رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

نبضات

فى بداية القرن العشرين نجح اللوبى الصهيونى فى تصدير مشكلة (اليهودية) إلى الشرق الأوسط واستطاع إقناع يهود العالم بأن تهجيرهم إلى فلسطين هو العودة إلى أرض الميعاد، وبالفعل قامت الامبريالية الغربية بزعامة أمريكا بتبنى تلك الفكرة، ليكون الوجود اليهودى والصهيونى الجديد جبهة أمامية للدفاع عن مصالح العالم الغربى فى المنطقة، وعليه فقد صدر قانون العودة عام 1950 ليعطى اليهود حق الهجرة والاستقرار فى فلسطين المحتلة ونيل الجنسية. وفى عام 1970، عُدل القانون ليشمل أصحاب الأصول اليهودية وأزواجهم. 

وقد صدق المفكر الراحل عبدالوهاب المسيرى، حينما قال إن إسرائيل دولة «طفيلية»، فهم كائنات طفيلية شرهة تبحث عن الحراك الاقتصادى، وأنها لن تنهار من الداخل استنادًا الى أن مقومات استمرارها من الخارج لا من داخل المجتمع، ما دام الدعم الأمريكى والغياب العربى موجودين. 

وليس خافيًا على أحد ذلك المخطط الغربى الذى يهدف لتقسيم منطقة الشرق الأوسط وإعادة تخطيطها وفقا لرؤية انطلقت منذ منتصف القرن 19، بضرورة تقسيم العالم العربى والإسلامى إلى دويلات إثنية ودينية مختلفة، حتى يسهل التحكم فيه، فيما أطلق عليه «الشرق الأوسط الجديد».

ففى كتابه «المفاوضات السرية بين العرب وإسرائيل» يشرح محمد حسنين هيكل، كيف نشأت فكرة إقامة دولة صهيونية يهودية، ليست عربية ولا إسلامية فى فلسطين؛ للفصل بين مصر وسوريا، خاصة بعد تجربة محمد على وضمه لدولة الشام كلها، وهى التجربة التى لو كانت كتب لها النجاح، لكانت تحكمت فى الشرق الأوسط كله، خصوصًا أن تتحكم فى المدخل الرئيسى لمنطقة الشرق الأوسط بالنسبة للغرب، ولعدم تكرار تلك التجربة مرة أخرى، فكان لابد من وجود دولة كإسرائيل، فيقول:

«طوال القرن التاسع عشر كان العالم مشغولاً بأربع قضايا: ظاهرة الوطنية، وظاهرة التسابق إلى المستعمرات والتنافس عليها بين القوى الأوروبية، والمسألة الشرقية أى التربّص بإرث الخلافة العثمانية، والمسألة اليهودية، فقد كان اليهود هدف عداء استفحل خصوصاً حول تواجد كثافة الوجود اليهودى فى شرق أوروبا وروسيا ووقتها كان 90 بالمائة منهم يعيشون على تخوم ما بين روسيا وبولندا».

والأمر ذاته أشار إليه عبدالوهاب المسيرى فى إحدى مقالاته حين قال: «فى إطار التقسيم تصبح الدولة الصهيونية الاستيطانية، المغروسة غرسا فى الجسد العربى، دولة طبيعية بل قائدة. فالتقسيم هو فى واقع الأمر عملية تطبيع للدولة الصهيونية التى تعانى من شذوذها البنيوى، باعتبارها جسدًا غريبًا غرس غرسًا بالمنطقة العربية».

ومن عجبٍ أن تلك الرؤية تنطلق متجاهلة الإرادة العربية، وكأن الدول العربية مجرد ظلال غيبية لا حقيقة لوجودها، ولا سبب يدعو لوضعها فى الحسبان عند التقسيم، فهم مجرد أداة تتشكل حسبما أرادت زعيمة العالم وطفلتها المدللة. 

