رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

فى رواية دوستويفسكى الفقراء أو المساكين يعرض للكثير من اللمحات والخصال التى تحتويها نفسى الفقير.. وهى تحتاج منا الكثير والكثير من العرض.. لكننا سنتوقف عند نقطة واحدة هنا.. علاقة (مكار) و(فرفارا).. علاقة الحب الرومانسى وما فعله ذلك الحب فى داخله.. فقد تحول من كائن لآخر.. من كائن لا يثق بذاته إلى كائن يشعر بوجوده فى الحياة.
(... أنا أعرف فضلك علىّ يا يمامتى. أننى منذ عرفتك أخذت أعرف نفسى معرفة أصدق وأعمق، وأصبحت أحبك مزيدًا من الحب يومًا بعد يوم. كنت قبل أن ألقاك يا ملاكى الرقيق إنسانًا منعزلًا، إنسانًا لا يعيش حقًا، إنسانًا يشبه أن يكون نائمًا. كانوا جميعًا، أولئك التعساء، يزعمون أن لى دماغًا متحجرًا، وكانوا يهزءون بى ويسخرون منى صراحة، حتى صرت أحتقر نفسى بنفسى. كانوا يؤكدون أننى غبى أبله، حتى صدقت أننى كذلك فعلًا، فلما ظهرت لى، أضأت وجودى كله، وغمرت بالنور حياتى المظلمة القاتمة. صار كل شىء فىّ عندئذ مضيئًا: قلبى وروحى، وأخذ كل شىء يشع. وفزت بالطمأنينة الداخلية حين أدركت بفضلك أننى لست أسوأ من غيرى، فليس يعوزنى إلا البريق الخارجى، وشىء من اللمعان والمظهر، ولكننى إنسان بالقلب والفكر).
هنا نتوقف عند هذا الحديث لنكتشف أن الحب لديه القدرة على المعرفة والكشف.. معرفة الذات, وكشف قدراتها وممكناتها ووجدودها.. وإذا كان سقراط قد قال (أيها الإنسان اعرف نفسك بنفسك) فإننا يمكننا القول بأن الحب هو الذى يجعل الإنسان يعرف نفسه.. فنقول عن طريق الحب يعرف الإنسان نفسه.. والحب يجعل الذات تخرج من قوقعتها لتتجه للخارج.. الحب هو انفتاح الذات على العالم الخارجى أو بمعنى آخر.. الحب هو الذى يجعل الذات تشرق على الوجود، هو الذى يضىء القلب والروح.
فى الحب تكتشف الذات حالة من الراحة النفسية أو الطمأنينة.. طمأنينة أن الذات ليست فى حالة من الوحدة والعزلة.. الحب هو الذى يوجد تلك الطمأنينة الداخلية، لأنها تعيش حالة من التواصل مع.. لم تعد منفردة، لم تعد وحيدة.. إنه (الونس).. ومع الونس تسرى الطمأنينة داخل الذات.. هى طمأنينة ليست داخلية فقط وإنما أيضاً خارجيًا.. ذلك هو السحر الخاص بالحب.. إنه الحب النابع من القلب والعقل.. هو الحب القادر أن يتجاوز كل الواقع بمشتتاته ومنغصاته.. وتعرف الذات أن روعة الحب تكمن وتأتى من تلك اللحظة المتمثلة فى الطمأنينة والسكينة. الحب هو تصحيح الرؤية للذات.. فكل تصور سلبى للذات أو اعتقاد ذاتى متدن للذات، كل ذلك.. الحب له القدرة على تبديله إلى ما هو إيجابى.. بحيث ترى نفسها بشكل جيد وجديد.. بشكل فاعل وفعال سواء لذاته أو لمحيطه.. الحب هو القضاء على كل ما هو سلبى ليستحضر كل ما هو إيجابى وجميل ومزهر.


أستاذ الفلسفة وعلم الجمال– أكاديمية الفنون