رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

تعرف علي قيمة صدقة الفطر بين جمهور الأمس وجمهور اليوم

الدكتور كريم مصطفي
الدكتور كريم مصطفي نفادي

تحدث الدكتور كريم مصطفي نفادي، صدقة الفطر بين جمهور الأمس وجمهور اليوم، قائلًا:" ذهب المالكية والشافعية والحنابلة ومن وافقهم إلى أن القيمة المالية لا تجزئ في زكاة الفطر، واشترطوا أن تكون طعمة من غالب قوت البلد . وذهب الحنفية، والحسن البصري، وعطاء بن أبي رباح، وعمر بن عبد العزيز، وسفيان الثوري، وأبي إسحاق السبيعي، وغيرهم، إلى جواز إخراجها قيمة مالية، وهو مذهب شيخ الإسلام ابن تيمية إذا كان في ذلك مصلحة، وهو ظاهر مذهب البخاري، ومذهب إسحاق بن راهويه، وأبي ثور إذا كان هناك ضرورة. سبب الخلاف : سبب اختلافهم هو الاختلاف في تحديد علة الحكم، فذهب الشافعية ومن وافقهم إلى أن الغرض منها هو الطعمة، ولذلك قاسوا غير المنصوص عليه مما يكون غالب قوت البلد على المنصوص عليه في الأحاديث بجامعة علة واحدة وهي الطعمة".

 وفي حديث ابن عباس"طهرة للصائم من اللغو والرفث، وطعمة للمساكين"، فأجازوا كل ما يقتات به، مما هو غالب قوت البلد أو المدينة ، قياسا على المنصوص عليه، بجامع الطعمة والتقوت. وذهب الحنفية ومن وافقهم إلى أن الغرض هو إغناء الفقراء في يوم العيد، فكما أن الإغناء يتحقق بالحبوب فكذلك يتحقق بالمال، وربما يكون المال أسرع وأيسر في تصرف الفقير فيه، فقاسوا المال على الطعمة بجامع الإغناء في كل منهما. فالحنفية ومن وافقهم قاسوا القيمة المالية على المنصوص عليه بجامع الإغناء، فكما أن الإغناء يتحقق بالمنصوص عليه من الحبوب فكذلك يتحقق الإغناء بقيمته المالية من النقود. 

قال ابن عابدين في حاشيته:"لأن العلة في أفضلية القيمة كونها أعون على دفع حاجة الفقير لاحتمال أنه يحتاج غير الحنطة مثلا من ثياب ونحوها بخلاف دفع العروض". ويمكن الجواب عن قوله"وطعمة للمساكين"على أن هذا هو الغالب، كما في قوله"طهرة للصائم"، فإنه على سبيل الغالب، وإلا فزكاة الفطر واجبة على الأطفال الصغار الذين ليس لهم لغو ولا رفث. 

ولعل أكثر ما يستدل به على صحة ما ذهب له من أجاز إخراجها مالا، ما أخرجه أبو بكر بن أبي شيبة في مصنفه عن أَبي أُسَامَةَ، عَنْ زُهَيْرٍ بن معاوية، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا إِسْحَاقَ السبيعي يَقُولُ: أَدْرَكْتُهُمْ وَهُمْ يُعْطُونَ، فِي صَدَقَةِ رَمَضَانَ، الدَّرَاهِمَ بِقِيمَةِ الطَّعَامِ. قلت: وقد أعل البعض هذا الخبر باختلاط أبي إسحاق السبيعي، وسماع زهير بن معاوية منه بعد الاختلاط، كما أن الذين أدركهم السبيعي في قوله لا يشترط أن يكونوا صحابة أو فقهاء التابعين، ومن الممكن أن يكونوا ممن عاصرهم بالكوفة، فلا حجة في هذا الأثر سندا ومتنا على جواز إخراج زكاة الفطر نقدا.