على أن تلك الدعوات المستفزة بتهجير الإخوة الفلسطينيين الى سيناء، لحين إعادة بناء غزة، تطرح على الطاولة ذلك المخطط الصهيونى للتقسيم، والذى ينظر لسيناء على وجه الخصوص «على رأس ذلك المخطط»، بأنها كنز يجب أن يستعيده الإسرائيليون، بعدما أجبروا على تركه، فقد سُئل موشيه ديان ذات مرة عن قاعدة شرم الشيخ البحرية، التى أنشأتها إسرائيل فى شبه جزيرة سيناء بعد نكسة 1967 ، فقال إنها أهم من السلام مع مصر .

وفى تقرير بمناسبة الاستعدادات لإعادة العريش، إلى مصر عام 1979، قالت السفارة البريطانية فى تل أبيب إن «أهمية سيناء لإسرائيل كانت، وتظل، استراتيجية».

فهى «ساحة قتال ضار، غير أنها فى أوقات أخرى ملعب مترامى الأطراف لجيش الدفاع الإسرائيلى، وحلم سياحي وذخيرة طبيعية ومشروع تجريبى زراعي. وهى أيضا نقطة التقاء تجمع البدو بالجمال. وفوق كل هذا هى امتداد لحدود إسرائيل الضيقة يوفر متنفسا روحيا من ضغوط الحياة». 

وبينما كان النقاش يستعر فى إسرائيل بشأن الانسحاب الكامل من سيناء، طرح بعض الساسة الإسرائيليين، وأيدهم مناحيم بيجن رئيس الوزراء فى ذلك الوقت، مبدأ استثناء رفح من أى اتفاق والاحتفاظ بها كاملة.

مؤكدين أنه «منذ عام 1967، وبخاصة بعد عام 1973، كان جزء من الحكمة السياسية الشائعة فى إسرائيل يقول إنه لا ينبغى أبدا إعادة رفح وجوارها إلى مصر لأنه يجب عزل قطاع غزة ومنعه من أن يصبح مرة أخرى خنجرًا موجهًا إلى قلب إسرائيل».

وقال السفير البريطانى فى إسرائيل باتريك هاملتون موبرلى، فى تقرير عن الوضع العام فى إسرائيل حينها، إن الإسرائيليين «يتركون حقول النفط والمطارات، والرحابة المريحة فى فضاءات سيناء الخالية التى تمتعت بها إسرائيل على مدار 15 عامًا». 

كان لهذه «الصدمة» سبب اقتصادى حيوي. فحسب التقديرات البريطانية، حينها، فإن حقوق النفط فى خليج السويس «أثبتت أهميتها الاقتصادية لإسرائيل، إذ توفر لها ما بين 20 فى المئة إلى 30 فى المئة من إجمالى احتياجاتها النفطية». 

هكذا يتضح جليًا ما يرمى إليه ذلك المخطط الصهيونى الغربى تجاه الشرق الأوسط، والذى لا يغفل سيناء كعنصر أهمية استراتيجية واقتصادية لإسرائيل.. فهل بعد كل ذلك يظنوننا غافلين؟ «عُبط إحنا بقا!».

وقال السفير البريطاني في إسرائيل باتريك هاملتون موبرلي، في تقرير عن الوضع العام في إسرائيل حينها، إن الإسرائيليين "يتركون حقول النفط والمطارات، والرحابة المريحة في فضاءات سيناء الخالية التي تمتعت بها إسرائيل على مدار 15 عاما". كان لهذه "الصدمة" سبب اقتصادي حيوي. فحسب التقديرات البريطانية، حينها، فإن حقوق النفط في خليج السويس "أثبتت أهميتها الاقتصادية لإسرائيل، إذ توفر لها ما بين 20 في المئة إلى 30 في المئة من إجمالي احتياجاتها النفطية". هكذا يتضح جليا ما يرمي إليه ذلك المخطط الصهيونى الغربي تجاه الشرق الأوسط، والذي لا يغفل سيناء كعنصر أهمية استراتيجية واقتصادية لإسرائيل.. فهل بعد كل ذلك يظنوننا غافلين؟ "عُبط إحنا بقا!".