بدون رتوش
ستظل إسرائيل ذلك الكيان الغاصب الذى يعيش على القتل واستنزاف الآخرين. حالة من الجنون سكنت هذا النزق «نتنياهو» فتحوّل معها إلى مصّاص دماء، وباتت رياضته المفضلة الرقص على الأشلاء. يصور له خياله المريض أن الانتصار الأبدى سوف يتحقق له بعد ما ارتكبه ويرتكبه من جرائم وآثام حول معها الأرض الفلسطينية إلى مقابر متناثرة بعد أن حلت بها كارثة إنسانية غير مسبوقة حققها هذا الوغد عبر سفكه للدماء. ولقد استغل هذا النزق الدعم الأمريكى اللامحدود من أجل تحقيق أهدافه التى يلخصها فى إرساء شرق أوسط جديد، معتمدا فى ذلك على الركيزة الأساسية وهى الولايات المتحدة الأمريكية الداعم الأكبر له، وعليه فلو توقف الدعم الأمريكى لتوقف العدوان الإسرائيلى خلال أقل من شهر. ذلك أن هذا الدعم هو العنصر الأساسى فى اجتراء نتنياهو على الحق واستمراره فى شن العدوان.
كان «نتنياهو» قد تعهد فى أعقاب الهجوم الذى شنته حركة حماس فى السابع من أكتوبر بشن عملية عسكرية تنتهى بتحرير المحتجزين الإسرائيليين، وإعادتهم، والقضاء على حركة حماس. فى المقابل جرى تدمير واسع لقطاع غزة ليسقط خلاله عشرات الآلاف من القتلى والضحايا الفلسطينيين، ليصل عدد القتلى منذ بدء حرب غزة فى السابع من أكتوبر الماضى وحتى الآن إلى ما يزيد على 42 ألف قتيل، وعدد الإصابات إلى نحو 98 ألف مصاب غالبيتهم من الأطفال والنساء. وفى معرض التعليق قال رئيس لجنة التوثيق والمتابعة بالدفاع المدنى فى غزة إن أكثر من 500 أسرة فى قطاع غزة مُحيت تماما من السجلات المدنية بعد قتل جميع أفرادها.
ولقد أدى تفاقم الأحداث إلى نزوح نحو المليون وتسعمائة ألف فلسطينى. وغدا جميع السكان الباقين فى القطاع فى حاجة إلى المساعدة. إنها الحرب التى خلقت المزيد من الآلام والمعاناة. ولقد أصبحت هذه الحرب بعد مرور عام على اندلاعها كابوسا لا نهاية له كما قال المفوض العام لوكالة «الأونروا»، وشدد على أن قطاع غزة بات مكانا غير صالح للعيش حيث يواجه سكان القطاع الأمراض والموت والجوع. كما أن القمامة ومياه الصرف الصحى تملأ الشوارع. هذا فضلا عن أن السكان باتوا محاصرين من جراء هذه الظروف فى 10% فقط من الأرض، وتنقلوا على مدار عام بحثا عن الأمان الذى لم يجدوه. لقد لحقت الأضرار بنحو ثلثى إجمالى المبانى فى القطاع، وبدت غزة غارقة فى الذخائر والمتفجرات، وبدا أن تطهيرها من الذخائر غير المتفجرة قد يستغرق أربعة عشر عاما حيث أن الحرب خلفت نحو 37 مليون طن من الركام.
كذلك تضرر القطاع الصحى فى غزة بشكل كبير، إذ تسببت الحرب فى خروج غالبية مستشفيات القطاع عن الخدمة، ليظل من بقى فى الخدمة يعمل بقدرات محدودة وتحت ظروف قاسية للغاية وسط نقص حاد فى الأدوية والمعدات الطبية. وهو ما حدا بوكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشئون الإنسانية «مارتن غريفيث» إلى أن يقول فى يونيو الماضى: (بأن القصف الإسرائيلى على غزة منذ السابع من أكتوبر حول القطاع الفقير الخاضع لحصار إلى جحيم على الأرض)، ويضيف قائلا: (الغريب أن يستمر تدفق السلاح من الولايات المتحدة ودول أخرى على إسرائيل رغم التأثير المروع للحرب على المدنيين فى غزة)، مشيرا إلى أن الكثير من العاملين فى المجال الإنسانى والأمم المتحدة قد نالوا حتفهم.
وتقول الأمم المتحدة إن حجم الدمار فى القطاع كبير لدرجة أن عمليات إعادة الإعمار قد يتطلب عقودا من الزمن وعشرات المليارات من الدولارات. وأشار برنامج الأمم المتحدة الإنمائى إلى أن القطاع يحتاج إلى نحو ثمانين عاما لاستعادة جميع وحدات الإسكان المدمرة بالكامل، ليظل الوضع الإنسانى فى حالة يرثى لها. وعليه نتساءل: ترى من يتحمل مسئولية الدمار الكبير الذى ألمّ بالقطاع؟ أخذا فى الاعتبار أن الدول الكبرى تتحمل جزءا من المسئولية فيما لحق بالقطاع.