رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

اتجـــــاه

يوم الثلاثاء الماضى، كانت 33 عاماً قد انقضت على أبشع الجرائم، التى ارتكبتها الولايات المتحدة الأمريكية فى التاريخ الحديث، عندما قصفت طائرات «الفانتوم» ملجأ أطفال «أيتام»، فى حى العامرية المكتظ بالسكان، فجر يوم 13 فبراير1991، ضمن سلسلة غارات حرب الخليج الثانية، على العاصمة العراقية «بغداد»، وبدون رحمة ولا أخلاق، تستخدم الطائرات قنابل ضخمة وذكية، إخترقت طوابق الملجأ الثلاثة، لتنفذ إلى حيث ينام حوالى 400 طفل وامرأة، وحولتهم إلى أشلاء، تناثرت مع دمائهم على الجدران، ولم يكن ممكناً التعرف على هوياتهم، وقد تم توثيق هذه الجريمة هناك فى أطلال الملجأ، الذى حولته السلطات العراقية إلى متحف، يحكى كل التفاصيل. 
العراقيون نجحوا لفترة ما بعد الحرب، فى إطلاع العالم على هذه الجريمة الدموية، التى لوثت سمعة الرئيس الأمريكى جورج بوش «الأب»، عبر زيارات وفود دولية للملجأ «المقصوف»، والتعرف على بقايا المكان وملابس الضحايا المخضبة بالدماء، وسجِل الصور الفظيعة لخليط الأشلاء، وكنت من بين وفود عربية وأممية، فى زيارة الملجأ، أظن فى العام2001، وصدمتنا مشاهد المذبحة والدمار، من هول ما فعلته أطنان القنابل، التى اخترقت أسقف الملجأ، الذى قال مرافقنا العراقى، إنه كان مجهزاً للتحصين ضد الضربات، سواء بأسلحة تقليدية أو حتى الكيماوية والذرية، لكن كان الإصرار الأمريكى على تدميره..لماذا؟ 
<< الأمريكيون ضللوا حلفاءهم فى قوات التحالف، التى شاركتهم حرب الخليج الثانية، بأن مبنى ملجأ العامرية، هو مقر لقيادات عسكرية، حتى إنهم ادعوا أن الرئيس صدام حسين، يدير حربه ضد التحالف من هذا المبنى، وبالتالى تثبت جريمة التعمد فى قصف الملجأ، وشهود على الأمر قالوا إن الطيران الأمريكى ظل يحلق فوق المبنى مدة يومين، قبل أن تحل الساعة الرابعة والنصف، فجر يوم 13 فبراير، وقت وقوع القصف الذى حَوَل الملجأ إلى جحيم «يوم القيامة»، ومع فظاعة جريمة قتل أطفال الملجأ بـ«دم بارد»، تمردت إسبانيا على الفعل الأمريكى، وطالبت هى والأردن بتحقيق دولى، فى أسباب وظروف هذه الجريمة. 
<< لقد تحول الملجأ -العامرية- إلى منصة سياحية، تحكى للزوار تفاصيل المجزرة، فى مبنى تسكنه أرواح الأطفال، وبجوارالمبنى تلك المقبرة المفتوحة، التى تشكلها شواهد الضحايا الـ400، تشعرك بفضاء جنائزى وكأنهم ما زالوا يتألمون، من بشاعة فعل الرئيس «بوش»، الذى هو نفسه، قاتل11 ألفاً من الجنود العراقيين ومن رافقوهم من المدنيين، وهم فى طريق الإنسحاب من الكويت، صباح يوم27 فبراير1991، أى بعد أسبوعين من مجزرة العامرية، ما يعنى أن هذا الرئيس «الشرير»، لم يكن يتقيد لا بقوانين حرب، ولا بقواعد أخلاقية، ومن عنده من فضائل لهذا النوع من الرؤساء، فليقدم ولو مثلاً إنسانياً واحداً، ليس لـ«بوش» وحسب، ولكن لأى رئيس أمريكى. 
<< إنها قليل من كثير، فالجرائم ترتكبها الولايات المتحدة حول العالم، ضد شعوب الدول الفقيرة أو الضعيفة، مثل التى تجرى حالياً فى اليمن والعراق وسوريا، وتظل برعونتها تفتح جبهات للتوتر، كما لو أرادت التعجيل بنهاية العالم، لكن من نوع القوة، أن قوى كبرى تتشكل، وتتحدث عن قواعد لنظام عالمى جديد، لا مكان فيه لهيمنة أمريكية..هكذا يتطلع المستضعفون إلى محاسبة أمريكا على جرائمها، جرائم الإبادة والاغتيالات والعدوان على الدول، خاصة تلك الجرائم التى لا تسقط من ذاكرة الشعوب، مثل تلك المجزرة..مجزرة أطفال «العامرية»، التى تظل عالقة فى الذاكرة الإنسانية، إلى أن يثأر العراق لهؤلاء الضحايا.. ولو مرت عليها 33 عاماً و3 أيام.


[email protected]