عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

السعر العادل فجر الخلاف الذهب الأبيض بين «مطرقة» الحكومة و«سندان» المزارعين

بوابة الوفد الإلكترونية

الحكومة حددت سعر محصول الموسم الجديد بـ10 آلاف جنيه.. والفلاحون يرفضون بيع القديم بسعر أقل

نقيب الفلاحين يحذر من تراجع كبير فى مساحات زراعة القطن بسبب سعر التوريد

أستاذ اقتصاد الزراعى: إحجام المزارعين عن البيع يسبب أضرار اقتصادية واجتماعية

خبيرة اقتصاد: غياب دور القطاع الخاص فى تسويق القطن تسبب فى سيطرة الحكومة عليه

 

يعد القطن واحدا من أهم المحاصيل التى تلعب دورًا كبيراً فى الاقتصاد الزراعى والصناعى فى البلاد، ويسهم بشكل رئيسى فى صناعة الغزل والنسيج والأقمشة، بالإضافة إلى عدة أغراض أخرى مثل استخراج الزيوت من بذور القطن، وبالتالى فلهذا المحصول قيمة صناعية عالية، وقد كان طوال التاريخ يعد من أهم المحاصيل بالنسبة للفلاح المصرى، فقد كان حصاده يوم عيد، لما يحققه الفلاح من مكاسب فيه، وكان يتم تحديد مواعيد زواج الأبناء على موسم حصاده.

ولكن فى السنوات الماضية تراجع دور القطن كمحصول استراتيجى، وامتنع الفلاحين عن زراعته واستبدلوه بمحاصيل أخرى أكثر ربحية، إلا أنه عاد ليحتل عرشه مرة أخرى بعد أن ضمنت الحكومة للمزارعين توريده بسعر عادل يضمن لهم تحقيق الأرباح التى ينتظرونها، إلا أن هناك أزمة تواجه هذا المحصول، ويجب أن تتضافر جهود الجميع لحلها حفاظا على هذا المنتج الاستراتيجى المهم.

فعلى الرغم من موافقة الحكومة على تحديد سعر ضمان لتوريد القطن فى موسم 2024، حيث تم الاتفاق على 10 آلاف جنيه لقنطار القطن متوسط التيلة بالوجه القبلى و12 ألف جنيه لقنطار القطن طويل التيلة بالوجه البحرى، إلا أن أزمة القطن مازالت مستمرة، حيث يرفض بعض المزارعين بيع المحصول بالسعر القديم للموسم الماضى وهو 5400 جنيه للقنطار طويل التيلة و4500 جنيه للقنطار قصير التيلة.

وقد عقدت اللجنة التنفيذية لمنظومة تداول القطن عدة لقاءات واجتماعات مستمرة داخل منظومة تداول القطن، لمواجهة ما ينجم عنه انخفاض أسعار القطن، وتسهيل عملية تسليم الأقطان للمزارعين الرافضين للأسعار المعلنة، وعدم تحصيل المبالغ المتفق عليها.

وكشفت رتيبة محمود، العضو المنتدب التنفيذى لشركة مصر لتجارة وحليج الأقطان، فى تصريحات سابقة لها عن أعمال السحب وحجم التكلفة وقالت إن أعباء السحب كلفت المنظومة قرابة 10 ملايين جنيه فى المتوسط، لعدم تحصيل الرسوم المقررة عند السحب، مشيرة إلى أن الكمية بلغت 230 ألف قنطار، وبعض الموردين وافقوا على تنفيذ البيع، كما جاء خفض سعر الدولار فى السوق الموازية سببًا لهبوط السعر خلال انعقاد جلسة المزاد، والذى تزامن مع تراجع فرص التصدير، وهو ما سيدفع الشركات التى ستشترى خلال المزاد للبيع محليًا.

واستكملت العضو المنتدب التنفيذى لشركة مصر لتجارة وحليج الأقطان حديثها بشأن القطن، قائلة: إن الأسعار هذا الموسم مرضية لجميع الأطراف خاصة مع التداول بالسعر السائد الذى يتناسب مع توقيت المزاد، لافتة إلى أن انخفاض سعر الدولار فى السوق الموازية الذى سبق قرار البنك المركزى بتحرير سعر الصرف خلال مارس الجارى، وتراجع الطلب على التصدير أدى إلى انخفاض سعر القنطار بالمزاد.

