لماذا يتمسك المسلمون بالتقويم القمري الهجري؟

أجاب الأستاذ الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء ومفتي الجمهورية السابق عن سؤال حول تمسك المسلمون بالتقويم القمري الهجري على الرغم من أن شئون الزراعة والمعاش مرتبطة بالصيف والشتاء والابتعاد عن التقويم الشمسي يخل بنظام الحياة.
قال فضيلته عبر صفحته الرسمية على موقع الفيسبوك أن رجب يُظلنا الآن، وقد أسموه الأصم؛ لأنه فرد وحيد، والأشهر الحُرُم الثلاثة متتالية، ذو القعدة وذو الحجة ومحرم، ولذا أسموه برجب الفرد، وأسموه رجب الأصم، والأصب؛ لأنه تصب فيه الرحمات وتتنزل فيه السكينة.
وأضاف جمعة، أنه في هذا الشهر الكريم أسرى الله عز وجل -في معجزة لا مثيل لها بين الأنبياء- بنبينا ليلًا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير، حرره الله، ورده إلى المسلمين من أيدي الصهاينة الملاعين.
لماذا يتمسك المسلمون بالتقويم الهجري؟
وتابع جمعة أنه ورده سؤالًا مضمونه: إن المسلمين يتمسكون بالتقويم القمري وينسبونه إلى هجرة المصطفى ﷺ، والقمر له دورة في كل شهر حول الأرض، وسنته وشهوره تمرُّ على الصيف والشتاء، والله سبحانه وتعالى جعل الزرع والضرع متصلًا بالصيف والشتاء، وليس متصلًا بالقمر ودورته، فإذا نحن سرنا على التقويم القمري الهجري اختلَّ شأنُ النظام والمعاش ولذلك لا بد أن نسير على التقويم الشمسي؛ لأنه هو الذي ينضبط مع الصيف والشتاء، ومع الربيع والخريف، ومع خروج الزرع وأحوال الميلاد والضرع عند الحيوان.
مقاصد الخلق الثلاثة
أجاب فضيلة المفتي قائلًا: إن الله سبحانه وتعالى لما خلق الكون قصد منه ثلاثة مقاصد:
أولها: العبادة، قال تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ}.
وثانيها: العمارة، قال تعالى: {هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا} أي طلب منكم عمارها.
وثالثا: التزكية، {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا (9) وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا}.
العبادة، العمارة، التزكية، والله سبحانه وتعالى أمرنا أن نقرأ كتابين، ووضع لنا الليل والنهار والشمس والقمر من أجل هذين الكتابين، القرآن، والأكوان، وهما قد صدرا من الرحمن، أما القرآن فقد صدر من عالم الأمر، وأما الأكوان فقد صدرت من عالم الخلق. قال تعالى: {أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ}. وأمرنا أن نقرأ كتاب الكون، وأن نقرأ كتاب الوحي، وأنه لا تناقض بينهما، وربط كتاب الوحي بالليل، وبالقمر، وربط كتاب الكون بالنهار وبالشمس، وبالعمارة.