عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حتى نلتقى

محظوظ من ينصت إلى أحاديث الموسيقار الأعظم محمد عبدالوهاب المولود فى شهر مارس، فإلى جانب كونه المجدد الأكبر للموسيقى المصرية، بعد سيد درويش، فإنه يتمتع بثقافة عريضة عميقة تجعله يتحدث فى أمور الفن والأدب والحياة بذكاء يخطف الألباب.

أزعم أننى شاهدت بتركيز شديد كل لقاءات الرجل التليفزيونية تقريبًا، ومعظمها شاهدتها فى حياة عبدالوهاب نفسه برفقة الوالد العظيم المرحوم عبدالفتاح عراق.

لقد علمنى هذا الوالد منذ الصغر كيف أنتبه إلى الموهبة الخارقة لصاحب (الجندول) وثقافته وأناقته وذوقه وحديثه الخلاب، كما أزعم أيضًا أننى استمعت إلى جميع لقاءاته الإذاعية المتوفرة حاليًا فى يوتيوب.

لذا، أشهد أنه ما من مبدع مصرى أو عربى، باستثناء طه حسين، يملك مهارات عبدالوهاب فى الحديث والشرح والتوضيح عن طبيعة الفن ودوره وتنوعه وكيفية (إنتاجه) وتطويره، علاوة على براعته العجيبة فى استرداد الذكريات الحلوة من كهف الزمن القديم.

أذكر جيدًا أن الإعلامية القديرة ليلى رستم سألته مرة فى لقاء تليفزيونى (كيف تصف دور المطرب؟)، فأجاب بحصافة (المطرب بالنسبة لى هو رسول يحمل أفكارى الموسيقية ويوصلها للناس، فإذا كان رسولاً مجيدًا، فقد ضمنت النجاح لعملى الفنى، وإذا كان غير ذلك، فتلك مشكلة كبرى).

هذه الإجابة الذكية تعلى من شأن المطرب، بل تمنحه صفة (مقدسة) وهى أنه (رسول)، بينما ملحن كبير آخر أجاب عن السؤال نفسه للمذيعة نفسها قائلاً باستخفاف غريب (المطرب بالنسبة لى مجرد آلة.. مثلها مثل العود أو الكمان أوظفها كيف أشاء).

فى برنامج (مع المشاهير) الذى يقدمه الإعلامى السعودى الموهوب ماجد الشبل وعرضه التليفزيون السعودى عام 1972، وقبل أن تشدو أم كلثوم بأغنيتها (ليلة حب) التى لحنها عبدالوهاب، قال الرجل: (إن الموسيقى العربية لن تتطور إلا بالعلم، وعلينا إرسال الموهوبين إلى أوروبا لتلقى أصول الموسيقى على قواعد علمية منضبطة).

أما برنامج (النهر الخالد/ 30 حلقة) الذى قدمه سعد الدين وهبة، فلم يغادر فيه عبدالوهاب كبيرة ولا صغيرة فى حياته إلا أحصاها، ولعل تفاصيل علاقته بأمير الشعراء أحمد شوقى تعد نموذجًا لذلك.

أرجو أن تشاهد الحلقة الرابعة من هذا البرنامج، حيث يشرح لنا عبدالوهاب بدقة بالغة اللحظات الحرجة التى تنتاب شوقى حين يتلقى (وحى) الشعر، وكيف يتفاعل مع هذا (الوحى).

أذكر أننى سألت الإعلامى الكبير الراحل أمين بسيونى رئيس الإذاعة المصرية الأسبق، وكنا دعوناه على العشاء فى دبى هو والسيدة قرينته. سألته كيف كنت تجرى اللقاءات الإذاعية السريعة مع عبدالوهاب، والتى كانت تذاع فى شهر رمضان المبارك؟

فابتسم الرجل وقال لى: (الاستاذ عبدالوهاب كان بيجننى). ومضى يحكى لى كيف أنه حين يطلب صاحب (الكرنك) ليستأذنه فى زيارة عاجلة حالاً ليسجل معه حلقة إذاعية لمدة خمس دقائق، لا يجد من عبدالوهاب سوى الرفض، قائلاً: (يا أمين عدى عليا بعد ثلاثة أيام، حتى أفكر جيدًا فيما أريد أن أقوله للناس).

ليتنا نشاهد لقاءات عبدالوهاب التليفزيونية لنستفيد ونستمتع.