رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

مراجعات

مع استيعاب صدمة «مفاجآت وهدايا» العام الميلادي الجديد، واستمرار «سيل» موجات الغلاء المتوحشة، التي طالت كل شيء تقريبًا، يظل هناك دائمًا مَن يُديرون الأزمات بـ«ذكاء» و«جشع»، لتحقيق أقصى استفادة ممكنة من التربح.
يقينًا، هناك تُجَّار أزمات في كل زمان ومكان، لكن الأمر يبدو مختلفًا في مصر، بعد أن لاحظنا خلال الأعوام الماضية، طفرة غير مسبوقة لاستثمار أي أزمة، حتى لو كانت على حساب آلام الناس ومعاناتهم!
بالعودة للذاكرة خلال السنوات الثلاث الأخيرة، عندما أطلَّت علينا جائحة كورونا ـ التي لم تفارقنا متحوراتها بعد ـ لاحظنا استثمار تُجَّار المدافن رغبة مَن أتعبهم البحث عن مقبرة، كنوع مختلف من التجارة، يدغدغ مشاعر الخائفين المرتَعبين، ليجد هؤلاء «المستثمرون» منفذَ «كسب سريع»، بذريعة تخفيف وطأة الوباء، ورفع الروح المعنوية، برسالة طمأنة.. وإن كانت من نوع آخر!
مؤخرًا، انتشر على نطاق واسع «تريند جديد»، متداوَل عبر «وسطاء ومسوقون عقاريون» على مِنَصَّات التواصل الاجتماعي، عن طرح إحدى المجموعات العقارية الشهيرة، «مقابر» بمساحات تصل إلى 40 مترًا بسعر 37.5 ألف جنيه فقط للمتر، وبنظام سداد سنة، واستلام بعد سنتين، على «محور الأمل»!
وبحسب الإعلانات الترويجية على «السوشيال ميديا»، فإن منطقة المقابر توفر «خدمات أخرى»، منها دار للمناسبات ومسجد وجراج ومبنى إداري، بخلاف «الصيانة الدائمة للمشروع»، إضافة إلى السماح للأجانب بالشراء و«التملك»، حيث يبلغ سعر العين الواحدة 1.5 مليون جنيه، يتم دفع 300 ألف مقدم و100 ألف أخرى كقسطٍ شهري على 12 شهرًا!
اللافت أنه نوع مختلف من الاستثمار «الفاخر»، خصوصًا في ظل وجود نقص في المقابر «الراقية»، التي تجد إقبالًا كبيرًا على الشراء، خصوصًا من أولئك «الأحياء» الذين يفضلون شراء مقبرة بأسمائهم ـ لهم ولعائلاتهم من بعدهم ـ تكون قريبة من محل إقامتهم، حتى يسهل عليهم زيارة موتاهم!
وبعيدًا عن تلك المقابر «الفاخرة»، إلا أن أكثر ما يلفت الانتباه، هو تلك الاستعدادات المبكرة لـ«مرحلة ما بعد الموت»، من خلال ترويج مكثف بأساليب مبتكرة و«إغراءات» جذابة، ليصبح «الاستثمار في المقابر» حلم كثير من الباحثين عن الثراء السريع والربح المضمون.
المثير في هذا النوع من «الاستثمار» هو تلك الإعلانات «المستفزة»، التي تستخف بجلال الموت وهَيْبَتِه، خصوصًا تلك التي تتحدث بإلحاح عن «فرصة العمر»، أو «أقل سعر، وأطول فترة سداد».. وغيرها من «المزايا» الفريدة لـ«ساكني القبور» وذويهم!
أخيرًا.. هناك بالفعل شركات متخصصة «تتعامل باحترافية»، لخدمات مراسم الجنازة، تُعنى بتقديم كافة «الخدمات اللوجستية»، خلال الفترة العصيبة التي يمر بها أي شخص عندما يفقد عزيزًا لديه، تتضمن خدمة متكاملة تغطي جميع مراحل تكريم المتوفى، وخدمات «الدعم ما بعد الوفاة»!
فصل الخطاب:
يقول «المتنبي»: «بِذَا قَضَتِ الأَيامُ ما بَينَ أَهْلِها.. مَصَائِبُ قَوْمٍ عِندَ قَوْمٍ فَوائِدُ».

[email protected]