رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

على فكرة

لم أكن وحدى من خرج بهذا الانطباع بعد الاستماع إلى خطاب الرئيس السيسى عقب أدائه اليمين الدستورية الثلاثاء الماضى لفترة رئاسية جديدة. كثيرون غيرى لاحظوا أن الرئيس لم يكن سعيدا، وتخلى عن عادته فى الخروج على النص المكتوب، ومداعبة مستمعيه ومحاولة الاشتباك مع مخاوفهم وقلقهم وآمالهم. عن نفسى لاحظت دموعا فى عينيه وهو ينهى خطابه، فإذا لم تكن، فالعتب يكون على النظر. بعيدا عن التحليلات التى انطلقت لكى تفسر الحالة، وليس ما جاء بالخطاب، وعن الخيال الخصب الذى رافق تلك التحليلات وحجم المخاوف التى أثارتها ومدى التمنيات التى تضحدها، فإن أوضحها تفسير، ولا يحتاج إلى أية تخمينات، أن الأعباء التى يحملها رئيس الجمهورية تنوء بحملها الجبال، والضغوط التى فُرضت عليه، والتحديات التى تواجه البلاد داخليا وإقليميا ودوليا ربما تكون غير مسبوقة، وقد لا يكون المعروف والمعلن منها هو الحقيقة الكاملة، ولكن المؤكد أن ما هو معلن يكفى ويزيد لكى يكون مدلول كلمة السعادة وكل مترادفاتها غائبا عن تلك اللحظات.
فى التاريخ المصرى، الذى أعود إليه كثيرا فى تلك اللحظات شديدة البأس والظلمة والسواد بحثا عن العون والعبر، أن سعد زغلول الذى قاد ثورة 1919 التى استهدفت تحقيق الاستقلال الوطنى، وإرساء قواعد الحياة النيابية والدستورية وربط بينهما كهدف رئيسى للثورة، لم يكن مفكرا سياسيا، لكنه كما وصفه المستشار «طارق البشرى «فى كتابه «شخصيات تاريخية» رجل دولة، يعبر عن سياساته من خلال المواقف العملية والقضايا الجزئية، وهو يتخذ المواقف السياسية وفقًا للوقائع التى تحيط به، وهو يتصلب فى المطالبة بها، لأنه يستلهم صلابته من صلابة الحركة الشعبية ومدى ثقتها فى احتضانه لمطالبها، والتعبير عن أهدافها، ولهذا أصبح زعيما لها. لم يفرض «سعد زغلول» زعامته على الثورة وعلى الشعب، ولكن الأخيرهو من اختار بمحض إرادته سعدا زعيما لثورته.
لم يستكن «سعد زغلول «لتلك الثقة، لكنه عززها بما اكتسبه من تجارب وبما يحمله من مؤهلات حين انفتح على الحركة الشعبية واستوعب تطلعاتها وأشواقها للحرية وللاستقلال الوطنى والعدل الاجتماعى، وهى نفس الأهداف التى صاغتها التيارات الوطنية والديمقراطية المختلفة ،وبات بحكمته يبلورها ويعبر عنها تعبيرا واضحا لا لبس فيه، فى خطبه ومفاوضاته مع حكومات الاحتلال البريطانى، وفى رده وتفنيده لحجج معارضيه، وسعيه لوضع تلك الأهداف موضع التنفيذ حين تولى رئاسة الوزراة بعد أن نجحت بزعامته الثورة.
لكل هذه الأسباب ولغيرها ،منحه الشعب الثقة فى أول وزارة يشكلها بعد قيام الثورة ،حين حاز حزب الوفد على 90% من مقاعد البرلمان.وكان ذلك ترجمة لما وصفه به طارق البشرى «لا يتراخى تراخيا تسبقه به الجماهير، أوإحدى كتلها الواسعة. ولا «يقفز بعيدا بما يقطع أواصر ارتباطه بها. لهذا لم يكن قبول الجماهير بزعامته ومحبتها له، سوى تعبيرعن الاختيار الحر، لم تفرضه عليها ضغوط إدارية أو نفوذ مادى.
استدعى تلك الخبرة التاريخية ومصر تدخل خلال السنوات الست القادمة بقيادة الرئيس السيسى مرحلة حساسة وصعبة تتطلب كما قال الرئيس فى خطابه مشاركة وتماسك الكتلة الوطنية ، لكى تتجاوز مصر العقبات التى تعترض تنفيذ برنامجه الرئاسى.لكن المؤكد أن ذلك لن يكون ممكنا مع استمرار السياسات القائمة التى قادت لأزمات اقتصادية واجتماعية طاحنة أفقدت الماطنين الثقة فى الحاضر والمستقبل. فهل يمكن أن تتماسك الكتلة الوطنية والمواطن لا يستطيع أن يوازن بين دخله واحتياجات الحياة المعيشية التى تتدهور يوما بعد آخر بفعل انهيار قيمة العملة الوطنية ؟ أليس مما يدعو إلى الدهشة أن ندعو للتماسك الوطنى والحبس الاحتياطى دون سقف مازال مستمرا، ويخضع لظروف الملاءمة السياسية، أكثر مما يخضع لحكم القانون ؟وكيف يمكن أن يسود التماسك الوطنى وكل فرد فى المجتمع يعلم علم التجربة والمعاينة أن مجريات حياته واحتياجات أبنائه ،لا تمضى بيسر ولاتمر دون خليط هائل من الرشوة والفساد وانعدام الضمائر والذمم فى أوساط بعض من ينيط بهم القانون تنفيذه؟ كيف يحافظ المجتمع على تماسكه وأجهزة أعلامه لا هم لها سوى تبرير سياسات لا تعبر عن أهله ومواطنيه، وبعضها كفيل بتعريض البلاد لحروب طائفية واجتماعية ؟
الشعب ينتظر لكى يعلى من مبادئ التماسك الوطنى تغيير السياسات لا تغير الوزارات.