عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

علمتنى الحياة أن لكل فعل رد فعل، ولكل جهد ثماره، وأن أى عمل جيد لا يُمكن أن يضيع سُدى، لذا فلدى تقديرعظيم للشكوى التى قدمتها دولة جنوب إفريقيا فى محكمة العدل الدولية ضد إسرائيل لتتهمها بالإبادة الجماعية وتعمد التجويع والتهجير للشعب الفلسطينى.

لقد تابعت الجلسات باهتمام شديد، وكان واضحًا لى من خلال المرافعة، ومن كلمات الفريق القانونى للدولة الإفريقية الشقيقة، واستشهادات، وإشارات أعضائه للمواثيق والاتفاقات الدولية أن جنوب إفريقيا تتعامل باحترافية واهتمام كبيرين، وأنها استعدت استعدادًا حقيقيًا لهذه الجولة القانونية غير المسبوقة.

وإذا كان البعض يرى أن العدوان الإسرائيلى الغاشم أقوى من المساءلة، ويتصور أن الدعم الغربى لدولة الاحتلال هو دعم مطلق ودائم، وأن إخضاع القوة الغاشمة غير ممكن فى ظل ارتباط مصالح كثير من دول العالم بالولايات المتحدة وإسرائيل، وهو ما يعنى أنه ليس فى الإمكان أفضل مما كان، فإن دولة جنوب إفريقيا أثبتت أن العدل الإلهى يُمكن أن يتحقق على الأرض بجهد ونضال طلابه، والمؤمنين بالعدالة الحقيقية. وأكدت أيضا أن أبسط خطوات مقاومة أى ظلم دولى هى الجهر بالأمر، وتوجيه أصابع الاتهام نحو الجناة.

وليس أدل على أهمية هذه الخطوة من مسارعة إسرائيل للمثول أمام المحكمة، واهتمامها بالرد الدعائى المتعجل، واختلاق الأكاذيب للتبرؤ من جرائم الحرب التى تم ارتكابها. فكل ذلك يعنى أن إسرائيل تحاول الافلات من سيناريو الإدانة الدولية.

وقطعا، فإننى أدرك  تماما مثل كثير من الساسة والمراقبين أن محكمة العدل الدولية، هى كيان دولى رمزي، ليس لديه الأدوات والوسائل الفعلية على الأرض لوقف حرب أو تغيير سياسة، وليس أدل على ذلك من قرارها فى العام قبل الماضى بايقاف الحرب الروسية على أوكرانيا، لكن مُجرد إدانة المعتدي، يؤثر بشكل كبير على خططه ونواياه لتوسيع نطاق الحرب أو إطالة آمادها. ومن ثم يساهم فى حشد الجهود الدبلوماسية الدولية لوقف العدوان الوحشى وإيقاف نزيف الأرواح.

وتدريجيا فإن الخروج بإدانة إسرائيل يجعل موقف الولايات المتحدة الداعم لدولة الاحتلال حرجًا خاصة أمام الشعب الأمريكى ذاته. وحسبى أن أؤكد أن المجتمع الدولى يشهد تغيرات وتحولات لافتة تساهم فيها أجيال الشباب الصاعد المنتبه لاختلاف سياسات كثير من الحكومات الغربية عما تتبناه من قيم ومبادئ تبدو براقة وإنسانية، ولا شك أن الحرب الإسرائيلية على غزة مثلت نموذجا بارزا لانكشاف هذا التعارض والاختلاف.

وفى تصوري، فإن محاكمة إسرائيل دوليا، حتى لو كانت هذه المحاكمة رمزية، يصب بشكل إيجابى فى صالح السلام، وخدمة القضية الفلسطينية، بفضح مخططات وتوجهات الدولة المعتدية أمام شعوب العالم. 

لقد سبق للمحكمة الدولية أن أدانت الممارسات الفاشية ضد اليهود فى ألمانيا وأوروبا خلال الحرب العالمية الثانية، ولا شك أن تحقيقها فى ما يتعرض له الشعب الفلسطينى من انتهاكات وتجويع وتهجير واستهداف يمثل نقطة تحول مهمة فى صالح القضية الأكثر ظلما فى العصر الحديث، وهى قضية اقتلاع شعب من أرضه، وطرده، وتجويعه،واستنزافه، بل والسعى لتصفية وجوده.

إننا فى مصر والعالم العربى نتطلع بتعاطف وتأييد ودعم حقيقى للشعب الفلسطينى العظيم فى نضاله من أجل حقوقه المشروعة التى لا يختلف عليها إنسان، بغض النظر عن دينه أو لونه أو عرقه.

وسلامٌ على الأمة المصرية..