رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

باختصار

«إن فاتك الميرى إتمرغ فى ترابه»، مقولة مصرية خالصة حفظها المصريون عن ظهر قلب منذ القدم، فى دلالة واضحة على المنصب والجاه الذى كان يتمتع به الموظف الحكومى، فحرص الأجداد والأبناء لأجيال عديدة أن تتشبع ملابسهم بتراب الميرى الذى كان محملاً بكل الامتيازات، وما زال حتى الآن فى العديد من الوزارات والهيئات.

الموظفون فى الأرض قطاعان، «عام وخاص» وغيرهما يندرج فى عالم البطالة، مهما قدر دخله أو ثقلت تركته وميراثه، وكل يحيا وفقاً لمقدراته.

مع الانفتاح الذى حمله الرئيس أنور السادات إلينا ارتفع شأن القطاع الخاص لسنوات لتفوق نصاعته تراب الميرى وتزداد بريقاً عنه، وعرف العاملون فى هذا القطاع الطريق إلى الراتب بالدولار وغيره من العملات، وهذا بالطبع فى المؤسسات الأجنبية العاملة فى البلاد، وأطلق على هذا النوع «البريمو».

وهناك نوع آخر للقطاع الخاص فى بلادنا الذى أطلق عليه «الترسو» وهذا النوع غالباً ما يكون تابعاً للقطاع الخاص المحلى، لكنه منزوع الدسم والامتيازات، وغالباً أصحابه فاتهم الميرى وغباره ويحكمه قانون من نوع خاص – اسم على مسمى – وليس له ضوابط تحكمه سوى إرادة أصحابه.

هذا النوع الأخير هو أكثر المتضررين من الإصلاحات الاقتصادية، فأصحابه فى ظل كساد الأسواق وارتفاع أسعار عملية الإنتاج يتعرضون لنكبات اقتصادية وخسائر تفوق إمكانياتهم، وبالتالى يتأثر الدخل بصورة كبيرة وتتأثر الرواتب بصورة أكبر، وقد يتعرض بعضهم للفصل وتأخر الراتب وغيره من الأمور التعسفية، وقد تضطر بعض هذه الجهات لإعلان الإفلاس والإغلاق، ما يلحق الضرر البليغ بالعاملين بها.

ضحايا هذا النوع فى ربوع البلاد بالآلاف ما بين فاقد لوظيفته أو من يحيا على حد الكفاف وفى ظروف غير آدمية لتظهر مآسٍ وحكايات يندى لها الجبين وتقشعر من هولها الأبدان، ويعجز جهابذة الاقتصاد فى تصريف حياة هؤلاء اليومية بما يتقاضون من جنيهات هزيلة لا تسمن ولا تغنى من جوع.

يأتى دور الدولة التى تتدخل من حين لآخر لإنقاذ موظفيها بإقرار زيادات مادية للحماية الاجتماعية وعمل توازن حتى تزيد مقاومة الفئات المستهدفة لمواجهة أعباء الحياة فى ظل هذه الظروف بالغة القسوة، وإن كان سماسرة الأسواق ينتهزون هذه الفرص لزيادة الأسعار لتلتهم الزيادة فى غياب الأجهزة الرقابية.

ورغم الحد الأدنى للأجور الذى ترفعه الدولة من حين لآخر إلزامياً فى القطاع الحكومى، وشبه اختيارى فى القطاع الخاص الذى لا يلتزم به غالباً نظراً للظروف الاقتصادية وغيرها من العوامل، فبعض هذه القطاعات يجد صعوبة فى صرف الرواتب بحالتها الهزيلة، ما يجعل الزيادات مستحيلة فى الوقت الذى يكون فيه الحفاظ على الرواتب الحالية وديمومتها أقرب للعمل الخارق.

ومع قرارات الحماية الاجتماعية الأخيرة التى أصدرها الرئيس عبدالفتاح السيسى، التى تعد التاسعة على مدار الأعوام السابقة، باتت الهوة فى الرواتب بين القطاعين العام والخاص كبيرة فى ظل عدم مقدرة غالبية القطاع الخاص على تطبيقها، الأمر الذى يزيد حياة الملايين جحيماً فى ظل ارتفاع الأسعار غير المسبوق.

الأمر الذى يجعل الدولة مطالبة بدعم القطاع الخاص أيضاً، وهو يستحق تلك الحماية، فالعاملون فى القطاعين الخاص والعام أبناء شعب واحد، ويجب أن تقدم لهم نفس الامتيازات دون تفرقة.

باختصار.. العاملون فى القطاع الخاص مصريون أيضاً، ويستحقون الدعم، والدولة هى المسئول الأول عن توفير العدالة الاجتماعية للجميع، سواء ألزمت القطاع الخاص الذى يملك أو دعمت الذى لا يملك، فهذه مسئوليتها وهذا واجبها.. المهم أن يشعر الجميع على أرض الوطن بالمساواة، فمظلة الحماية يجب أن تتسع لجموع المصريين.

[email protected]