رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
المشرف العام
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شوري
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
المشرف العام
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شوري

نور

دونالد ترامب يملأ الدنيا صراخًا، ويهدد ويتوعد من يرفض مقترحه الخاص بتهجير الفلسطينيين من قطاع غزة إلى أى مكان آخر فى العالم، ويهذى رئيس الولايات المتحدة الأمريكية بكلام لا نعرف إن كان جادًا أم هزلًا!!
ترامب قال أمس الأول فى مقابلة مع شبكة فوكس نيوز، إن الفلسطينيين لن يكون لهم حق العودة، لأنهم سيحصلون على مساكن أفضل وأنا ملتزم بشراء وامتلاك غزة!
«ترامب» رأس الهرم فى الولايات المتحدة.. لم يقل لنا «من المالك ومن البائع ومن هو المشترى»؟!!
أولا- العلاقة التعاقدية هنا فيها خللٌ كبير وفيها انتهاك واضح للقانون الدولى ولمبدأ حق الشعوب فى تقرير المصير والتى وضعها الرئيس الامريكى الأسبق «توماس ويلسون» فى عام 1918، وفيها أيضًا انتهاك واضح لاتفاقية كامب ديفيد التى تتبوأ الولايات المتحدة فيها مكانة الراعى الرئيسي، ولكن ترامب قام بتحويل بلاده من راعٍ إلى طرف يريد الاستيلاء على الأرض التى كان يرعى عملية إعادتها لأصحابها.. وهذا تحول خطير فى الموقف الأمريكى سنتعامل معه بكل جدية.. فلا هزل فى ردود الأفعال الناتجة عن تصريحات الرؤساء وخاصة إذا كانت هذه الأحاديث مُنطلقة من لسان رئيس أقوى دولة فى العالم!!
ثانيًا– ترامب يقول إنه سوف يقوم بشراء غَزة! وهذه هى المرة الأولى– خلال القرنين العشرين والواحد والعشرين– التى نسمع فيها مقولة البيع والشراء للأوطان وتهجير السكان الأصليين منها جبرًا!! صحيح أن هذا الفعل قد حدث فى القرن قبل الماضى فى القارة الأمريكية الجديدة التى استولى عليها الأوروبيون وأنشأوا فيها عدة بلدان «متحضرة» على حساب سكانها الأصليين، ولكن فى العالم القديم، الشعوب تسكن أوطانها منذ قديم الأزل.. ولا يستطيع ترامب أو غيره انتزاعهم منها.. فلا الامبراطورية الرومانية ولا اليونانية ولا الفرنسية أو البريطانية نجحت فى ذلك.. ولا الولايات المتحدة ستتمكن من تنفيذ هذا الطرح المجنون.. فقد دفعت ثمنًا باهظًا فى فيتنام وبعدها فى أفغانستان.. واعتقد أن الشعب الأمريكى لن يسمح لهذا الطرح الأكثر جنونًا أن يجد طريقه للتنفيذ لأنه ضد المنطق والواقع، ولا هدف من ورائه سوى جنى مليارات الدولارات نتاج صفقات إعادة الإعمار وبيع المنتجعات كما يقول ترامب!
ثالثًا– البيع والشراء له أطراف «بائع ومشترٍ ووسيط» والبائع هنا– يجب ولا بد أن يكون– مالكًا للأرض أولًا، وأن يوافق على البيع ثانيًا، فإذا كان الفلسطينيون هم مُلاك الأرض فإنهم هنا طرفٌ غائبٌ عن الصفقة.. فهم المُلاك ويرفضون البيع لأنها أرض وطن وليست عقارًا أو منقولًا.. فهذه الأرض هى الهوية والأصل والجذور.. وليست «ترفًا» يتم بيعها لمن هو ليس «طرفًا» فى الصراع العربى الإسرائيلى.. ولكنه الراعى الذى طمع فى الشاه ويريد التهامها بعدما ترك الذئب يقوم بسلخها!!
رابعًا– ما علاقة إسرائيل بالصفقة–الوهمية– التى يطرحها ترامب؟.. إسرائيل هنا ليست مالكًا ولابائعًا ولا حتى مشتريًا.. بل لم تصل إلى درجة الوسيط.. هى مجرد سارق استولى على نصف الأرض وقام بضرب الصواريخ والطائرات على بيت المالك وقتل أولاده لكى يستولى على ما تبقى من أملاكه.. فهل ترامب- إذا افترضنا قانونية طرحه لعملية البيع والشراء- يريد تحويل السارق- إسرائيل- إلى بائع لمنحها المشروعية القانونية فى غَزة ومن ثم منحها الحق خلال المستقبل فى بيع أراضى سوريا وجنوب لبنان التى قامت بالاستيلاء عليها وبنفس الطريقة ولنفس المشترى، لتتحول الولايات المتحدة الأمريكية من قوة عظمى تبيع السياسة والسلاح.. وأدوات العلم والحضارة إلى «سمسار عقار مُرابٍ» يسيل لعابه أمام أية عملية بيع وشراء للبيوت حتى لو تم هدمها على ساكنيها أو كانت مُلطخة بالدماء!
خامسًا- الشعوب ليست عبيد إحسان السيد ترامب ولا إدارته التى يجب أن تقوم بدورها السياسى.. يجب أن تقول له- هذه الإدارة- إن مجرد إطلاقه للتصريحات بدون حساب سيؤدى إلى الإضرار بالمصالح الأمريكية فى المنطقة.. ويجب على مؤسسات الدولة الأمريكية العميقة أن تمنعه من هذا الجنون لأن عواقب هذه الصفقة- التى لن تتم- سيكون فادحًا للسياسة الأمريكية التى لن تستطيع طرح نفسها فى الشرق الأوسط كراعٍ للسلام بعدما تحولت إلى مُناصر ومُساند لطرفٍ على حساب آخر.. فصورة أمريكا الراعى الإقليمى أصبحت صورة ذئبٍ جديد طامع فى أراضى الضعفاء، بعدما صدعنا البيت الأبيض لسنوات طوال، بأنه راعٍ لمصالحهم المُهدرة، وأن هدفه الوحيد هو تحقيق السلام فى المنطقة ليعيش الجميع فى سلام!!
سادسًا- من قال للسيد ترامب إن شعوب المنطقة- قبل قادتها- ستصمت أمام هذه الهجمة أو الصفقة التى يخجل القراصنة من تنفيذها بهذه الفجاجة وهذه التفاصيل التى لا يطيق رائحتها كل من له علاقة بالسياسة والقانون، لأنها تجاوزت كل الحدود اللائقة فى التعامل السياسى والدبلوماسى.. فشعوبنا وقفت خلف قيادتها داعمة ومساندة.. وفى مصر قال الشعب كلمته: نحن وراء الرئيس والدولة المصرية للحفاظ على التراب الوطنى فى سيناء استنادًا إلى ترسيخ الأمن القومى.. واستكمال الدور التاريخى لمصر فى حل القضية الفلسطينية وهو الدور الذى لن نتخلى عنه مهما تعاقبت الأجيال.. فمصر القوية بشعبها وجيشها ورئيسها لن تقبل تنفيذ المخطط مهما كانت الضغوط ومهما كان الثمن!!
سنبقى داعمين للقيادة المصرية فى كل إجراءات حماية سيناء.. وغزة.. من صفقات السيد ترامب.. فلا مكان لصراع سياسى أو خلاف.. سنقف صفًا واحدًا لحماية الأرض من كل غاصب.