عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

السهر حتى صباح العيد فى انتظار العودة

أسعار البنزين تحرم «الكادحين» من «لمة العيد»

بوابة الوفد الإلكترونية

حتى الساعات الأخيرة قبل استقبال عيد الفطر المبارك.. يحاول المغتربون فى العاصمة تدبير أمرهم للسفر إلى مسقط رأسهم فى المحافظات حيث «لمة الأسرة» وفرحة العيد، إلا أن ارتفاع أسعار البنزين وما ترتب عليه من ارتفاع أجرة المواصلات كانت سببًا فى حرمان بعضهم من رؤية أسرهم فى العيد.

عذاب يعيش فيه عدد كبير من العمال الكادحين الذين جاءوا إلى القاهرة بحثا عن لقمة العيش، حيرة كبيرة: يسافرون لرؤية أسرهم ويفقدون جزءا كبيرا مما حصلوا عليه من أموال طوال فترة عملهم فى الشهور الماضية، أم يقضون العيد بمفردهم فى العاصمة، حيث لا فرحة ولا لمة.

كثيرون وجدوا أنفسهم محاصرين بجشع السائقين الذين رفعوا قيمة الأجرة بشكل مبالغ فيه، مستغلين إقبال عدد كبير من الطلبة والعاملين فى القاهرة على السفر إلى محافظاتهم لقضاء إجازة العيد مع ذويهم.

«الوفد» قامت بجولة فى موقف المنيب للأقاليم حتى الساعات الأولى من صباح أول أيام عد الفطر المبارك والمرج الجديدة، ورصدنا حكايات المسافرين، وغيرهم ممن ينظرون إليهم بحسرة لعجزهم عن السفر.

انزوى عم جلال فى أحد أركان موقف المنيب، منتظرا اكتمال السيارة الميكروباص بالمسافرين إلى محافظة أسيوط، اقتربنا منه لنجد الحزن يخيم على ملامح وجهه، وبسؤاله عن سبب الضيق رد قائلًا: «اللى اشتغلت بيه الشهرين اللى فاتوا السواقين هنا خدوه، خدوا تعبى وشقايا».

يشير صاحب الأربعين عامًا والذى يعمل فى تركيب السراميك، إلى أنه مع ارتفاع سعر البنزين وارتفاع أجرة السفر أصبح التوفير من النفقات أمرا شبه مستحيل، خاصة أن العمل فى شهر رمضان قليل جدًا، مؤكدا: «اليوم اللى بنشتغله فى الأيام العادية يفوق ساعات عمل أسبوع كامل فى رمضان».. مضيفا أنه مجبر على السفر كغيره من المغتربين لرؤية الأسرة فى العيد خاصة وأنه تركهم منذ ثلاثة أشهر، ويتابع: «اشتريت لأولادى لبس العيد على قد ما قدرت ولازم أشوفه عليهم» مستطردا: «هو إحنا بنشقى ليه مش علشان نكون وسط عيالنا ونفرحهم بيوم زى ده».

التقط أطراف الحديث غدير السيد، شاب ثلاثيني، يعمل باليومية فى الخرسانة، ويقول إن جميع أيام عمله يقضيها فى الشيخ زايد أو أكتوبر أو الشروق، ويظل بالأشهر بعيدًا عن أسرته لسد احتياجاتهم.

بصوت غاضب يقول «غدير» إنّ الحياة ومتطلباتها أصبحت عبئًا كبيرًا على الجميع، والعمال يتنافسون خلال أيام العمل وقد يتصارعون على اليومية، وأسبقية الذهاب للمقاول، ويشير إلى أنّ السفر للمحافظات أمر ضرورى لكثير من المغتربين حتى وإن ارتفعت الأجرة أضعاف الأضعاف.

الحال يختلف كثيرًا للعاملين الذين لم يحالفهم الحظ فى العمل خلال شهر رمضان، وظلوا يبحثون عن اليومية لأيام طويلة، فلم يكن معهم المال الكافى للسفر إلى بلدانهم مرة أخرى.

