رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

ماذا يعنى بيان السفارة الأمريكية الذى صدر يوم الخميس الماضى، بالتعهد بمنع التهجير القسرى للفلسطينيين إلى مصر أو الأردن؟.. لقد صدر هذا البيان فى الوقت الذى أعلنت فيه الولايات المتحدة الأمريكية تعيين هيرو مصطفى جارج سفيرة لواشنطن بالقاهرة، وبالمناسبة هى من أصل كردى، وقالت فى بيان لها إن الشراكة الاستراتيجية بين مصر وأمريكا أمر بالغ الأهمية للسلام والأمن والازدهار الإقليمى، أكثر من أى وقت مضى.. وكانت السفيرة قد أعلنت أمام لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأمريكى، أنها يشرفها أن تكون أول سفيرة أمريكية من أصل كردى فى الخارج. كما وصفت توليها المهمة فى هذا التوقيت وفى ظل الأحداث التى تمر بها المنطقة بأنه يحمل أهمية خاصة.

التعهد الأمريكى من خلال بيان السفارة بالقاهرة بعدم تهجير الفلسطينيين من غزة إلى سيناء أو من الضفة إلى الأردن يعنى أن الرؤية المصرية ثاقبة فى هذا الملف، ويوم أن أعلنت القيادة السياسية موقف مصر الواضح والصريح من قضية التهجير القسرى، يؤكد أن السياسة المصرية رشيدة ومؤثرة حتى على المجتمع الدولى وعلى رأسه الولايات المتحدة، وهذا يعنى بعد النظر المصرى فى هذا الأمر والذى يتمثل فى ضرورة عدم حل القضية الفلسطينية على حساب أطراف أخرى سواء كانت مصرية أو أردنية. ويؤكد بما لا يدع أدنى مجال للشك، أنه مهما كانت المغريات فى هذا الشأن ومهما كانت العواقب لا يمكن بأى حال من الأحوال أن تفرط مصر فى شبر واحد من أراضيها فهذه عقيدة مصرية لن تتغير أبداً حتى ولو كلفت مصر الكثير.

إن النظرة المصرية للحرب الإسرائيلية والموقف فى غزة، واجهه فى البداية المجتمع الدولى وعلى رأسه الولايات المتحدة بعدم اكتراث، إلا أن الأمر الآن تغير تماماً وباتت الرؤية المصرية أمام الدنيا كلها هى «الأصح» فى عدد من الأمور ويأتى على رأسها منع تهجير الفلسطينيين أو حل القضية على حساب أطراف أخرى فى المنطقة، لأنه من حق الفلسطينيين أن يقيموا دولتهم على أرضهم المحتلة. أما القضية الثانية فهى الموقف المصرى الأكثر من رائع والمتمثل فى ضرورة فتح ممرات آمنة لتوصيل المساعدات ومواد الإغاثة والأدوية للشعب الفلسطينى، وهو ما نجحت فيه مصر.. صحيح أنه حتى الآن لم تدخل سوى مائتى شاحنة غذائية وطبية، وبالطبع لا تكفى لحوالى مليونى وأربعمائة ألف مواطن فلسطينى فى غزة، إلا أن مصر مازالت تواصل الجهود الكبيرة من أجل توصيل أكبر قدر من المساعدات للشعب الفلسطينى. ومصر تجرى جهوداً جبارة على قدم وساق مع جميع الجهات المعنية لتسهيل استقبال وإجلاء الأجانب من غزة عبر معبر رفح ويبلغ عددهم حوالى سبعة آلاف يحملون جنسيات أكثر من 60 دولة.

القضية الثالثة وهم الأهم فى هذا الشأن هى أن الرؤية المصرية الرائعة سواء كانت على المستوى الرسمى أو الشعبى غيّرت النظرة تماماً لدى شعوب العالم المختلفة لدرجة أن هذه الشعوب كشفت الازدواجية والكيل بمكيالين لدى حكومات المجتمع الدولى وخرجت المظاهرات الشعبية فى كل بلدان العالم تندد بالمذابح الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطينى وتطالب حكام الغرب بضرورة وقف عمليات الإبادة الجماعية التى تتم حاليا.

ولمصر أن تفخر حكومة وشعباً فى تغيير بعض الشىء لموقف المجتمع الدولى والولايات المتحدة من القضية الفلسطينية.

القضية الرابعة والأكثر أهمية هى أن الحكمة المصرية كانت وراء عدم ضياع القضية الفلسطينية أو القضاء عليها أو إنهائها كما كان مخططاً لذلك. وما زالت مصر عند موقفها الداعى إلى السلام واستئناف المفاوضات وضرورة احترام الشرعية الدولية وتفعيل حل الدولتين وإقامة الدولة الفلسطينية على حدود 4 يونيو 1967، وعاصمتها القدس الشرقية.. ولذلك لا أكون مبالغاً فى القول إذا قلت إن هناك تغييراً حتى ولو كان طفيفاً فى سياسة الولايات المتحدة والمجتمع الدولى تجاه القضية الفلسطينية، ويرجع الفضل فى هذا الأمر إلى السياسة الحكيمة والرشيدة للدولة المصرية فى التعامل مع هذا الملف.

لقد استطاعت مصر برؤيتها الثاقبة أن تعيد ملف القضية الفلسطينية إلى بؤرة الاهتمام من خلال إحياء مباحثات السلام مرة أخرى.. والسؤال المهم: ماذا لو كانت الأمة العربية جمعاء كانت تقف إلى جوار مصر فى هذا الأمر؟ وأعتقد أن الإجابة كانت ستكون إلى الأفضل والأحسن، ورغم ذلك ما زالت الفرصة الذهبية قائمة فى وحدة العرب فى ظل انهيار إسرائيلى كامل وتراجع فى مواقف أمريكا والمجتمع الدولى.

ويبقى إذن ضرورة وقف الحرب واستئناف مفاوضات السلام القائمة على حل الدولتين.