رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

لغتنا جذور هويتنا (٢٥)

لا تخلو مسيرة الحضارات، منذ أقدم عصور التاريخ من العقبات والصعوبات والتحديات، وهكذا كانت مسيرة الحضارة العربية الإسلامية بلسان عربى مبين؛ إذ لم تمضِ عبقرية المكان الحضارى العربى الإسلامى، وتنتشر إشعاعاته فى سهولة ويسر. بل كانت تصارع ألواناً من العسر والضر، والقتال والكفاح، وعلى سبيل المثال، كانت الدولة الخوارزمية بقيادة السلطان علاء الدين خوارزمشاه تعيش فى سلام، وعطاء، حتى كانت بدايات التناوش بينه وبين جنكيز خان قائد المغول مع قصة الوفد التجارى عام 1219م، ودخوله بخارى فى ذلك العام، وسقوط سمرقند، حاضرة بلاد ما وراء النهرين، فى يد المغول، وتعقبهم السلطان محمد خوارزمشاه، وفتح المغول لإقليم خوارزم، وسقوط خراسان فى أيدى المغول، حتى سقطت الدولة الخوارزمية بسبب التفكك والضعف، وليبدأ هولاكو عمله عام 1259م، لتضعف جيوش الخلافة العباسية، وليقضى هولاكو على الطائفة الإسماعيلية، وليحاصر بغداد، حتى تسقط، ثم يبدأ الزحف إلى بلاد الشام، حيث الناصر يوسف الأيوبى (1252-1265م) صاحب حلب ودمشق، لتسقط الأولى، ثم الثانية، وليدخل دمشق فى مارس 1258م، ثم تكون معركة عين جالوت يوم الجمعة الموافق 3 من سبتمبر 1260م، وانتصار الجيش المصرى، ويمكن للقارئ الكريم أن يقرأ عن المغول: 

جامع التواريخ، رشيد الدين فضل الله الهمدانى، تحقيق محمد صادق نشأت، وفؤاد الصياد، ومحمد مرسى الهنداوى، مج 2، ج1 القاهرة 1960، والنجوم الزاهرة فى ملوك مصر والقاهرة، ابن تغرى بردى، دار الكتب المصرية، القاهرة 1944، والمغول، الباز العرينى، النهضة العربية، القاهرة 1981، وتاريخ المغول، عباس إقبال، ترجمة عبدالوهاب علوب، أبوظبى 2000، المغول، سامى محمد المرسى، دار العالم العربى، القاهرة 2011).

 ورب ضارة نافعة؛ فقد أدى ذلك كله إلى تفاعل حضارى وفكرى ولغوى، فانتقلت كلمة (هندسة) من الأصل الفارسى (إنداز) أى المقادير، قال الخليل بن أحمد الفراهيدى: «المهندس الذى يقدر مجارى القنى (القنوات)، ومواعها حيث تحفر، وهو مشتق من الهندزة، وهى فارسية، فغيرت الزاى سيناً..لأنه ليس بعد(الدال) (زاي) فى كلام العرب، قال بعضهم فى إعراب إنديشة أى الفكرة، وليس ذلك بصحيح؛ فإن فى بعض كلام الفرس ( إنذارة) باختيار مارى بايده: أى الهندسة يحتاج إليها مع أحكم النجوم (علم الفلك)»، وقد يقع هذا الاسم على تقرير المياه كما قال الخليل. انظر الخوارزمى، أبى عبدالله محمد بن أحمد الكاتب، مفاتيح العلوم، تحقيق فان فلوتن، قدم الطبعة محمد حسن عبدالعزيز، هيئة قصور الثقافة، القاهرة الذخائر رقم 118، القاهرة 2004،ص 202. 

وبرز كثيرون ممن نالوا الألقاب العلمية عالمياً، وتعددت مصنفاتهم من أمثال:

الكندى (805م): أبو المكتبات، وله نحو مائتى وستين مصنفاً.

والرازى، أبوبكر (864ـ932م): جالينوس العرب، أو طبيب المسلمين، ومدبر البيمارستانات

والحسن بن الهيثم ( 965م)، وله نحو مائتى مصنف.

وابن رشد (1126م): المعلم الثانى....إلخ.

ويمكن التماس كثير من الشواهد فى كتاب (الدولة الخوارزمية: نشأتها، علاقاتها مع الدول الإسلامية، نظمها العسكرية والإدارية (490ـ 629هـ/1097ـ1231م)، نافع توفيق- آداب بغداد 1978.

 تلك النماذج وهى غيض من فيض بلا جدال توضح للباحثين أن ذلك الدور الحضارى العظيم ليس محصوراً فى مجال واحد فحسب، أو فى بيئة ضيقة محدودة، وإنما طمحت تلك الرسالة السماوية إلى تطلع عالمى إنسانى يتجه للإنسانية جمعاء، استطاع أن يجد الوسيلة المطواعة، وهى اللغة العربية، منطلقاً من روح المساواة والتسامح والحرية والتفاعل والتآخى والبناء فى الدين الإسلامى، وذلك عبر مسيرة التاريخ فى العصور: الجاهلى والإسلامى والأموى والعباسى عوائق وتحديات والأندلسى والمملوكى (648هـ/ 1250- 1516م)، والأتراك العثمانيين (1516-1798م)، بما فى ذلك من أحداث دامية، ومن الصراعات على الحكم، وما إلى ذلك من ملمات لم تعق المسيرة الحضارية كسقوط بغداد ودمشق فى أيدى التتار والمغول، وحرق الكتب والمخطوطات، ودور العلم على أيدى هولاكو، قبل أن يهزم فى عين جالوت 1260م، ثم حفيده تيمورلنك بعد قرن ونصف 1386- 1400م، ثم جاء المماليك (648ـ 923هـ)، وأتباعهم؛ لتظل مصر تحت حكم الأتراك ثلاثة قرون (1516- 1798م)، حتى تآمرت الدول الأوروبية على تركيا، واقتسمت، بدورها، من ثم ما كان يطلق عليه دول الخلافة الإسلامية فى مؤتمر برلين سنة 1878م. هذا التقسيم الذى مزق إرث تركيا، واستولى عليه، فاحتلت إنجلترا مصر1882م، وقبرص، وزحفت روسيا إلى البحر الأسود، وفرنسا إلى تونس 1881، وإلى لبنان، وإيطاليا إلى ليبيا 1911و1912م، وتخلت تركيا عن رومانيا وصربيا.

 

عضو المجمع العلمى المصرى، وأستاذ النقد الأدبى بجامعة عين شمس