وخلال جولتها فى موقف المرج الجديدة، رصدنا بعض عمال اليومية ينظرون إلى المسافرين بحسرة شديدة، عيون غائرة تملأها دموع اللهفة والاشتياق للأسرة وعجزهم عن السفر ورؤيتهم بسبب ظروفهم المالية الصعبة.

«كان نفسى أبقى وسط عيالى فى العيد لكن مينفعش أنزل وأنا مفلس».. قالها بحسرة شديدة عبدالعال حمدي، عامل بناء من محافظة سوهاج، جاء للقاهرة للعمل فى مدينة 6 أكتوبر مع مقاول من نفس بلدته، ويشير إلى أنّ شهر رمضان لم يعمل به سوى 4 أيام، وما حصل عليه لم يكف مصاريفه الشخصية، وبالتالى عجز عن شراء ملابس العيد أو إرسال مال لأسرته.

يشير حمدى إلى أن زيادة سعر البنزين كانت سببًا كبيرًا فى حرمانه من السفر وعجزه عن دفع فارق الأجرة خاصة وأن ما حصل عليه من العمل لا يكفى لمواجهة كل هذه الزيادات فى الأسعار.

الحال لا يختلف كثيرًا عن كمال شكري، الذى يعمل مساعد صنايعى سيراميك، والذى قال إن المنافسة على العمل فى رمضان كانت كبيرة، فعدد العمال كبير وفرص العمل المتوفرة قليلة جدًا، ويتابع: «الشغل فيه شللية.. يعنى لما يكون قليل أوى كل صنايعى بياخد حبايبه فقط مش أى حد تاني».

5 أيام هى إجمالى حصيلة «شكري» من العمل خلال شهر رمضان، بقيمة لا تتجاوز الـ1000 جنيه، فكيف تكفى احتياجاته الخاصة من إيجار وأكل وشرب وغيرها من التزاماته الشخصية، فضلًا عن التزامات الأسرة من مأكل وملبس والتزامات العيد.

التقط أطراف الحديث عوض موافي، الذى لم يحالفه الحظ فى العمل خلال شهر رمضان سوى 10 أيام فقط، بإجمالى حوالى 2000 جنيه، وقال: «أنا أب لـ 3 أبناء فى الإعدادية.. 2000 جنيه يعملوا إيه ولا إيه؟».

وبشأن نظام «الشللية» فى العمل بين الصنايعية، رد موافى قائلًا إن ذلك صحيح وكثيرًا من الصنايعية يعتمدون على أناس بعينهم دائما دون غيرهم خاصة حينما يقل المعروض من العمل.

وتابع: «بصراحة بيكون عنده حق برضو.. مهو الصنايعى بيكون معاه قريبه.. وده بيكون الأولى للعمل معه من الغريب»، يشير العامل إلى أنّ كثيرا ما تحدث مشاجرات بين العمال والمقاولين الذين يختارون صنايعية بعينهم ويكون لهم العمالة الخاصة بهم.

يستكمل محرر الوفد جولته ليرصد أجواء المحرومين من لقاء العائلة فى العيد، ووجدنا عثمان شاكر، شاب ثلاثيني، جالسا فى سكون، ينظر بحسرة شديدة للمسافرين، شارد الذهن يتصور فى أحلام اليقظة تواجده وسط زوجته وأطفاله الثلاثة يقدم لهم ملابس العيد، والعيدية، يستعيد قوته من ابتسامتهم ونظراتهم له بالفرحة.

مشاهد الفرحة تحولت لكابوس حينما اسيتقظ الشاب من غفلته ليجد نفسه ممنوعا من السفر بسبب عجزه المادى وعدم قدرته على توفير متطلبات أسرته وقال بحزن شديد: «وجودى هنا بمفردى أهون عليا من وجودى وسطهم وأنا مش مفرحهم».