رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

نبضات

ونحن على مشارف انتخابات رئاسية، ستشهدها مصر فى غضون أيام، يتبادر إلى ذهن كل مواطن سؤال يتردد: ما الذى سيقدمه المرشح الفائز كمحاولة لتحسين أوضاع شتى على مستويات عدة؛ سواء اقتصادية أو تعليمية أو ثقافية، أو غيرها؟

ولأنه كلٌ يبكى على ليلاه، ستختلف المطالب المطروحة على طاولة كل مواطن، حسب ما يراه ملحًا وضروريًا فى ملف أولوياته، فمنهم من سيرى ملف الصحة ذا أولوية، يحتاج دعما غير محدود، وربما رأى آخرون أن التعليم هو منطلق كل الملفات وأساسٌ بصلاحه ينصلح حال البلاد والعباد، وقد يركز البعض على الملف الاقتصادى فى ظل أزمات متتالية أفقدت المواطن توازنه وغيرت من الخريطة الاجتماعية للطبقات، فيما نرى آخر يتحدث باهتمام عن تداعى الحال الثقافية بمصر وضرورة النهوض بالملف الثقافى. 

الواقع أن الملفات جميعها ذات أهمية وأولوية لأى بلد، فالملف التعليمى يبنى مواطنا قادرا على الاختيار والتفكير والعطاء، وهذا المواطن لن يتمكن من العطاء إن لم يتمتع بصحة تعينه على ذلك، وما الذى يفعله بكليهما بينما رأسه خاوٍ لا يملك من مقومات التفكير العلمى والثقافة الواسعة ما يمكنه من الإضافة والابتكار وتحسين أحواله وحال أبنائه، وكل ذلك لن يجدى نفعا طالما يئن تحت مقصلة الغلاء والفساد والاحتكار والأجور المتدنية وتفشى البطالة. 

إذن فالملفات جميعها تتشابك وتتقابل فى نقطة واحدة وهى بناء مواطن قادر على أن يحيا حياة كريمة بحق، حتى يمكنه أن يعطى، لا أن يكون مجرد ترس فى آلة لا تكف عن الدوران ولا يعرف أحد لها فائدة.

ولكن دعونى أتناول هنا ملفًا واحدا من تلك الملفات الحتمية، بشيء من التفصيل، كنوع من التخصص، وليس بغرض الأولوية، ألا وهو الملف الثقافى بمصر..

وعلى غرار ما قاله يوما نيلسون مانديلا «لا يوجد بلد يمكن أن يتطور حقا ما لم يتم تثقيف مواطنيه»، وإذا ما افترضنا أننا نبحث عن التقدم والتطور فى ظل ما نجابهه ويواجهه العالم، فإن الثقافة هنا تصبح أمرا مهما لا يمكن تهميشه بحال، بينما ما نحياه من واقع يؤكد أن هناك تهميشًا وتحييدًا للملف الثقافى بشكل سافر، يوضحه تخفيض ميزانية الثقافة إلى النصف تقريبا، وافتقادها لكثير من الدعم، وهو ما حدث منذ فصل وزارة الآثار عن الثقافة، دون الأخذ فى الاعتبار أهمية ذلك القطاع وضرورة مضاعفة ميزانيته لتلبية أجزاء مما يقدمه من فعاليات وأنشطة على مستوى الجمهورية، بكافة مؤسساته، وهو ما يتطلب معه بعض الإجراءات الملحة، أهمها العمل على برنامج لتطوير المؤسسات الثقافية، وبموجب هذا البرنامج يتم العمل على إحلال وتجديد وتطوير المؤسسات والمنشآت الثقافية، حيث هناك العديد من تلك المؤسسات إما متعثرة وإما مغلقة وإما غير ذلك من أسباب أدت إلى خروجها من الخدمة الثقافية، وذلك بسبب العديد من الأمور؛ إما لقلة الاعتمادات والمخصصات المالية وإما للاشتراطات الخاصة بالحماية المدنية وإما بسبب إجراءات التخصيص للأراضى.

كذلك ضرورة رفع كفاءة العديد من دور العرض والمسارح وإجراء الصيانة للعديد منها، وفتح العديد من بيوت وقصور الثقافة التى تفتقدها كثير من المناطق النائية، ضرورة تخفيض الضريبة وأسعار التذاكر.

وإن كان لوزيرة الثقافة السابقة تصريح صحافى منذ عامين مضيا، مفاده أن ٧٣ بالمائة من ميزانية الوزارة تذهب على رواتب العاملين، فإن الأمر حقا يدعو للخجل، وإعادة النظر بل وربما الهيكلة.

وإذا كانت الدولة قد اتجهت لإنشاء مدينة الثقافة والفنون بالعاصمة الإدارية الجديدة، لتحويلها إلى منطقة ترفيهية وسياحية وفنية، فإن الأمر قد يبدو مفيدًا إذا ما تحدثنا عن تحقيق تلك المدينة لعوائد استثمارية ربما انعكست إيجابا على الإنتاج الفنى والثقافى، ولكن.. حتى يحين جنى ثمار هذا الحلم، ألا تستحق المؤسسات الثقافية المقامة بالفعل والتى تحمل على عاتقها مهمة الثقافة منذ تأسيس أول وزارة للثقافة بمصر، عام ١٩٥٨، ألا تستحق هذا الدعم والتطوير وتخصيص ميزانية تليق بمهام الوزارة، وبناء مواطن واعٍ ومثقف؟