تعيشى يا بلدى
أثار موقف طبيبة بمستشفى أشمون بالمنوفية تجاه والدتها حالة من الجدل الكبير مواقع التواصل الاجتماعى، وصلت إلى حد الغضب والتجريح.
الموضوع باختصار أن والدة الطبيبة تعرضت لأزمة قلبية يوم الثلاثاء الماضى نقلت على إثرها فى حالة حرجة إلى العناية المركزة بنفس المستشفى التى تعمل بها، ولكن حالة الأم تدهورت سريعًا وتوفيت فى الواحدة صباحا فما كان من الطبيبة إلا أن قامت باستدعاء أشقائها لاستلام جثمان والدتها ورفضت ترك المستشفى وأصرت على استكمال النوبتجية، رغم من توفير بديل لها!
وزارة الصحة اعتبرت هذا الموقف بطوليا من قبل الطبيبة عائشة محمود محرم، أخصائى الأطفال بمستشفى أشمون العام، وأصدرت بيانا على لسان الدكتور خالد عبدالغفار، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الصحة والسكان، يشيد فيه بموقف الطبيبة واصفا إياها بأنها ضربت مثالا رائعا فى الوطنية والوفاء والإخلاص،
بإصرارها على أداء دورها الإنسانى وواجبها المهنى، تجاه المرضى، وتمسكها بـ«نوبتجية» عملها رغم وفاة والدتها فى المستشفى الذى تعمل به، مؤكدا أن مصر ستظل عامرة بأبنائها المخلصين، الذين يؤدون واجبهم تجاه وطنهم على الوجه الأكمل، ويضعون ضمائرهم فوق رؤوسهم، ويقدمون مصالح المواطنين عن مصالحهم الشخصية.
أما رواد مواقع التواصل الاجتماعى فقد شنوا هجومًا شديدًا على الطبيبة واعتبروا موقفها من والدتها نوع من القسوة والجحود ونكران الجميل فى أبشع صورة، ولم يلتمسوا العذر للطبيبة، وأصدروا حكمهم على الطبيبة أنها غليظة القلب.
لكن الحقيقة كما ذكرتها الطبيبة أن والدتها كانت تعانى من المرض منذ فترة طويلة وأن أشقائها أحضروها للمستشفى فى حالة متأخرة وتوفيت بعد حوالى ساعة من دخولها المستشفى وأنها بالفعل كانت ستغادر المستشفى معهم إلا أن شقيقها طلب منها البقاء لمتابعة حالات الأطفال الموجودين فى الحضانات وهى المسئولة عنهم وكان بينهم أكثر من حالة حرجة، وأوضحت أن ذلك كان فى الواحدة والنصف صباحا وأنها انصرفت من المستشفى فى الثامنة صباحًا إلى البيت بعد انتهاء النوبتجية لتقوم بواجبها نحو والدتها المتوفية، موضحة أن الجنازة كانت عقب صلاة الظهر.
أعتقد أن تصرف الطبيبة ليس جحودا ولا قسوة ولا نكران للجميل كما وصفها رواد مواقع التواصل الاجتماعى، وإنما ربما يكون موقف عقلانى أرادت به أن تحافظ على حياة أطفال صغار فى عهدتها ومسئولة عنهم أمام الله، كما أنها لم تتغيب عن أداء واجبها نحو والدتها سوى بضع ساعات ظلت خلالها ساهرة على رعاية الحالات الحرجة من الأطفال وعندما انتهى وقت العمل ذهبت إلى والدتها وقامت بواجبها كاملًا.
رحم الله والدة الطبيبة التى أحسنت تربيتها وكفانا الله وإياكم شر الأحكام المتسرعة ومحاكم التفتيش المنصوبة على السوشيال ميديا.