رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

ونس الدكة

تصدرت كافة المنصات الإخبارية العربية والعالمية خلال الأيام الماضية الدعوى القضائية المرفوعة من قبل دولة جنوب أفريقيا أمام محكمة العدل الدولية ضد الممارسات التى ترتكبها إسرائيل من حرب إبادة جماعية ضد الشعب الفلسطينى الأعزل فى غزة منذ 7 أكتوبر 2023.

هذا الترقب العالمى لمجريات القضية يعد من وجهة نظرى تغيراً ملموساً فى الإعلام الغربى للصورة النمطية المأخوذة عن الكيان الإسرائيلى المحتل باعتباره تاريخيًا هو الضحية التى تدافع عن نفسها ضد المنظمات الإرهابية الفلسطينية.

بدا هذا بشكل واضح فى تصريحات حازم الضمور، مدير عام معهد ستراتيجيكس للدراسات والأبحاث الاستراتيجية، لوكالة الأنباء الإخبارية ال بى بى سى، مشيرًا إلى أنه فيما يتعلق بدفاع إسرائيل عن نفسها فى محكمة العدل الدولية، فقد تأسس ذلك الدفاع على مطالبة المحكمة بإسقاط القضية، ووصف حربها على غزة بالدفاع عن النفس ضد حماس والمنظمات الأخرى التى وصفتها بـ»الإرهابية»، وهو دفاع وصف بالركاكة والضعف من قبل خبراء قانونيين، فى مقابل مرافعة جنوب أفريقيا المتماسكة والمتينة والتى تم التحضير لها جيدًا بالوثائق والصور والفيديو والشهادات والقوانين، والمبنية على حجج قوية حسب نفس الخبراء». 

وقد توقع الضمور أن الدعوى القضائية فى حد ذاتها لن تكون فى صالح إسرائيل من النواحى السياسية والقانونية والصورة العامة التى حاولت إسرائيل أن تبنيها خلال ٧٠ عاماً، معتبرًا أن سمعة إسرائيل تتعرض للضرر، كما أنها لن تستطيع تجاهل القرار إذا كان ضدها، وسوف تضطر إلى إجراء تغييرات فى سياساتها وعملياتها فى غزة.

ويجد الضمور زيادة حجم التحولات الدولية المناوئة لإسرائيل بعد الحرب على غزة، وعدم قدرة إسرائيل على تجاهل تلك التحولات كما كانت تفعل سابقاً، حيث اعتادت إسرائيل على وصف هيئة الأمم المتحدة ووكالاتها، بما فى ذلك المحاكم الدولية، بالتحيّز لصالح أعداء إسرائيل، كما أنها عملت على مقاطعة محكمة العدل الدولية فى مداولاتها بشأن جدار الفصل العنصرى فى عام 2004 بذريعة عدم الاعتراف بسلطة تلك المحكمة، لكن الضمور يرى أن الأمر اختلف هذه المرة بعد الدعوى التى تقدمت بها جنوب أفريقيا، وهذا بحد ذاته تحول لافت فى الموقف الإسرائيلى.

تأتى التكهنات بانقلاب جذرى للصورة الذهنية الغربية لإسرائيل من المرافعة المذهلة والقوية لمحامى جنوب أفريقيا فى هذه القضية، تمبيكا نجكوكايتوبى، الذى طالب بحتمية وقفٍ فورى للعمليات العسكرية التى يقوم بها الجيش الإسرائيلى فى قطاع غزة الذى يبلغ عدد سكانه نحو 2.3 مليون فلسطينى، معلقًا أنّ ما يحدث فى غزة الآن يرقى إلى درجة «الإبادة الجماعية» وأنه جزء من «القمع» الذى تمارسه إسرائيل ضد الفلسطينيين على مدار عقود طويلة.

وقال نجكو كايتوبى: «فى ضوء حجم الدمار فى غزة واستهداف المنازل والمدنيين، أصبحت الحرب حربًا ضد الأطفال. كل ذلك يلقى الضوء على أنّ نية الإبادة الجماعية ووضعها حيز التنفيذ، وهو ما يشير بوضوح إلى أن المستهدف من هذه الحرب هو تدمير الحياة الفلسطينية». 

فى مقابل الدفاع الأفريقى المتماسك جاء دفاع إسرائيل هزيلًا ومربكًا على هيئة أسطوانة مشروخة كلما حاصرها المجتمع الدولى بمدى قبحها الإنسانى، حيث رأى دفاع إسرائيل أنّ الطلب المقدم من جنوب أفريقيا يُعد «محاولة لمنع إسرائيل من ممارسة حقها فى الدفاع عن نفسها ضد ما تتعرض له من اعتداء». 

يُذكر أنه فى حالة إصدار محكمة العدل الدولية قرارًا بوقف فورى لإطلاق النار فى غزة وخالفت إسرائيل هذا القرار، فإنها قد تتعرض لعقوبات دولية.

وتقع جمهورية جنوب أفريقيا فى أقصى الطرف الجنوبى للقارة، ويوجد فى جنوب أفريقيا أكبر عدد سكان ذوى أصول الأوروبية فى أفريقيا، وأكبر تجمع سكانى هندى خارج آسيا، وأكبر مجتمع ملون (ذوى البشرة السوداء) فى أفريقيا، ما يجعلها من أكثر الدول تنوعًا فى السكان فى القارة الأفريقية.

وسوف ينظر 15 قاضيًا وقاضية من بينهم 3 عرب فى محكمة العدل الدولية الدعوى التى رفعتها دولة جنوب أفريقيا ضد إسرائيل بتهمة ارتكاب إبادة جماعية بحق المدنيين الفلسطينيين خلال حربها المستمرة على غزة، وينتمى أولئك القضاة إلى بلدان عديدة، ويتم انتخابهم لولاية تستمر 9 سنوات.

ومحكمة العدل الدولية هى الهيئة القضائية الرئيسية لمنظمة الأمم المتحدة. ويقع مقرها فى لاهاى بهولندا. وهى الجهاز الوحيد من بين الأجهزة الستة للأمم المتحدة الذى لايقع فى نيويورك. أُسست عام 1945، وبدأت أعمالها فى العام اللاحق، وحلت محل المحكمة الدائمة للعدالة الدولية.

وتعد الأحكام الصادرة عن المحكمة قليلةً نسبيًا، تتألف المحكمة من 15 قاضيًا، تنتخبهم الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن، لمدة تسع سنوات، ويمكن إعادة انتخاب الأعضاء. يُنتخب ثلث الأعضاء كل ثلاث سنوات. ولا يسمح بوجود قاضيين يحملان نفس الجنسية، ويجب أن يمثل القضاة كل الحضارات والأنظمة القانونية الرئيسية فى العالم.

منذ دخول قضيتها الأولى فى 22 مايو 1947، نظرت محكمة العدل الدولية فى 178 قضية حتى نوفمبر 2019.