 

تذليل العقبات

فى سياق متصل، قال حسين ابوصدام، نقيب الفلاحين، إن حكومة مصطفى مدبولى كثيرًا ما تسعى لتذليل العقبات أمام مسيرة تطوير قطاع الزراعة وتقدم تسهيلات لتشجيع المزارعين لزيادة مساحات القطن لأهمية عودة المحصول لمكانته الطبيعية.

يشير نقيب الفلاحين إلى أن كثير من الفلاحين رفضوا تداول القطن بالسعر القديم إلى تم الاتفاق عليه فى العام الماضى، وكان 5400 للقنطار طويل التيلة و4500 للقنطار قصير التيلة، حيث أن تلك الأسعار تمثل خسارة كبيرة للمزارعين، مشيرا إلى أنهم يطالبون ببيع المحصول بالسعر الجديد الذى حددته الحكومة لموسم 2024 وهو 10 آلاف جنيه لمتوسط التيلة و12 ألفا لطويل التيلة.

وأوضح «أبوصدام» أن هذه الأزمة يمكن أن تتسبب فى انخفاض كبير فى مساحات زراعات القطن والذى يبدأ موسم زراعته من منتصف شهر مارس وحتى منتصف شهر أبريل، وهو ما يهدد زراعة أحد أهم المحاصيل الاستراتيجية، موضحا أن الفلاح لن يتحمل تذبذب سعر المنتج، وأن خسائر موسم واحد «تقسم ظهر الفلاح»، لذا نطالب الحكومة بسرعة التدخل ووضع سعر عادل لتوريد القطن كما يحدث مع القمح وقصب السكر، والتوقف عن منظومة بيع المحصول عن طريق المزادات.

واستطرد: من المعروف أن المزاد يضمن فى كثير من الأحيان سعرا عادلا بناء على عدة عوامل، منها العرض والطلب والسعر العالمى، لكن السعر العادل قد لا يكون فى مصلحة الفلاح، خاصة مع ممارسات بعض التجار لتوجيه الأسعار، لافتًا إلى أن القطن المصرى لايزال يتربع على عرش أجود الأقطان عالميًا، والتوسع فى زراعته مرهون بتوفير قيمة مضافة حقيقية للفلاح.

 

محصول رئيسى

ومن جانبه قال الدكتور على إبراهيم، أستاذ الاقتصاد الزراعى المتفرغ بجامعة الزقازيق، إن محصول القطن هو محصول رئيسى ونقدى، ويساهم فى زيادة قدرات المزارع المالية، وهو مدخل رئيسى لمصانع الغزل والنسيج، ولكن فى الوقت نفسه الأقطان من المحاصيل التى تحتاج إلى وقت وجهد طويل من المزارعين، وبالتالى فمن المهم أن يكون هذا المحصول أكثر ربحية للمزارعين حتى يقبلون على زراعته، وبالتالى يسهل توفيره محليا فى ظل صعوبة الاستيراد من الخارج نظرا للظروف الحالية وارتفاع الأسعار عالميا، مشيرا إلى أن القطن المصرى يحظى بسمعة طيبة فى الداخل والخارج ومؤكدا أننا فى حاجة للمزيد من الإجراءات والقرارات ليستعيد هذا المحصول الاستراتيجى عرشه مرة أخرى.

وأكد أستاذ الاقتصاد الزراعى بجامعة الزقازيق أن السوق العالمى يشهد حالة من التنافسية الكبيرة فى زراعة القطن، ومصر نجحت فى التربع على قائمة الدول المنتجة للأصناف طويلة التيلة، وهذا يؤكد أن الفرصة فى مصر كبيرة لاستعادة عرش الذهب الأبيض، والتربع مرة أخرى على رأس قائمة الدول المنتجة و الرائدة فى تصنيع الأقطان الطويلة، ووفقًا لتقارير رسمية فإن هناك ما يقرب من 77 دولة حول العالم منتجة للقطن، منها 70 دولة تقريبًا تزرع الأقطان قصيرة التيلة والـ 7 دول الأخرى تزرع القطن طويل التيلة.

