رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حتى نلتقي

إذا لمح فأر قطة فرّ هاربًا، وحين ترى غزالة نمرًا تلوذ بالركض من فرط الرعب، حتى الأسد، وهو ملك الغابة، فلا يتردد لحظة فى الابتعاد عن طريق الفيل طلبًا للسلامة، ولا يجرؤ هذا الأسد على مهاجمة الفيل واصطياده إلا إذا حشد له مجموعة من رفاقه تصل أحيانا إلى عشرة أسود!

إنها معادلة الحجم والخوف، إذ يبدو أن الكائن الحى يدرك حجم نفسه بالقياس إلى أحجام الآخرين ممن يقتسمون معه الحياة فى هذه الأرض، وبالتالى كلما كان حجم الحيوان قليلا اعتصم بالاختباء بعيدًا عن الخطر المحدق الذى يمثله الحيوان الأكبر منه حجمًا.

الأمر نفسه يتكرر فى عالم البشر، فالطفل الصغير يخشى ممن هو أكبر منه حجمًا، والشاب البالغ يتحاشى دومًا الاحتكاك بمن هو أكثر منه قوة وشبابًا، أما المرأة فلا تتورط فى معركة يدوية مع رجل إلا إذا قام بتهديد حياتها أو أبنائها، فالمرأة تعلم أنها (أقل حجمًا) من الرجل، ومن ثم فهو الأقوى جسدًا، وهى الأضعف بنيانًا.

مرة أخرى، إنها معادلة الحجم والخوف التى تتحكم فى مصائر الكائنات الحية، وإذا كانت قوانين الغابة طورت مهارات الحيوانات الصغيرة والكبيرة بصورة تضبط التوازن البيئى، حتى لا يجور الأكبر والأشرس على الأصغر والأضعف، فإن الأمر اختلف جزئيًا مع الإنسان، إذ استطاع بعقله الجبار أن يخترع أدوات رادعة قادرة على (تكبير حجمه) مهما كان صغيرًا.

تأمل رجلا قليل الحجم أمسك بيده مسدسًا. إنه يستطيع أن يهدد عشرة رجال أقوياء على الأقل ويرديهم قتلى فى لحظات. كذلك تذكر ذلك الطيّار الذى ألقى بقنبلة ذرية على مدينة هيروشيما باليابان، فقتلت نحو ربع مليون إنسان فى دقائق معدودات.

إنه سعى الإنسان لتعظيم قوته فى غابة البشر المحتشدة بكل أنواع القوة القاتلة الطماعة، ومع تنظيم الحياة فى جماعات ودول، صارت الدولة وأجهزتها هى القوة الضابطة الرادعة للشعب الكبير الذى تحكمه وتعمل للحفاظ على مصالحه، أو هكذا ينبغى أن يكون دور الدولة.

إن من يرنو إلى كوكبنا اليوم بنظرة متفحصة يكتشف بيسر كيف يفرض (الأكبر حجمًا) نفسه على الجميع، و(الأكبر حجمًا) هنا تعنى الأكثر تطورًا فى العلم والصناعة والتكنولوجيا والسلاح والاقتصاد إلى آخره، الأمر الذى يجعله يبطش ويعتدى ويقتل إذا لزم الأمر، فهو مطمئن إلى أن قوته تحميه وتردع أى أحد أو شعب أو دولة تفكر فى التصدى لجبروته. وها نحن نرى كيف يقتلون آلاف الأطفال يوميًا ويمنعون الماء والطعام عن الناس دون أن يقدر أحد على ردع القتلة لأنهم مدججون بأعتى الأسلحة، ولأنهم مدعومون بأقوى الدول!

لا ريب عندى فى أن الصراع هو جوهر الحياة، وأن البقاء فى هذه الأرض هو للأقوى والأصلح والأذكى، لذا وجب علينا الانتصار للعلم والحرية والديمقراطية والفن الجميل، فهى الأسلحة الأساسية الفعالة لـ(تكبير حجمنا) وتعزيز قوانا وردع كل من تسول له نفسه الطمع فى ذرة تراب من أرضنا.