«يا خبر»
قال الناطق باسم الدفاع المدنى فى غزة الثلاثاء الماضى إن قطاع غزة سجل فى الأسبوع الماضى ست حالات وفاة لأطفال حديثى الولادة نتيجة لموجة البرد الشديد وعدم توفر التدفئة, خمسة منهم توفوا فى شمال القطاع والسادس فى مستشفى ناصر بخان يونس , كما قال مدير مستشفى جمعية أصدقاء المريض الخيرية فى قطاع غزة، إنه خلال الأسبوعين المنصرمين حضر إلى قسم الحضانة 8 حالات تعانى البرد الشديد وتم إدخالهم إلى قسم «العناية المركزة», توفى ستة منهم على فترات متفرقة وسط مخاوف متزايدة من تسجيل وفيات جديدة مع استمرار موجة البرد الشديد.
< هذا الخبر كفيل بأن تخجل منه دول العالم قاطبة, لكن الغريب والشيء العجيب أنه لا أحد تحدث ولا جفن تحرك, فى حين انتفضت الولايات المتحدة «قلعة الحريات» عندما اشتكى نتنياهو أن ثلاثة من الأسرى المفرج عنهم ضمن صفقة التبادل الأخيرة بدت وجوههم شاحبة ووزنهم منخفضا وتوعد بأن الأمر لن يمر سلاما وأيده الرئيس الامريكى دونالد ترامب حزنا على شحوب وجوه الثلاثة, وفى حين يخرج السجناء الفلسطينيون المفرج عنهم من سجون الاحتلال الإسرائيلى ضمن نفس الصفقة وبهم عاهات مستديمة كأنهم كانوا يعذبون ليل نهار, ويروون ثلاثية «التعذيب والتجويع الإذلال» وكيف أن سلطات السجون الإسرائيلية لم تكن تعاملهم كبشر، وكانت تصب عليهم شتى أنواع العذاب بين « الجسدي، والنفسي، والتجويع، والإذلال», لم تلتفت الولايات المتحدة لهم ولم تشغل بالها وكذلك الدول التى تصدعنا ليل نهار بحقوق الإنسان!!
< عودة إلى وفاة الأطفال الستة من البرد, العالم كله يعرف كيف ولماذا ماتوا, والسبب واحد هو السياسات الإجرامية للحكومة الإسرائيلية، ومنعها إدخال المساعدات الإنسانية ومواد الإيواء لسكان القطاع, لكن لا يزال المجتمع الدولى يلتزم الصمت حيال الكارثة الإنسانية غير المسبوقة فى قطاع غزة، ورغم جهود الوسطاء مصر وقطر ومناشداتهم و ضغوطهم لوقف انتهاك إسرائيل لاتفاق وقف إطلاق النار وإلزامها بتنفيذ البروتوكول الإنسانى وضمان إدخال مستلزمات الإيواء والتدفئة والمساعدات الطبية العاجلة لأهالى القطاع, إلا أن ينيامين نتنياهو ينفذ أجندة اليمين الإسرائيلى المتطرف بإحكام الخناق وتنفيذ المزيد من القتل بمختلف صنوفه فى قطاع غزة ويتنصل من الالتزام بتنفيذ البروتوكول الإنسانى المتعلق بإدخال الخيام والبيوت المتنقلة والمواد الطبية اللازمة للمستشفيات، ومواد الإيواء مثل الأسمنت والطاقة الشمسية وغيرهما, كما يتهرب من استحقاقات أخرى، وبدأت حكومة الاحتلال فى فرض مزيد من القيود على العديد من المواد الأساسية، وبضائع أخرى كانت قد سمحت بإدخالها بعد وقف إطلاق النار ثم تراجعت عن ذلك.
< رغم أن وقف إطلاق النار السارى فى غزة منذ 19 يناير أتاح زيادة دخول بعض المساعدات الإنسانية إلى القطاع، إلا أن آلاف الفلسطينيين ما زالوا يعيشون فى خيام فى مناطق دمرتها الحرب التى دامت 15 شهراً بين حركة حماس وإسرائيل, وأقام العديد من السكان ملاجئ موقتة على أنقاض منازلهم ويواجهون شتاء قاسيا مع درجات حرارة متدنية وصلت إلى الصفر الأسبوع الماضي.
< فى السياق نفسه تسبب تجميد المساعدات الأمريكية فى وجود عجز لدى منظمة الصحة العالمية بقيمة 46 مليون دولار كانت تنتوى استخدامها لإجلاء المرضى المصابين بأمراض خطيرة من غزة وإعادة بناء المستشفيات المتضررة فى القطاع، وفقا لما قاله أحد ممثلى المنظمة الثلاثاء. وقال ريك بيبركورن، منسق منظمة الصحة العالمية للمنطقة، خلال مؤتمر صحفى عبر رابط فيديو من قطاع غزة، إنه يمكن تمويل العمليات فى الوقت الحالى من خلال أموال من مانحين آخرين, وكان الرئيس الأمريكى دونالد ترامب قد أمر فى يناير الماضى بتعليق المساعدات الإنسانية، وقال إن كل بند من النفقات سيجرى مراجعته لتحديد ما إذا كان يخدم المصالح الأمريكية أم لا.
< أخيرا ونحن ننعى ونترحم على آلاف الأطفال الذين سقطوا فى غزة فى 15 شهرا ونخص بالنعى الستة الذين ماتوا من البرد و الحرمان نقول إن المعايير المزدوجة هى السبب فى استمرار سقوط ضحايا فى العالم محرومين من حقهم فى العدالة, فى ظل ترسيخ ثقافة الإفلات من العقاب، وأن احترام القانون الدولي، بما فى ذلك القانون الدولى لحقوق الإنسان والقانون الإنساني، مكفول بشكل انتقائى وليس عالميا, فعلى سبيل المثال شهدت اجتماعات مجلس حقوق الإنسان، على مدار السنوات العديدة الماضية بيانات مشينة بررت الانتهاكات التى ترقى إلى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية،- فى مواجهة الشعب الفلسطينى الذى عانى مظالم وإحباطات الكيل بمكيالين،- سمحت لإسرائيل، التى تحتل الأرض، بمواصلة ارتكاب الجرائم مع إفلات كامل من العقاب.. إسرائيل وبعد 58 عاما من احتلالها فلسطين، لا تزال ترتكب جرائم حرب وها هى دمرت قطاع غزة و انهت الحياة فيه والآن تتجه إلى الضفة الغربية لالتهامها حتى لا يكون هناك حل للدولتين, كل هذا والمجتمع الدولى يسترضى الظالم، ويغلق سبل العدالة فى وجه المظلوم.