ولكن على الرغم مما سبق فإن الأثر صحيح وله ما يشهد له سندا ومتنا، والجواب عن الإعلالات المذكورة سابقا يكون من ثلاثة أوجه: الوجه الأول: اختلاط أبي إسحاق السبيعي ومدى حجية رواية رهير عنه بعد الاختلاط: قال ابن الصلاح في علومه: (أبو إسحاق السبيعي) اختلط أيضا ويقال: إن سماع (سفيان بن عيينة) منه بعد ما اختلط ذكر ذلك (أبو يعلى الخليلي) . أهـ. وقد تعقبه العراقي بقوله: وفيه أمور: (أحدها) : أن صاحب الميزان أنكر اختلاطه فقال شاخ ونسى ولم يختلط قال وقد سمع منه سفيان بن عيينة وقد تغير قليلا (الأمر الثانى) : أن المصنف ذكر كون سماع بن عيينة منه بعد ما اختلط بصيغة التمريض وهو حسن فإن بعض أهل العلم أخذ ذلك من كلام لابن عيينة ليس صريحا فى ذلك قال يعقوب الفسوى قال ابن عيينة ثنا أبو إسحاق فى المسجد ليس معنا ثالث قال الفسوى فقال بعض أهل العلم كان قد اختلط وإنما تركوه مع ابن عيينة لاختلاطه. (الأمر الثالث) : أن المصنف لم يذكر أحدا قيل عنه أن سماعه منه بعد الاختلاط إلا ابن عيينة وقد ذكر ذلك عن إسرائيل بن يونس وزكريا بن أبى زائدة وزهير بن معاوية (الأمر الرابع) : أنه قد أخرج الشيخان فى الصحيحين لجماعة من روايتهم عن إبى إسحق وهم إسرائيل بن يونس بن أبى إسحاق وزكريا ابن أبي زائدة وزهير بن معاوية وسفيان الثورى وأبو الأحوص سلام بن سليم وشعبة وعمر بن أبى زائدة ويوسف بن إبى إسحاق وأخرج البخارى من رواية جرير بن حازم عنه وأخرج مسلم من رواية إسماعيل بن أبى خالد ورقبة بن مصقلة وسليمان بن مهران الأعمش وسليمان بن معاذ وعمار ابن رزيق ومالك بن مغول ومسعر بن كدام عنه وقد تقدم أن إسرائيل وزكريا وزهير سمعوا منه بآخرة والله أعلم. ومن هنا نتبين أن ليس كل ما رواه زهير بن معاوية وغيره عن أبي إسحاق السبيعي مطروح، بل هو مقبول إذا لم يشذ أو يستنكر. الوجه الثاني: ما يقوي ما قاله السبيعي من أنه أدرك الناس وهم يأخذون زكاة الفطر نقدا، ما عممه عمر بن عبد العزيز في هذا الأمر، فقد صح عنه ما رواه ابن أبي شيبة قال حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، عَنْ قُرَّةَ ، قَالَ : جَاءَنَا كِتَابُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ فِي صَدَقَةِ الْفِطْرِ نِصْفُ صَاعٍ عَنْ كُلِّ إِنْسَانٍ أَوْ قِيمَتُهُ نِصْفُ دِرْهَمٍ. وقال أيضًا في إعطاء الدراهم في زكاة الفطر: حدثنا أبو أسامة عن ابن عون قال سمعت كتاب عمر بن عبد العزيز يقرأ إلى عدي بالبصرة يؤخذ من أهل الديوان من أعطياتهم عن كل إنسان نصف درهم. الوجه الثالث: هذه الفترة التي عاصرها أبو إسحاق السبيعي امتلأت ببعض الصحابة وكثير من التابعين، ولم يؤثر عنهم إنكار ذلك على عمر بن عبدالعزيز رحمه الله، بل ورد عن بعضهم إقراره على صنيعه ذلك، كالحسن البصري الذي كان يفتي بما عممه عمر بن عبدالعزيز؛ فقد أخرج بن أبي شيبة في مصنفه عن وكيع عن سفيان عن هشام عن الحسن قال لا بأس أن تعطى الدراهم في صدقة الفطر.