رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حكاية وطن

تظل حرب أكتوبر جرحًا غائرًا فى لحم إسرائيل القومى، ونقطة انكسار للمجتمع الإسرائيلى فى مجالات عديدة، لقد قوض النصر الذى حققه الجيش المصرى على إسرائيل، الثقة بالنفس لدى نخبة الأمن الإسرائيلية، وهدم افتراضات أمنية قامت عليها الإستراتيجية الاسرائيلية لفترة طويلة، وتغيرت بعض العناصر الرئيسية فى نظرية الأمن القومى التى تبلورت فى العقد الأول من قيام دولة إسرائيل.

كشفت الحرب أن القوات الإسرائيلية ليست مكونة - كما كانوا يحسبون - من رجال لا يقهرون، إن الثقة الإسرائيلية بعد عام 1967 قد بلغت حد الغطرسة الكريهة التى لا تميل إلى الحلول الوسط، وأن هذه الغطرسة قد تبخرت فى حرب اكتوبر، وأن ذلك يتضح من التصريحات التى أدلى بها المسئولون الإسرائيليون بمن فيهم موشى ديان نفسه.

وأطاحت الحرب بنظرية الحدود الآمنة كما يفهمها حكام تل أبيب، فقد أثبتت أن أمن إسرائيل لا يمكن أن يكفل بالدبابات والصواريخ، وإنما بتسوية سلمية عادلة توافق عليها الدول العربية.

فى هذه الحرب فر الجنود الإسرائيليون من خط بارليف وهم يلتقطون انفاسهم وقد علت القذارة ابدانهم وشحبت وجوههم، فرت فلولهم من الجحيم الذى فتحه عليهم الهجوم المصرى الكاسح، فقد كان الكفاح الذى يقوده الجيش المصرى ضد إسرائيل كفاحا عادلا دفاعا عن حقوقهم، وخاض حربا تحريرية، بعكس الحرب من أجل الاستمرار فى احتلال أرض الغير التى قامت بها إسرائيل فى عام 1967 ضد مصر والتى تعتبر عدوانا سافرًا.

لقد ورد فى كتاب «إسرائيل انتهاء الخرافة» أن فى السادس من اكتوبر سقطت إسرائيل من أعلى برج السكينة والاطمئنان الذى كانت قد شيدته لنفسها، وكانت الصدمة على مستوى الأوهام التى سبقتها قوية ومثيرة وكأن الإسرائيليين قد أفاقوا من حلم طويل جميل لكى يروا قائمة طويلة من الأمور المسلم بها والمبادئ والأوهام والحقائق غير المتنازع عليها التى آمنوا بها لسنوات عديدة، وقد اهتزت بل وتحطمت فى بعض الأحيان أمام حقيقة جديدة غير متوقفة وغير مفهومة بالنسبة لغالبية الاسرائيليين، ومن وجهة نظر الرجل الإسرائيلى العادى، يمكن أن تحمل حرب اكتوبر أكثر من اسم مثل حرب الافاقة من نشوى الخمر، أو انهيار الاساطير، أو نهاية الأوهام، أو موت الأبقار المقدسة.

ومن أهم نتائج حرب اكتوبر انها وضعت حدًا لأسطورة إسرائيل فى مواجهة العرب، وكلفت هذه الحرب إسرائيل ثمنًا ماليًا باهظًا، وأحدثت تغيرًا جذريًا فى الوضع الاقتصادى للدولة الاسرائيلية، واثبتت الحرب للعالم أجمع قدرة المصريين على إنجاز عمل جسور، يستند إلى شجاعة القرار ودقة الاعداد والتخطيط، وبسالة الأداء والتنفيذ، كما نجح انتصار مصر فى الحرب فى تحريك قضايا المنطقة والاتجاه بها نحو الحل السلمى رغم البداية العسكرية لها.

كما كانت تجربة التضامن السياسى العربى من أهم نتائج الحرب على المستوى السياسى كتجربة رائدة، كما مثل نصر اكتوبر نقطة تحول حاسمة فى تاريخ العلاقات الدولية، بل مثل أعظم درس تاريخى على امتداد القرن الماضى.