رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

لازم أتكلم

كل شىء فى مصر يرتفع سعره ، إلا الإنسان المصرى فقيمته فى الحضيض ، ولا تليق به ، ولا بدولته ، ولا بتاريخه وحضارته ، يصرخ فلا يستجيب له أحد ، يتحمل ويصبر فيحصد السراب حتى صار مدمنا للعيش فى الوهم ، فريسة لكل أمراض العصر ، ولم يعد الجسد العليل قادرا على تحمل كل هذه الضربات والخبطات. 

قبل أيام ، وبالتحديد بعد أخرإجتماع للبنك المركزى ، وقراره برفع سعر الفائدة 2% ، قادت الحكومة حملة إعلامية قوية فى مختلف وسائلها ضد تجار السوق الموازية للذهب والدولار ، ونجحت باقتدار فى جعل الدولار ينحنى للجنيه ويتنازل له عن 17 جنيها مرة واحدة خلال يومين فقط ، وإقناع الناس بأن مليارات الدولارات ستتدفق خلال الأيام المقبلة من الامارات وصندوق النقد.

هذه الأرقام المليارية ( الاعلامية ) لم يشعر بها الناس على أرض الواقع ، سوى إنها جعلت المصريين يهرولون إلى السوق الموازية (السوداء ) لبيع ما يكتنزونه تحت "البلاطة من دولارات "، ظنا من أصحاب القلب الضعيف والمدخرين الصغار والذين لا تعينهم فائدة البنوك ، بان الدولار سيواصل النزيف وأن الجنيه سيسترد عافيته أمام الورقة الخضراء ، وانتظر ملايين المصريين هبوط الأسعارولكن لم يحدث اى إنخفاض إلا فى حجم الأمل الذى كان يملأ قلوب الضعفاء والمساكين من أبناء الشعب بيد المحتكرين والجشعين ومحترفى اللعب فى السوق السوداء . 

يوم واثنان وثلاثة ، والدنيا كما هى " مولعة " ، وظلت أسعار السلع الأساسية والكمالية والاستفزازية كما هى لم يتحرك مؤشرها لأسفل أبدا ، بل على العكس قفز لأعلى ، تاركا الناس تكلم نفسها : " إيه اللى بيحصل ده " .

 اللحم العادى بـ 450 جنيه للكيلو، والفراخ 190 جنيها للكيلو والبانيه 220 جنيها ، وعن الخضار والفاكهة فتحدث ولا حرج ، ناهيك عن أسعار السلع الكهربائية والمنزلية والخشبية ، ثم الأسمنت والحديد وما أدراك ما الحديد الذى رفع سعر الشقق والايجارات إلى نارجهنم ، ليضرب الشباب أخماسا فى أسداس ، فلا فرصة عمل جيدة ولا راتب معقول ولا زواج ولا استقرار ولا مجتمع بيرحم . الناس بتقول : خدعة من الحكومة لضرب تجار السوق السوداء ، والحكومة وكبار المسئولين يقولون لا .. إنها خطة مدروسة ونتائجها ستظهر قريبا بعد اسبوع او اسبوعين ، أما تجار السوق السوداء فهم الأذكى والمستفيدون دائما من أى خطوة تقدم عليها الحكومة ؛ فما أن تلقى التجار الضربة الفجائية بداية الإسبوع ؛ حتى احتفظوا بما جمعوه من دولارات خلال الشهور الماضية ، وسرعان ما ألقوا بملايين الجنيهات فى جميع المحافظات عبر صبيانهم فى السوق، يجمعون الدولارات من المضطرين لبيعه لتدبير إحتياجاتهم ، ولم تمض أيام معدودات حتى وقفوا على أرجلهم مجددا ، يشترون الدولار بسعر بخس ، ويبيعونه بسعر أعلى فى اليوم التالى للمضطر ومن يجيد فن لعبة القط والفار، ومن بداخله يقين بان الدولار سيرتفع مجددا ويتجاوز السبعين. 

وما بين خطة الحكومة وقبضة التجار ، تبقى الحقيقة المُرة وهى إننا سنبقى نلف وندور حول أنفسنا فى معركة ليست سهلة مع الذين يستثمرون فى معاناة الشعب المصرى ؛ مستغلين غياب الرقابة الجادة والفعليه عن هؤلاء المحترفين والمتمرسين فى صناعة وزيادة الطلب على الأخضر الأمريكى . 

نعم هناك حملات من وزارة الداخلية على أعشاش السوق السوداء ، واخرى من جهاز حماية المستهلك ، ولكن كل هذه الحملات غير المنتظمة وذلك الجهد المشكورلا يكفى ، وخاصة وأن لهولاء المحترفين " ناضورجية " يشمون رائحة الشرطة، ولهم طرقهم وأساليبهم فى معرفة موعد الحملات والمداهمات . 

أن التجارة بقوت الشعب وضرب إقتصاده؛ لتحقيق مصالح شخصية ، تحتاج إلى حملات مستمرة على مدار الساعة ، تأخذ طابع المبادرة ، وليس رد الفعل وانتظار الشكوى أو البلاغ ، وأن تتحرك وزارتا الصناعة وقطاع الأعمال ، لتشغيل المصانع المتعثرة وأن يجد المستثمر المحلى والأجنبى خطة واقعية لجذبه وإستثمار أمواله بعيد ا عن التعقيدات. 

إنقاذ إقتصاد مصريا سادة يبدأ باسراع عجلة الاستثماروتشغيل الماكينات زيادة معدل الصادرات ، وجذب مدخرات العامين بالخارج ، إننا فى حاجة إلى انتاج فعلى وحقيقى فى شتى المجالات ، وبدون ذلك سيبقى الجنيه المصرى ( أعرج ) أمام الدولار ، بعد ان ضرب الضمور شرايينه وخنقته السوق السوداء.

[email protected]