رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
المشرف العام
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شوري
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
المشرف العام
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شوري

"الوفد" ترصد اعترافات سفاح المعمورة بالاسكندرية

سفاح المعمورة.. محامٍ متهم بجرائم قتل مروعة تهز الرأي العام

سفاح المعمورة بالاسكندرية
سفاح المعمورة بالاسكندرية

في عالم الجريمة، تظهر شخصيات تحمل طابعًا استثنائيًا بسبب طبيعة جرائمها، بعضها يتقن التلاعب بالقانون والاختباء لفترات طويلة قبل أن ينكشف أمره، سفاح المعمورة واحد من هؤلاء، محامٍ لم يكن مجرد مجرم عادي، بل شخصية معقدة تمتلك ذكاءً بارعًا وقدرة على المراوغة، مما جعله يتصدر عناوين الصحف، خاصة بعد كشف جرائمه المروعة التي هزت المجتمع.

تحقيقات تكشف أسرارًا صادمة

على مدار 20 ساعة من التحقيقات، وقفت النيابة العامة أمام شخصية غامضة، المتهم نصر الدين السيد، محامٍ يبلغ من العمر 51 عامًا، وقف شامخًا، متزنًا، يتناول الشاي ويردد آيات قرآنية وكأنه لم يرتكب شيئًا، لم يظهر عليه أي خوف من الإجراءات الأمنية المشددة التي تحيط به، بل كان يتحدث بثقة وكأنه في قاعة محكمة يدافع عن موكله، وليس متهمًا يواجه حكم الإعدام.

الأمر الأكثر إثارة للدهشة، أن هذا الرجل يتمتع بذاكرة حادة، يتذكر تفاصيل جرائمه بدقة مذهلة، يروي تواريخ وأوقات وأسماء، وحتى الملابس التي كانت ترتديها زوجته وضحيته الأخرى، مبتسمًا وهو يؤكد أن القتل لم يكن مخططًا له، بل أن "الظروف والقدر وضعهما في طريقه كأعداء".

من محامٍ إلى قاتل متسلسل

وُلد نصر الدين السيد في محافظة كفر الشيخ، ودرس القانون في كلية الحقوق، حيث تخرج عام 1995 بتقدير جيد جدًا، بعد التخرج، عمل في المحاماة، وسافر إلى الأردن والسعودية، قبل أن يعود إلى مصر ليكمل مسيرته المهنية، كان يتقن الحديث القانوني ويظهر كمحامٍ مدافع عن الحقوق، لكنه في الخفاء كان يخطط لجرائم دموية.

ارتكب أولى جرائمه بحق زوجته العرفية، التي تعرف عليها أثناء عمله، ونشأت بينهما علاقة انتهت بزواج غير رسمي، انتقلت معه إلى الإسكندرية وعاشت معه لسنوات في شقة بمنطقة العصافرة، لكنها كانت تغار عليه بشدة، وواجهته بعلاقات مشبوهة مع فتيات أخريات، مما أدى إلى خلافات متكررة، بلغت ذروتها حين طلبت منه تحويل زواجهما إلى رسمي والإنجاب، رفض ذلك بحجة أن "حياته غير مستقرة"، وفي ليلة مشؤومة نشب شجار عنيف بينهما انتهى بخنقها حتى فارقت الحياة.

إخفاء الجريمة ببراعة المحامي القاتل

بعد قتلها، واجه المتهم تحديًا في كيفية التخلص من الجثة دون إثارة الشكوك، قرر تنظيف الشقة، ووضع الجثة في تابوت خشبي طلب تصنيعه من أحد النجارين بحجة استخدامه لحفظ الكتب القانونية، ثم استأجر شقة جديدة في منطقة المعمورة البلد، واشترط أن تكون في الطابق الأرضي حتى يتمكن من تحويلها إلى "مكتب محاماة"، وفقًا لما أوهم به مالك العقار.

نقل أثاث الشقة، وكان التابوت ضمن المحتويات، ليبدأ مرحلة إخفاء الجثة، حيث قام بحفر حفرة داخل إحدى الغرف ودفن التابوت فيها، ثم أغلق المكان جيدًا، وكان يشعل البخور ويشغل القرآن الكريم لإخفاء أي روائح قد تكشف جريمته.

الضحية الثانية.. قتل من أجل المال

لم يتوقف نصر الدين عند هذه الجريمة، بل ارتكب جريمة أخرى بحق موكلته تركية عبد العزيز رمضان محمد، سيدة تبلغ من العمر 62 عامًا، كانت قد لجأت إليه لحل نزاع قانوني،استغل حاجتها للمساعدة، وتعمد خسارتها للقضية لمساومتها ماليًا، عندما رفضت الانصياع لمطالبه، قرر قتلها للحصول على أموالها.

استدرجها إلى مكتبه، ثم تخلص منها بدم بارد، ودفن جثتها بجوار جثة زوجته، لكنه لم يكتفِ بذلك، بل استولى على بطاقة الفيزا الخاصة بها، وطلب من إحدى صديقاته المقيمات معه في الشقة أن تسحب الأموال له شهريًا مقابل نسبة مادية.

اكتشاف الجرائم وافتضاح أمره

ظل المحامي القاتل يمارس حياته بشكل طبيعي، حتى حدث ما لم يكن في الحسبان، إحدى صديقاته التي كانت تقيم معه دخلت الغرفة التي حذرها من الاقتراب منها، لتجد آثار تكسير في البلاط، شكت في الأمر واتصلت بأحد معارفها، الذي قرر مواجهة المتهم. عند محاولة الأخير التعدي عليه بالضرب، تصاعدت الأزمة وأصبحت الأمور خارج سيطرته.

صرخات الفتاة دفعت صاحب العقار للتدخل، ومع تجمع الجيران تم إبلاغ الشرطة، عند مداهمة الشقة، تم اكتشاف التابوت المدفون، ليظهر للعالم جانب مرعب من حياة المحامي السفاح.

مفاجآت جديدة وجرائم محتملة

لم تتوقف التحقيقات عند هذا الحد، بل كشفت تحريات الأجهزة الأمنية أن المتهم كان يؤجر 18 شقة سكنية، بعضها تم تفتيشه، ليتم العثور على جثة أخرى لرجل يُدعى محمد إبراهيم، مهندس مدني، وحتى الآن، ينكر المتهم مسؤوليته عن مقتله، مؤكدًا أنه كان موكلًا لديه ثم اختفى في ظروف غامضة.

لكن المفاجأة الكبرى كانت في التحريات التي أشارت إلى أن المتهم كان يستأجر شققًا في دول عربية، مما يفتح الباب أمام احتمالية وجود جرائم أخرى لم تُكشف بعد.

قضية تهز الرأي العام

قضية سفاح المعمورة أصبحت محور اهتمام الإعلام والرأي العام في مصر، كيف لرجل درس القانون وأتقن تفاصيله أن يتحول إلى قاتل متسلسل؟ كيف استطاع أن يخدع الجميع طوال هذه السنوات؟ هل هناك ضحايا آخرون لم يُكشف عنهم بعد؟

كل هذه الأسئلة تظل محل تحقيقات مستمرة، في انتظار محاكمة قد تكون من أكثر المحاكمات إثارة في تاريخ الجريمة في مصر، بينما يبقى المجتمع مصدومًا من حقيقة المحامي الذي أصبح سفاحًا.