فى مرحلة الدراسة فى الجامعة بكلية الآداب بالمنيا.. درس لنا أ.د. عبدالهادى الجوهرى (رحمه الله) بقسم علم الاجتماع..درس لنا الفلسفة السياسية.. وكنت أحب الدكتور عبدالهادى لأن له طريقة متميزة وبسيطة فى الشرح.. وكنت أحرص على حضور محاضراته وكانت قليلة لأنه كان فى سفر دائم هنا وهناك وحضور كذا وكذا.. أذكر مما قاله وعلق بذهنى آنذاك وإلى الآن.. أن السياسة لعبة قذرة..لا مبادئ..لا أخلاق.. لا قيم.. لا صداقة تدوم.. لا عداوة تدوم.. المصالح هى الدائمة. وعندما تحكم على الأمور ضع فى الاعتبار أن الذى يحكم من يجلس على الكرسى هو المصلحة سواء كانت ذاتية أو غير ذاتية.. المهم المصلحة.. لا غير.. والقوة هى التى تقرر كل شىء.. بمقدار قوتك بمقدار ما تتحدد مصالحك.. والضعف وانعدام القوة بكل صورها هو الذى يجعلك تعانى.. وتظل تعانى طيلة العمر.. وهكذا هى الدول.. بمقدار قوتك تتحدد مكانتك وسط الجميع.. والكل لا يعطى أى قيمة إلا للأقوياء ومصالح الأقوياء.. وهناك تآمرات وتحالفات بين الدول.. وقد تكون مؤامرات خسيسة.. نعم كل شىء ممكن.. وكله وارد.. والإجابة الوحيدة التى تجدها معلنة ومعروفة.. المصلحة يا عزيزى.. كل شىء يهون فى سبيل المصالح.. المصلحة هى سيدة الموقف.. والجماهير الغوغائية دوما تعيش فى حالة من التجهيل.. الجماهير هى القطيع الذى يتم استثماره وتوجيهه كيفما شاءت المصلحة حتى ولو تم إعدامهم.. الأمر لا يهم.. من يجلس على العرش يضحى بكل شىء فى سبيل مصلحته ومصلحة حاشيته وتابعيه. لذلك شعرت ساعتها وإلى الآن أن السياسة مسالة غير أخلاقية وغير إنسانية.. وإذا أردت أن تدخل ذلك العالم عليك أن تتسلح بكل أسلحة النفاق والمراوغة والخديعة.. أيضًا.. أن ما يقال وما يعلن غير الحقيقة بالمرة.. ما يعلن هو للاستهلاك المحلى أو الاستهلاك الإعلامى.. مجرد كلام وثرثرة.. حاول أن تتأمل المتحدث الرسمى لكذا أو كذا مثلًا: ستجده يتكلم ويتكلم ولكن ما الجدوى وما الذى يمكن أن تخرج به من هذا الحديث؟ لا شىء.. فتجده يقول لك وقد نبهنا وحذرنا وأشرنا، ونحن نتفهم الموقف لذلك ندعو إلى أن يكون الأمر غير الذى هو فيه الآن.. ونأمل ألا يطول الموقف أكثر من ذلك.. وعلى كل الأطراف أن تضع الأمر فى الاعتبار وتتصرف بشكل يخدم القضية والمصالح المشتركة.. وتتأمل مثل هذا القول تجده كلام هواء لا معنى له ولا يدل على شىء ورغم اهتمام وسائل الإعلام بذلك الحديث الصحفى المهم.. لكن ما الذى وصلنا إليه؟ لا شىء على الإطلاق.. كلام وكلام وكلام.. وكله كلام فى الهواء وتجد أن الموقف كله على الأرض لا جديد فيه ولا تغيير رغم كل الأحاديث والاجتماعات.
أستاذ الفلسفة وعلم الجمال
أكاديمية الفنون