رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

موضوع جد مهم، يثير شجون كل من هو مهموم بقضايا وطنه ومستقبله أبنائه، بل قد يشعرهم بالقلق خاصة عندما يعقد مقارنة بين جيله والأجيال الحالية بل يظل يضرب أخماسًا فى أسداس، ما الذى حدث، ما الذى أصاب مجتمعنا، ما هذا الانهيار والتدنى القيمى، هل أصبحنا فى زمان اختلط فيه الحابل بالنابل، الباطل بات حقا والحق أصبح باطلا.
وقد لا يهتم اللامبالون أصحاب نزعة (ألونامالية)، وأقول لهؤلاء ومن شايعهم حتما سيأتى عليكم الدور وستتجرعون نتيجة لامبالاتكم كئوسا من العلقم.
الغش ظاهرة تفشت فى مجتمعنا بصورة فجة فى الآونة الأخيرة، فى مدارسنا، فى جامعاتنا، فى أعمالنا، فى كل أمور حياتنا.
ظنا من أن من يفعل ذلك يكون فهلويًا، مقطع السمكة وذيلها وشاطر، ضحك على المراقب فى اللجان، ضحك على المشترى وقت الشراء، إذا كان تاجرا والعكس.
ضحك على رئيسه فى العمل.
والأغرب من ذلك أننا نجد الغشاش الذى ينجح بالغش فى الامتحانات، تقام له الأفراح والاحتفالات، سبحان الله، أهله اشتروا له سماعة أذن ليغش بها فى الامتحان وينجح بالغش ويعلمون ذلك ويحتفلون بنجاحه، أى خداع للذات هذا، أما يعلمون هؤلاء أنهم سرقوا مجهود زملائهم وقد يأخذون أماكنهم فى الجامعات نتيجة مجموع كبير يحصلون عليه بالغش (ألا يظن أولئك أنهم مبعوثون ليوم عظيم، يوم يقوم الناس لرب العالمين) فماذا ستقولون لله تعالى وأنتم وقوف بين يديه وصحائفكم مكتوب فيها غشاشون، وقد يرد عليك متنطع من هؤلاء فيقول، ربنا غفور رحيم، نعم إلا فى ظلم العباد لبعضهم البعض، فدعوة المظلوم الذى ستأخذ مكانه فى الجامعة ليس بينها وبين الله حجاب، وبعدما تدخل كلية الطب أو الصيدلية أو الهندسة ماذا ستفعل، حتى وإن استطاعت التخرج بالغش فماذا ستقدم للمجتمع، طبيب فاشل أو مهندس مارق ستتفنون فى ابتكار الحيل للغش والسرقة أيضا.
والأدهى والأمر من ذلك من يساعد على الغش فقد رأينا بأم أعيننا من يغشش الطلاب من خارج اللجان، وأمسكنا بملاحظين من داخل اللجان يسهلون الغش للطلاب والحجة، (معلش زى ولادنا، عشان نلاقى من يسهل لأولادنا، هما هيتخرجوا هيعملوا إيه)، أقول لكل هؤلاء وأولئك، كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، أنتم تشاركون فى جريمة عظمى مكتملة الأركان، تساهمون بقصد أو عن غير قصد فى تدمير أجيال كاملة، انظروا إلى قوارع الطرقات، انظروا إلى انتشار الرذيلة، انظروا إلى كل صنوف البلطجة، انظروا إلى تطاول الطلاب على أساتذتهم فى الجامعات.
والأدهى والأمر من ذلك أن تحدث هذه الأمور داخل اللجان على مرأى ومسمع من بعض المسؤولين، لماذا لأن فى اللجنة ابن الباشا فلان، وابنة سيادة (بارم ديله).
وأبناء الفقراء أين موقعهم من الإعراب، لا موقع لهم، لا مكان لهم، لا يوضعون فى جملة مفيدة، يأخذ مكانهم هؤلاء الغشاشون.
فبدلا من هذه الأمور اهتموا بأبنائكم وعلموهم وربوهم على الفضيلة، علموهم أن لا يأخذوا حقوق غيرهم، علموهم الشرف والأمانة والفضائل الأخلاقية، علموهم أن الشرائع جميعا نهت عن الغش والسرقة والتزوير، علموهم حديث النبى صل الله عليه وسلم، من غشنا فليس منا، علموهم حديث النبى والله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطع محمد يدها، ربوهم على كتاب الله (والسارق والسارقة قاطعوا أيديهما)، لماذا لأن الذى يغش فى صغره سيكون لصا فى كبره حتى لو اعتلى أرفع المناصب.
اجعلوا قدوتهم صحابة النبى صل الله عليه، فهل أتاكم نبأ الفاروق عمر بن الخطاب، عندما كان يتفقد الرعية بالليل فى شوارع المدينة المنورة، وسمع إمرأة تطلب من ابنتها أن تخلط اللبن بالماء، ماذا كان رد ابنتها، حتى إذا لم يكن يرانا أمير المؤمنين عمر، فرب أمير المؤمنين يرانا، من أنجبت هذه السيادة بعدما زوجها ابن الخطاب لابنه، أنجبت خليفة المسلمين عمر بن عبدالعزيز الخليفة الذى رعت الذئاب الأغنام فى عهده، كل هذا لماذا، لأنهم تربوا على محاسن الأخلاق، نشأوا على الفصائل ومكارم الأخلاق، درسوا فى مدرسة محمد صل الله عليه وسلم المكتوب على بابها، تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدى أبدا، كتاب الله وسنتى. والمكتوب على أبوابها، إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق.
فهل ستحقق مكارم الأخلاق بالغش والتزوير والسرقات، هل ستتحقق بالفهلوة وغش بعضنا البعض.
فمن وجد فى نفسه خصلة من هذه الخصال السيئة الرديئة فليدعها حسبة لله تعالى قبل فوات الأوان.
استوقفت طالبا فى الثانوية العامة، وسألته ماذا فعلت يا بنى فى الامتحانات، قال الحمدلله كانت اللجنة حلوة وخفيفة، ظننت أن الامتحان كان سهلا، قال المراقبون تركونا نغش بالسماعات.
فعلا بنى الحمد لله الذى لا يحمد على مكروه سواه.
فما فعلوه بكم وأهاليكم ومن عاونهم وشايعهم هو عين المنكر، بل رأس المناكير الموبقات المهلكات.
على الدولة بكآفة أجهزتها الرقابية التصدى لهذه الخروقات الرهيبة التى لا أقول تضرب العملية التعليمية فى صميمها بل تدمر كل المجتمع، فنحن نحاول أن نسعى إلى الأمام، لا أن نعود القهقرى إلى الخلف.

أستاذ ورئيس قسم الفلسفة بآداب حلوان.