عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

بتاريخ ميلاد.. وتاريخ وفاة.. يتحدد الإنسان.. أى إنسان، وبين التاريخ الأول والثانى يكون الثراء أو الإفقار.. يكون الوجود الذهبى أو النسيان والتلاشى بلا أى كلمة تذكر.. وقليل من البشر من لديه القدرة أن يحفر اسمه من ذهب لكى يبقى عبر أجيال وأجيال، وقد تطول ذكراه عبر القرون.. لعل أفضل مثال على ذلك.. التاريخ المصرى القديم.. فقد بقى وسوف يبقى.. وفى عالم الفن نجد أسماء وأسماء.. ومنهم العندليب الأسمر..عبدالحليم حافظ.. كان الألم هو المحرك الأول له.. والألم هنا سواء الألم النفسى أو الألم الجسدى.. فقد عانى كثيرًا وكثيرًا على المستوى النفسى وعلى المستوى الجسدى. 
يوم مولده 15يونيه 1929 ماتت أمه! أنه يتيم الأب والأم.. وهذا الأمر ألمه نفسيًا.. ورغم أنه غنى للحب إلا أنه عانى من الحب منذ الصغر.. فهذا اليتيم وجد حب الآخرين، فهو يدرك أن ذلك الحب لا يطال حب الأم والأب.. وهذا الألم ظل معه طيلة حياته ولم يفارقه.. إنه الألم النفسى والشعور الدائم والدفين بألم الوحدة رغم كل الصحاب ورغم الشهرة ورغم الضجيج.
الألم الثانى هو ألم المرض.. فقد جاء عبدالحليم من القرية ومعه جرثومة تعمل فى داخله وهى سبب فنائه.. ومنذ عام 1955 بدأ الألم وبدأت جرثومة الفناء تعمل فى داخله.. وتظهر بين الحين والآخر. لقد عقد المرض والألم حلفًا مع عبدالحليم. كان عبدالحليم يدرك أن الفناء هو المحتوم، وأن تلك الآلام التى يعانيها لا نهاية لها.. وتنقل بين مستشفيات لندن وباريس وأمريكا.. لكن لا فائدة.. كلها محاولات لتأجيل لحظة النهاية.. كان عليه أن يجد التعويض ولا يستسلم لتلك الآلام وجعلها بمثابة القوة الدافعة نحو الإبداع.. نحو مقاومة كل ما هو سلبى وسيئ.. لذلك عليه أن يبدع ويتألق ويترك بصمة من الصعب أن تتلاشى فى مسيرة الغناء والأداء.. مع الألم وقسوته كان الإبداع بكل جمالياته وتألقه.. وعاش عبدالحليم.. وكلما تألق وأبدع واشتهر كلما زاد الألم وتوغلت الجرثومة الداخلية تستفحل وتستفحل وتدمر الكبد والمرارة ويزداد النزيف مع كل مجهود يبذله فى إبداعه وتألقه ونجوميته.. ولم يبق إلا أن تتحقق نبوءة قارئة الفنجان.. فطريقك مسدود ومسدود.. ومات عبدالحليم.. وتألم كثيرًا.. ولكنه ترك لنا الإبداع الجميل الذى نستمتع به.. نستمتع نحن بإبداعه.. وكان لزامًا عليه أن يتألم هو من أجل ذلك الإبداع ومن أجل أن يسعد الأجيال.. كان عبدالحليم يؤمن بقيمة الكلمة المكتوبة وقيمة الثقافة.. يقول: إن الكلمة المكتوبة بقلم نظيف هى أشرف ما فى الوجود. إن سلامة موسى فى كتابه (عقلى وعقلك) أهدانى مفاتيح نفسى، وكل نفس بشرية. وقال: هذه قراءاتى وللمرض فضله فيها.. عسى أن تكرهوا شيئًا وهو خير لكم!.. ورحل حليم فى (30/3/1977) رحم الله عبدالحليم حافظ.

الفلسفة وعلم الجمال– أكاديمية الفنون