عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حتى نلتقي

ابتسم وهو يقول لى بنبرات مسالمة تصالح الزمن:

- الحمد لله يا صديقى... بيتنا لا يعرف لعنة الخرس الزوجى.

كنا نتناول الشاى فى أحد كافيهات المعادى. الليل يقرع المكان بتياراته الباردة، لكن دفء الصداقة الممتدة بيننا من قرن إلى آخر يحمينا من لسعاته الموترة. بدا لى صديقى القديم أكثر شبابًا وحيوية، فقلت له مازحًا:

- لا يحسد العشاق إلا قلوبهم الملتاعة. 

لم يكن ما أباح به هذا الصديق النبيل يمثل لى أية مفاجأة، فقد تابعت بالتفصيل حكاية غرامه بحبيبته التى تكللت بالزواج الميمون، ذلك الزواج السعيد الذى مازال يتوج كل يوم بمزيد من العشق والهوى بعد أن أهداهما الله طفلين رائعين.

ظللت أرصد عن قرب حياتهما الثرية بامتداد 19 عامًا. لم يتوقفا فيها يومًا عن السباحة فى نهر الحب. كان يعمل أستاذًا للتاريخ الحديث بجامعة القاهرة ويكبرها بنحو عشرين سنة، بينما كانت تعمل طبيبة عيون حديثة التخرج. رقيقة كانت... عاشقة للشعر والروايات والأفلام القديمة، فلما التقيا فى إحدى الأمسيات الشعرية، وبعد حديث قصير معها سأل عن أسرتها، فعلم أن أبويها متحابان، فاطمأن قلبه، وقال لنفسه: (هذه الفتاة الجميلة الذكية الطموح هى الزوجة التى يصبو إليها قلبي)، أما هى، فقد تعلقت بحنانه وطيبته وآرائه ودماثة خلقه، وفى أقل من أربعة أشهر تجاوزت اعتراضات الأهل على فرق السن، وأصرت على الاقتران به.

حكى لى صديقى هذا كيف أن التواصل العميق بينهما لم ينقطع لحظة لا قبل الزواج ولا بعده، فنحن (نتكئ على الوسادة الناعمة نفسها. تلك الوسادة التى تيسر لنا أن نرى الحياة نعمة وليست نقمة، وأن الفرح والطرب والسرور حقوق واجبة ينبغى أن نعمل على تكثيفها داخل عقولنا ووجداننا).

سألته مرة: كيف؟ فأجاب بهدوء: (إن التجانس الفكرى والروحى بيننا يتجاوزان كل ما هو متوقع بين الأزواج، لأننا لا نتوقف عن القراءة والحديث فى الآداب والفنون والتاريخ والسياسة والموسيقى والغناء واهتمامات النساء... كل هذا أثرى روحينا وأغنى نفسينا. هذا التجانس هو الذى يورق فى بساتين حياتنا الزوجية الورود الملونة البهيجة باستمرار).

فقلت سريعًا: (ومنغصات الحياة اليومية فى العمل؟ والغلاء الفاحش، ومشكلات الأطفال... وسخافات بعض المحيطين... كل ذلك ألا يعكر صفو أيامكما؟).

فابتسم فأشرق وجهه بالرضا وقال: (ومن يستطيع تجنب منغصات الحياة؟ لكن الأذكياء فقط هم من يواجهونها بالحكمة والصبر، وأقسم لك يا صاحبى إن الحب المثمر بيننا يلعب الدور الأكبر فى تجاوز تلك المنغضات، فكل منا لا ينام ليله وفى قلبه همسة عتاب، إلا وأباح بها لشريك حياته... أى أننا نمتلك نعمة «الفضفضة» باستمرار والإنصات للآخر باهتمام، فالاهتمام المتبادل عسل الحياة الزوجية، فبيتنا لا يعرف لعنة الخرس الزوجى المعهودة.).

فقلت: أعرف يا صديقى أنك وهبتها الأمان والحنان وغمرتها بالحب والاحترام، فلا كلمة جارحة، ولا لوم سخيف أو توبيخ موجع. فتلقيت منها أعذب الأنغام الأنثوية، فالله يبارك زواجكما إلى الأبد.