رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

تُذكرنا الحرب الغاشمة التى تقودها إسرائيل ضد الأطفال والنساء والشيوخ فى غزة والأراضى المحتلة بمقولة حاسمة بليغة صكها الزعيم المصرى خالد الذكر سعد باشا زغلول يوما ما، والتى تقول «إن الحق فوق القوة».

ولا شك أن البعض ينظر باستخفاف إلى هذه العبارة، ويتصورها مجرد شعار إنشائى عاطفى خالِ من أى عمق، ويتصور هؤلاء أن القوة تغلب دائما. غير أن القارئ المتعمق للتاريخ، والمتدبر فى حوادثه يكتشف غير ذلك، لأن انتصار القوة فى بعض الأحيان وسيطرتها لا يعنى أبدا أنها هى الحق، ومهما طال زمن تغلب القوة، فسرعان ما تتبدل الأوضاع ويستقيم الأمر ليعلو الحق مرة أخرى.

وأبسط مثال على ذلك هو هيمنة الاستعمار الغربى على العالم القديم عقودا طويلة، وسلب خيراتها تحت دعاوى كاذبة، ثم زواله بعد نشوء حركات التحرر، واستقلال الأمم الفقيرة البائسة التى كانت مغلوبة على أمرها.

وفى مصر تحديدا دخل الاحتلال البريطانى سنة 1882 على خلفية أزمة الديون، وما تبعها من حوادث وتدخلات، وتم وفرض الحماية على مصر، واستغلت بريطانيا كافة إمكانات البلاد وسخرت كل ثرواتها لمصالحها الخاصة، لكن تسيدها وهيمنتها لم تعنَ أبدا أنها الحق، فولدت الحركة الوطنية، وآمن المخصلون أن الاستعمار باطل، وأنه مهما كانت قوته، فسيسقط أمام الشرعية.

ولا شك أن بعض الناس نظروا إلى عبارة سعد باشا وقتها غير مُصدقين أن الحق المتمثل فى استقلال مصر يُمكن أن ينتصر، وأن المعتدى صاحب القوة، وهى الامبراطورية البريطانية، ستندحر، وستغادر المستعمرة المفضلة لديها، ثم رحل سعد باشا إلى دار الخلد فى 23 أغسطس سنة 1927، وواصلت الحركة الوطنية كفاحها تمسكا بالحق، ونالت مصر استقلالا رسميا فى معاهدة 1936، ثُم حققت الاستقلال التام عام 1954، وتم الجلاء عن مصر.

ومن يراقب تفاصيل العدوان الإسرائيلى اليومى، ويتابع أخبار الاعتداءات الوحشية ضد الفلسطينيين، أصحاب الأرض الحقيقيين يُدرك يقينا بأن غطرسة القوة وصلت بدولة الكيان الصهيونى إلى حد الاستهانة بكل حق. فعلى الرغم من أن إسرائيل سبق ووقعت مع السلطة الفلسطينية بقيادة ياسر عرفات اتفاقا للسلام فى أوسلو قبل أكثر من ثلاثين عاما، وكان أحد نصوصه الرئيسية هى السعى لإقامة سلام دائم وعادل ينبنى على إنشاء دولة فلسطينية مستقلة، إلا أن امتلاك إسرائيل للقوة دفعها دفعا نحو التعامل بصلف واستفزاز تحت وهم إمكانية فرض الأمر الواقع فرضا، وهو ما انتهى بها إلى هذه الحرب التى يخسر فيها الجميع وتؤدى إلى خلخلة الشعور العام بالأمن والاستقرار لدى الإسرائيليين أنفسهم.

وأقول لكم إن الحق قوى ولو بدا ضعيفا، والحق غالب بصموده، واعتزاز المؤمنين به وبنبل مقاصده. لذا فإن الصمود العظيم للشعب الفلسطينى الشقيق والذى يدهشنا كل يوم، نابع من قضية حق لبشر تعرضوا لعدوان كريه على أرضهم وهويتهم من جانب مهاجرين مشتتين من مختلف أقطار الأرض فى ظل حماية ورعاية استعمارية بغيضة.

وبيقين أيضا أقول لكم إن الحق سينتصر حتما ولو طال الزمن، فهذا درس التاريخ الذى لا ينسى.

وسلامٌ على الأمة المصرية.