عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

فى رحلة العمر تستوقفك بعض الذكريات المحفورة فى الذاكرة، والتى تأبى أن تتلاشى أو تنساها.. بل العجيب فى الأمر أنك إذا أفقت بغتة فإذا بك تداعبها وتلاطفها كى تتجسد، فتأتى مستحضرة كل الذى كان بكل تفاصيله.. وتندهش كيف يحدث ذلك داخل الذات؟ رغم أن الذاكرة تنسى وتنسى الكثير من الذكريات والمواقف القريبة.. فى مرحلة الدراسة الثانوية أذكر أننى كنت أرتدى الزى العسكري، لأن المدرسة كانت عسكرية، المنيا الثانوية العسكرية، كنت أنزل من البيت وأنتظر أصدقائى على ناصية الشارع (سيد وفؤاد- رحمهما الله- وماهر) لنأخذ الطريق مشيا إلى المدرسة. أذكر أننى فى تلك المرحلة أحببت فتاة جميلة (هكذا تصورت).. كانت طالبة فى المرحلة الثانوية، مدرسة المنيا الثانوية بنات، كنت لا أستطيع أن أمشى وأذهب إلى المدرسة إلى أن تأتى تلك الفتاة مع صديقتها. كانت تترك شعرها بتسريحة جميلة وهو يصل إلى كتفيها تقريبا، وكانت تحتضن الشنطة وهى تسير فى الشارع، ولاحظت أننى مهتم بها ومتعلق بها ومعجب ولكنى لا أملك شجاعة أن أقترب منها، (فكنا نعلم أن هناك حدودا وهناك قيما ومبادئ ينبغى اتباعها) فكل ذلك من بعيد ومع زملائى ونحن نسير فى الشارع، ويبدو أنها استاءت منى رغم أننى لم أفعل أى شيء على الإطلاق سوى أن تأتى وأسير مع أصدقائى وأتبعها من بعد. وفى يوم وجدت أحد الأشخاص له طول وعرض ووسيم هو أكبر منى قليلا، وعرفنى بنفسه أنه (مجدى على عيد) طالب فى كلية الآداب قسم اللغة الإنجليزية، تحدث إلىّ بشكل هادئ وظريف وقال لى إنه قريب هذه الطالبة، وعدته أنى لا أنتظرها، وحاولت بكل الطرق أن أترك ذلك الأمر وكنت أرى (مجدي) بين الحين والآخر إلى أن دخلت كلية الآداب قسم الفلسفة ووجدت مجدى فى السنة الثالثة، وسارت الأيام وتلاقيت مع مجدى على فوجدته من الأشخاص الرائعين، حيث يتسم بالاتزان ناهيك عن العمق الثقافي، ويحب اللغة الانجليزية وله درجة عالية من الثقافة، ثم تمضى الأيام وأجد نفسى فى مرحلة الدكتوراه أستعين به من أجل بعض الترجمات فى النصوص الخاصة بالرسالة.. لماذا أذكر ذلك؟ أحيانا فى الحياة تكون المواقف البسيطة هامة فى حياة الإنسان.. طبعا تلاشت ذكرى تلك الفتاة ولكن الذى بقى هى القيم والصفات الإنسانية الجميلة، ووجدت (مجدى على عيد) إنه الفنان المشارك فى التمثيل المسرحى وما زال إلى الآن يشارك بين الحين والآخر.. وكلما تواصلت معه أتذكر عالم التمثيل والفن فأذكر طارق الميرغنى وضياء الميرغنى وأذكر جمال الخطيب (رحمه الله). وعملت فى مدرسة الثانوية بنات بالمنيا والتقيت بزوجته الفاضلة فقد كانت زميلة، وتمضى الذكريات ويبقى منها كل ما هو جميل وعميق، ويبقى الصديق (مجدى على عيد).. بكل قيمه الجميلة والرائعة والفنان والثقافة، أمد الله فى عمره.. إنه شاهد حى على التاريخ الذى سرناه عبر تلك الحياة.

 

أستاذ الفلسفة وعلم الجمال

أكاديمية الفنون