أبو الغيط يلقي باللوم على شلل الأمم المتحدة ويدعو لمحاسبة إسرائيل
مع تزايد المخاوف من تصاعد الأزمات في المنطقة العربية، فبين الحرب الدائرة في غزة ولبنان والوضع المتأزم في السودان واليمن، ألقى أحمد أبو الغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية، كلمةً حادة اللهجة أمام الأمم المتحدة، حذر فيها من تصاعد العنف في المنطقة العربية وتداعياته الكارثية، مُشيرا إلى أن استمرار العدوان الإسرائيلي دون رادع يُهدد بتحول الصراع إلى حرب إقليمية واسعة النطاق.
و أشار أبو الغيط إلى تدهور الأوضاع الإنسانية في السودان واليمن، مُلقيًا باللوم على غياب الحلول السياسية و تراجع دور الأمم المتحدة في الوساطة. جاءت كلمته لتُمثل نداءً عاجلاً للمجتمع الدولي للتدخل الفوري لمنع وقوع كارثة إنسانية، ومحاسبة قادة إسرائيل على جرائمهم السابقة ومنعهم من التوسع في إشعال حرب إقليمية.
جاء ذلك خلال كلمة ألقاها أمام الدكتور روبرت جولوب، رئيس وزراء جمهورية سلوفينيا، و السكرتير العام أنطونيو جوتيريش. وقال أبو الغيط بحسم:" أن مجلس الأمم المتحدة أمام مهمة تاريخية ، المنطقة العربية قد تشتعل لسنوات إن ترك قادة الاحتلال الإسرائيلي من غير حساب، ومن دون أي ضغط حقيقي يوقف اندفاعاتهم المتهورة لتحقيق مصالحهم السياسية الداخلية على حساب الشعوب"
وقال أبو الغيط " هذه الفترة تعكس أزمة الثقة الكبيرة التي يعاني منها النظام الدولي متعدد الأطراف في الأمم المتحدة، فشهدنا حالة تشبه الشلل والعجز الكامل في التعامل مع نزاعات خطيرة، كانت لها كلفة إنسانية هائلة، وتبعات تتجاوز المنطقة العربية إلى ما وراءها .
وتابع :" أن مصداقية هذا المجلس على المحك، وليس هناك حدث في عالمنا يُمثل تهديداً للأمن والسلم الدوليين أخطر مما نواجهه اليوم في فلسطين ولبنان، وليست جريمة في حق القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني أفدح مما نشهده اليوم في فلسطين ولبنان.
أعرب أبو الغيط عن قلقه البالغ إزاء تصاعد العنف الإسرائيلي في قطاع غزة، الضفة الغربية، ولبنان، مُشدداً على أن استمرار هذه الاعتداءات دون محاسبة يُشكل تهديداً خطيراً للسلم والأمن الإقليميين. وقال أبو الغيط: "منطقتنا تقف في مفترق طرق خطير... فإما أن يتوقف هذا التصعيد الإجرامي الذي تمارسه إسرائيل... وإما ستتسع دائرة النار والدمار... وتخرج الأمور عن السيطرة."
وأكد الأمين العام ان الصراع لم يبدأ في 7 أكتوبر ، كما تريد إسرائيل أن تقنع العالم، و 7 أكتوبر لم يحدث في فراغ كما قال بحق السكرتير العام للمنظمة الأممية ، وكما عبر بوضوح الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية الصادر في 19 يوليو الماضي، مناشدا بضرورة أن يرتفع صوت هذا المجلس ليس دفاعاً فقط عن الفلسطينيين واللبنانيين الذين يفقدون أرواحهم يومياً من الأطفال والنساء والمدنيين، ولكن دفاعاً عن كل معنى تمثله هذه المنظمة الأممية وتحتضنه وتصونه، وعن نظام الأمن الجماعي الذي يمثل جوهر وجودها وأساس عملها ورسالتها.
وأوضح أبو الغيط أن لا أحد في المنطقة العربية يريد حرباً إقليمية، مُشيراً إلى أن العنف المفرط وقتل المدنيين لن يحل الأزمة ولن يحقق الأمن لأحد. وطالب أبو الغيط بمعالجة السبب الجذري للصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وهو عدم حصول الفلسطينيين على دولة مستقلة. وقال: "لا حل للصراع الفلسطيني الإسرائيلي سوى بمعالجة سببه الأصلي، وهو عدم حصول الفلسطينيين على دولة مستقلة تحقق آمالهم وتطلعاتهم في الاستقلال وتقرير المصير.. الاحتلال هو أصل المشكلة... تفكيك الاحتلال هو بداية الحل."
