رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

أوراق مسافرة

«الخوف هو سبب كتابة كل الأسطر الفاسدة»، مقولة أستعيرها من الكاتب الأمريكى ستيفن كينج مع التصرف بها لأقول إن الخوف من التطور واللامركزية هو سبب كل الأعمال الفاسدة فى مجتمعنا.

نعم يخاف المسئول من تحمل مسئولية عمله والصلاحيات المخولة له كاملة، فيعقد الأمور أمام المواطن، ويجعل من مطلب الحق أو الخدمة الطبيعية أحجية صعبة الحل أو المنال، ودهاليز ملتفة داخل متاهات لا يمكن أن يخلص منها المواطن بسهولة ليفوز بحقه أو ينهى مصلحته وخدمته، الداخل لمصلحة حكومية مفقود الأمل والوقت والجهد، والخارج منها بمصلحته مولود من جديد، المواطن يدخل إلى شبكة من العنكبوت ليقضى خدمته ولا يخرج منها سليمًا تمامًا.

المسئول يتهرب، والمرءوس الأصغر يماطل ويسوف، والموظف العادى يتفلت من الأداء الوظيفى بكل الصور، سيقولون لك المدير فى إجازة، وسيقولون لك الموظف لديه ظرف خاص، وسيرمى الصغير على الكبير مسئولية تخليص الأوراق وتمهيرها بالتوقيعات والأختام وستجد الكبير بابه مغلقًا وفى اجتماع دائم هام، وستظل تلف وتدور كعب دائر، وستصطدم بأدمغة كالحجر كأنها لم تعمل من قبل، ولم تمارس مهام وظيفية من قبل، ولم تتعامل مع تقنية من قبل، ستشعر أنهم يكتشفون الآلة البخارية من بدايتها.

ستجد ملفات المواطنين التى تضم أوراقهم المهمة مكدسة على أرفف أو فوق دواليب متهالكة، أو ملقاة على الأرض فى أركان وزوايا المكاتب، ولو ألقى أحدهم عقب سيجارة مشتعلًا، ستلتهم النيران الملفات والوثائق والمستندات بلا رجعة، وستشعر أنك ما قبل الستينات من تاريخنا، وأن التقدم المقدم لهم فى أجهزة الكمبيوتر ووسائل الاتصال الحديثة للتيسير على المواطنين، قد تلاشى بين أصابعهم غير المدربة، وعقولهم المقولبة.

ستصدم فى كل مرة بتلك الحقائق بوجهها الكئيب وتفاصيلها السوداء، لتجعلك تكره الحياة، وتلعن اليوم الذى ستضطر فيه إلى التعامل مع مؤسسة أو مصلحة حكومية، ولن يتوقف لسانك عن قول حسبى الله ونعم الوكيل، وفى المقابل إذا كنت مواطنًا فوق العادة، أو لك واسطة، ستفتح أمامك مغاليق الأبواب، وسيأتيك ختم النسر وسائر الأختام الأخرى على أوراقك طائعة وبسرعة كالرهوان، وستسأل نفسك ألف مرة «هو الغلط فين»، طب مين الغلطان؟، الحكومة التى لا تراقب ولا تعاقب الموظف على جهله وسوء تعامله وتوقيفه للمراكب السائرة، أم الموظف الذى تحجر دون التطور.

متى ينتهى عذاب المواطن مع الروتين والبيروقراطية؟، متى يتم دمج شبابيك الخدمة لكل مصلحة أو جهة خدمية فى شباك واحد أو حتى شباكين متجاورين دون بعثرة وقت وجهد المواطن بين الشبابيك وعشرات المسئولين والموظفين؟، متى يشعر المواطن أنه استفاد بتحديث البنايات لبعض المؤسسات، واستفاد بالتقنية المزعومة، وبأجهزة الكمبيوتر، وببنك المعلومات؟، ولا يلف السبع «دوخات».

متى يشعر المواطن العادى أنه يتمتع بكامل الحق فى الخدمة الميسرة والأبواب المفتوحة دونما البحث عن واسطة الفانوس السحرى أو خاتم سليمان؟، ودون أن يضطر لدفع المعلوم من الشاى بالياسمين؟

متى يكون وقت العمل للعمل فقط داخل المؤسسات الحكومية؟، متى يفطر الموظفون فى بيوتهم؟، ويبدأون العمل فى التوقيت المفروض عليهم؟، وينتهون كذلك فى الوقت المحدد دون تزويغ؟، متى تستيقظ الضمائر؟ فلا رشوة، ولا استغلال نفوذ، ولا محسوبية، ولا وساطة، أن يتساوى الجميع فى الحقوق والخدمات دون تعقيد؟، متى أطلب تليفون مؤسسة فيرد ولا يكون معطلًا أو مرفوعًا من الخدمة، وأن يكون المزاج عاليًا وحاضرًا لديه ليرد؟ متى أسال موظفًا عبر الهاتف فيجيب؟، متى أقصد مكتبه فيتعامل معى بأدمية واحترام؟.

متى يتم زرع كاميرات فى كل بقعة داخل تلك المؤسسات، لتراقب وتسجل سلوك المسئولين والموظفين، فلا تهرب من مسئولية ولا استغلال لتلك المسئولية بالسلب، متى يضاهى بلدنا فى العمل والإدارة أى دولة من الدول المتقدمة، وأن أقضى خدمتى فى دقائق وباحترام وبأقل التكلفة ودون تمييز بين شخص عادى وآخر مهم، متى يشعر المواطن أنه حضرة المواطن بجد؟

 

[email protected]