضت قيمتها مقابل العملات الأجنبية بشكل مستمر. هذا التراجع الحاد في قيمة العملة انعكس سلبًا على القوة الشرائية للإيرانيين، وجعل الكثير من السلع الأساسية بعيدة عن متناول الطبقات الفقيرة والمتوسطة.
تأثير الأزمة على المجتمع الإيراني
أدت الأزمة الاقتصادية إلى ارتفاع معدلات الفقر والبطالة، حيث فقد العديد من الإيرانيين وظائفهم بسبب تراجع الإنتاج والاستثمارات. كما أثرت على قطاع الأعمال، حيث يواجه التجار وأصحاب الشركات صعوبات كبيرة في استيراد المواد الخام ودفع تكاليف التشغيل. ومع تصاعد الضغوط الاقتصادية، تزايدت الاحتجاجات الشعبية في مختلف المدن الإيرانية، مطالبة بالإصلاحات الاقتصادية والسياسية، وتحسين الأوضاع المعيشية.
الآفاق المستقبلية
في ظل استمرار العقوبات الدولية، وعدم وجود حلول جذرية للأزمة الاقتصادية، تبقى إيران في مواجهة تحديات كبيرة لتحقيق الاستقرار المالي. وعلى الرغم من بعض المحاولات الحكومية لاحتواء الأزمة، مثل خطط دعم الفئات الفقيرة وتشجيع الإنتاج المحلي، إلا أن الأزمة لا تزال قائمة، ويبدو أن تحسين الوضع الاقتصادي يتطلب تغييرات جذرية في السياسات الداخلية والخارجية، ورفع العقوبات من خلال اتفاقيات دبلوماسية مع القوى العالمية.