و انتقد أبو الغيط غياب دور الأمم المتحدة الفعال في حل النزاعات في المنطقة، مُشيراً إلى الأزمات الإنسانية الكارثية في السودان واليمن. ودعا إلى بث روح جديدة في عمل المبعوثين الأممين، والتعاون مع الجامعة العربية لإيجاد حلول سياسية فعّالة. وقال: "إن التبعات الإنسانية الخطيرة لهذه النزاعات ليست سوى انعكاس لغياب الحل السياسي وإصرار الأطراف على المواقف القصوى."
وأكد أن السودان واليمن يعاني من أزمات إنسانية هي الأخطر في العالم، نتيجة لحروب مشتعلة وصراعات ممتدة ، وذلك وسط تراجع دور الأمم المتحدة في الوساطة والخروج بالحلول السياسية الضرورية، وأن الشعوب هى التي تتحمل العبء الأكبر وتدفع ثمن استمرار النزاعات من دماء أبنائها ومستقبلهم.
اختتم أبو الغيط كلمته بالتأكيد على أن هذه اللحظة تستدعي الانتباه، مُحذراً من ضياع فرصة نادرة لوقف الانزلاق نحو كارثة لن تقف عند حدود المنطقة العربية. وطالب مجلس الأمن الدولي بالتحرك الفوري لوقف العدوان الإسرائيلي وحل النزاعات في المنطقة عبر الوسائل السلمية.
تحذيرات عربية روسية
وعلى هامش الاجتماع ، تعقد جامعة الدول العربية بلقاءات مكثفة مع مسؤولين دوليين ، لا سيما لقاء الأمين العام أحمد أبو الغيط مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، ومشاركة الأمين العام المساعد حسام زكي في اجتماعات الأمم المتحدة بشأن السودان. يُسلط الضوء على التحديات الجمة التي تواجهها هذه الجهود، والتي تتطلب تعاوناً دولياً عاجلاً لمنع تفاقم الأوضاع الإنسانية والأمنية في كلا البلدين.
أطلع أبو الغيط لافروف على جهود المجموعة الوزارية العربية الإسلامية المعنية بالحرب على غزة، والتي تهدف إلى وقف فوري ودائم لإطلاق النار، وتطبيق حل الدولتين. كما ناقش الجانبان سبل تعزيز العلاقات العربية الروسية، في إطار التعاون القائم بين الجانبين، والتي يُتوقع أن تتوج بعقد قمة عربية روسية قريباً. كما استمع أبو الغيط لرؤية لافروف حول تطورات الحرب في أوكرانيا، معرباً عن تطلعه إلى التوصل إلى تسوية سياسية لهذا النزاع.
كما التقى أبو الغيط برئيس المجلس الرئاسي الليبي ووزيرة خارجية سلوفينيا، حيث ناقشوا القضايا الإقليمية والدولية ، وأعرب عن أمله في أن تلعب سلوفينيا دورًا داعمًا للقضايا العربية خلال فترة رئاستها، خاصة في ظل التحديات التي تواجه المنطقة بسبب العدوان الإسرائيلي المستمر. كما ناقش الطرفان سبل تعزيز التعاون لدعم القضية الفلسطينية.
وفي سياقٍ متصل، شارك السفير حسام زكي، الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، في اجتماعاتٍ على هامش الدورة 79 للجمعية العامة للأمم المتحدة بشأن السودان. شارك زكي في اجتماعٍ حول الاستجابة الإنسانية في السودان، مؤكداً على الوضع الإنساني المتدهور، وتهديدات المجاعة، وانعدام الأمن الغذائي، وندرة الأدوية المنقذة للحياة. وطالب زكي بدعمٍ مالي عاجل لتمويل خططٍ منسقة لتوريد المساعدات الغذائية، واستعادة سبل العيش، وإنقاذ الموسم الزراعي.
كما شارك زكي في اجتماعٍ رفيع المستوى حول دعم السلام في السودان، مؤكداً على ضرورة الحفاظ على مؤسسات الدولة السودانية، وإنشاء آلياتٍ لمراقبة وقف إطلاق النار، وحماية المدنيين، ومنع تدفق الأسلحة. وأعرب زكي عن استعداد جامعة الدول العربية للتنسيق والتعاون من أجل إنهاء حالة الحرب الأهلية، وصون مؤسسات البلاد، ودعم استعادة السلام والأمن في السودان