رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

تأملات

مع قراءتك هذه السطور يكون قد مضى 75 يوما تقريبا على عملية طوفان الأقصى، ورغم ذلك ما زالت الأوضاع مشتعلة فى غزة ولم تهدأ بعد، وهو ما يشير إلى ضخامة تأثيرها على إسرائيل ما استدعى العمليات العسكرية التى تعد الأطول فى المواجهات الفلسطينية الإسرائيلية.

المشكلة أنه رغم عمق «الجرح» الإسرائيلى، فإن كل ما قامت به إسرائيل من أعمال همجية ضد الفلسطينيين فى غزة لم يحقق شيئا ذا بال.. فالبنية التحتية هناك التى دمرت تماما سيعاد إقامتها من جديد. صحيح أن الجانب الأكبر ربما يكون على حساب العرب ولكن الأوضاع فى غزة سكانيا ستعود كما كانت، وسيكون لأهالى غزة بيوت كما بيوتهم التى دمرت وستعود الحياة لمجرياتها الطبيعية بعد أن يكون كل بيت هناك قد فقد ابنا أو أخا أو زوجا من بين الثمانية عشر ألف شهيد هناك حتى الآن.

قد تفرض إسرائيل ترتيبات أمنية وقد تقتطع منطقة عازلة جديدة من غزة.. كل ذلك وارد ولكن الأهداف الحيوية والرئيسية لإسرائيل لم تتحقق وربما لا تتحقق فى المقبل من الأيام.. فالتهجير القسرى وهو الهدف الحقيقى الذى استغلت طوفان الأقصى لتحقيقه لم يتم وتقف دونه عقبات كثيرة، والقضاء على حماس هدف ما زال يلوح فى الأفق ولكنه بعيد المنال، على العكس تكاد العمليات الإسرائيلية هناك تجعل من كل فلسطينى فى غزة حمساويًا غصبًا عنه.

على الجانب الفلسطينى فإن جانبًا من الأهداف التى تم من أجلها طوفان الأقصى لم تتحقق، حيث زادت من قبضة تل أبيب على أوضاع الفلسطينيين سواء فى الضفة أو غزة، إن لم تكن الأمور قد زادت سوءا بتحول غزة التى كانت طليقة بالأمس إلى محتلة اليوم.

وإذا كان من الطبيعى أن قدرات حماس تتآكل بفعل طول فترة الحرب وسط حصار إسرائيلى صارم، فإنه على الجانب الآخر بدأ التبرم بامتداد فترة الحرب على النحو الذى يخيل إليك معه وكأنه سيأتى الوقت على إسرائيل الذى تعلن فيه سحب قواتها من طرف واحد على غرار ما فعلت سابقا، وذلك تحت وطأة الخسائر التى تواجهها هناك بشكل خاص فى الجنود.

باختصار المسألة أصبحت تمثل ما يمكن وصفه بالإنهاك المتبادل بين الطرفين بغض النظر عمن لديه الحق فى الصراع وهو حماس بكل تأكيد من وجهة نظرنا، ومن ليس له الحق، وهو إسرائيل كما نوقن.

السؤال الذى يطرحه بعض العقلاء خاصة على الجانب الإسرائيلى هو ماذا بعد؟ أو ما هى سيناريوهات اليوم التالى للحرب؟ وهو سؤال واضح أنه يشغل بال القادة السياسيين والعسكريين بل والمواطن العادى فى إسرائيل فى ضوء الشعور بفداحة ما جرى ومحاولة السيطرة على الموقف حتى لا يتكرر ثانية. على الجانب العربى واضح أن الأمر ليس ملحًا على النحو ذاته، وهو أمر غير مستغرب فى ضوء حقيقة أن هذا الموقف يغيب عن الأزمة ذاتها فما بالك بتداعياتها!

المؤسف فى الطرح الإسرائيلى العام أنه يأبى أن يعترف بالحقيقة المرة وهى أنه طالما بقى الاحتلال واستمرت أوضاع الفلسطينيين على ما هى عليه فى الضفة وغزة فلن يكون هناك لا سلام ولا استقرار ولا راحة بال سواء للإسرائيليين أو الفلسطينيين. منطق الأحداث ولغة العقل تفرض الانسياق وراء حقائق الأمور التى تؤكد على أن التوصل إلى تسوية سلمية يحقق جانبًا من الأهداف الفلسطينية ربما يكون هو الخلاصة الحقيقية مما جرى.. حدود وتفاصيل هذه التسوية أمر يجب أن يبقى مطروحًا على طاولة المفاوضات.. ذلك أول ما يجب أن يتم البدء به فى اليوم التالى للحرب!

[email protected]