وأشار دكتور على إبراهيم إلى ضرورة اتباع الدولة سياسة تكلفة الفرصة البديلة وهى الفرصة التى يتم التخلى عنها عند اتخاذ قرار معين، أى أنها تمثل التكلفة الحقيقية لاتخاذ القرار، ويمكن قياس تكلفة هذه الفرصة البديلة فى ظل المتغيرات والتحديات الاقتصادية عن طريق تحليل العوامل المؤثرة على القرار، ومن ثم تقييم الفرص من خلال الخيارات المتاحة، ويمكن استخدام العديد من المقاييس الاقتصادية المختلفة لقياس تكلفة الفرصة البديلة، مثل العائد المتوقع أو العائد المقدر.

وأشار إلى ضرورة وضع سعر عادل للقطن لتجنب الأضرار التى قد تحدث نتيجة إحجام المزارعين عن البيع، موضحا أن هذه الأضرار ليست أضرارا اقتصادية فقط وانما سينتج عنها أضرار اجتماعية أكبر بسبب إغلاق العديد من المصانع وتوقف الكثير من الأعمال وبالتالى زيادة نسب البطالة.

 

تفاوت الأسعار

وعلى الجانب الآخر تقول الدكتورة مروة لاشين، الخبيرة الاقتصادية، إن القطن يُعد من أهم المحاصيل الزراعية فى مصر، وله تاريخ عريق فى الاقتصاد المصرى، موضحة أنه يشهد الآن أزمة حقيقية تتمثل فى تفاوت الأسعار بين ما يطالب به المزارعون وما تحدده الحكومة، فبينما يطالب الفلاحون بسعر 8 آلاف جنيه للقنطار، تحدد الحكومة السعر بـ5500 جنيه فقط. وهذا التفاوت يهدد مستقبل زراعة القطن ويزيد من معاناة الفلاحين.

وأضافت «لاشين» فى حديثها لـ«الوفد» أن مصر تواجه أزمة فى أسعار القطن، حيث يُعانى المزارعون من انخفاض أسعار القطن، بينما تُحدد الحكومة سعرًا أعلى لشرائه، وهذا يعنى عدم وجود آلية واضحة لتحديد سعر المحصول، لافتة إلى أن الحكومة تعتمد على عدة عوامل لتحديد سعر القطن، بينما يرى المزارعون أن هذا السعر لا يُعوضهم عن تكلفة الإنتاج.

وأرجعت الخبيرة الاقتصادية أزمة القطن إلى غياب دور القطاع الخاص فى تسويق القطن، مما تسبب فى سيطرة الحكومة على تسويق المحصول، الأمر الذى أدى إلى الحدّ من قدرة المزارعين على الحصول على أفضل سعر، وكذلك أيضاً هناك مشكلة ضعف البنية التحتية لتخزين محصول الذهب الأبيض مما يؤدى إلى تلف كميات كبيرة من القطن، مما يُؤثّر على سعره.

وأشارت «لاشين» إلى أن التطورات فى صناعة الغزل والنسيج أدت إلى انخفاض الطلب العالمى على القطن، موضحة أن المزارعين يعانون من انخفاض أسعار القطن، مما يُؤثّر على دخلهم ومستوى معيشتهم، خاصة بعد انخفاض مساحة زراعة القطن بسبب انخفاض أسعاره، مما يُؤثّر على إنتاجية هذا المحصول الاستراتيجى، وكذلك ما ترتب على الأزمة من انخفاض صادرات مصر من القطن، مما يُؤثّر على اقتصادها.

وأكدت الخبيرة الاقتصادية أن حل أزمة القطن فى مصر، يمكن أن يتحقق بوضع آلية واضحة لتحديد سعر القطن، تُشارك فيها الحكومة والمزارعين وأصحاب المصانع، لضمان حصولهم على سعر عادل، وتشجيع دور القطاع الخاص فى تسويق القطن لزيادة المنافسة والحصول على أفضل سعر، والاستثمار فى تحسين البنية التحتية لتخزين القطن، لتقليل الفاقد وزيادة جودة القطن، ودعم البحث العلمى لتطوير أصناف جديدة منه تُلبى احتياجات السوق العالمية، بالإضافة إلى ضرورة فتح أسواق جديدة لتصدير القطن، لزيادة الطلب عليه.