رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

صواريخ

عندما يتعلق الأمر بمصر وأمنها ومستقبلها، فمن الطبيعى أن تكون ردود الأفعال كبيرة وشاغلة للرأى العام، كما تابعنا خلال الأيام الماضية بعد الإعلان عن مشروع الممر الاقتصادى الجديد، الذى تم برعاية أمريكية لربط آسيا بأوروبا عبر دول الخليج والكيان الصهيونى، وشغل كثيراً من المصريين على وسائل التواصل الاجتماعى والسوشيال ميديا، ومدى تأثيره اقتصادياً على مصر وقناة السويس، واختلفت وتنوعت الآراء حول نسب تأثير هذا المشروع على قناة السويس، إلى أن خرج الفريق أسامة ربيع، رئيس هيئة قناة السويس بتصريحات مقتضبة، بأنه لا يوجد وجه للمقارنة والمنافسة بين قناة السويس وأى طريق بديل آخر، لافتا إلى أن وجود طرق ملاحية بينية فى العالم لا تعد بديلة للقناة، وأن الممر الاقتصادى المزمع إنشاؤه لن يكون له تأثير يذكر على القناة باعتبارها أهم مجرى ملاحى عالمى، وتستحوذ على 22٪ من حركة تجارة الحاويات فى العالم، ولم تتوقف ردود الأفعال عند هذا المشروع على مصر، وتساءل اللبنانيون والسوريون عن أسباب استبعادهم واختيار الكيان الصهيونى؟، كما تساءل الرئيس التركى أردوغان عن الأسباب والأسرار وراء اختيار هذا المسار؟ ونفس الأمر حدث مع الصين التى قاطع رئيسها شى جين اجتماعات هذه القمة لتعارض المشروع مع مشروع الحزام والطريق الصينى.

< الإجابة ببساطة شديدة تكشفت فى تصريحات الرئيس الأمريكى الذى عملت إدارته على تنفيذ هذا المشروع قبل ثلاث سنوات وتحديدا منذ إبرام اتفاقية - إبراهام- عام 2020 بين إسرائيل والإمارات والبحرين، واستمرت المباحثات والضغوط الأمريكية لتحقيق هذه الصفقة التى تهدف إلى دمج الكيان الصهيونى مع دول الخليج العربى، وبمجرد توقيع الاتفاق، قال بايدن إنه إعلان تاريخى سوف يجعل الشرق الأوسط أكثر استقرارًا وله فوائد عظمى، وفى نفس اللحظة انطلق الاحتفال الرسمى والشعبى الحقيقى للمشروع فى إسرائيل، وخرج رئيس الوزراء الإسرائيلى بكلمة لشعبه يصف التوقيع باللحظة التاريخية منذ نشأة الدولة الإسرائيلية، وجاءت مشاهد إعلان الاتفاق الأمريكى الإسرائيلى أقرب إلى مشاهد السينما الأمريكية، وبما يؤكد أن هذا المشروع سياسي بالدرجة الأولى على اعتبار أن المشروع طبقاً لرأى كثير من الاقتصاديين لن يضيف اقتصادياً كثيراً إلى الامارات والسعودية، لاعتبارات كثيرة يأتى على رأسها جدوى المشروع فى مقابل تكاليف البنية التحتية التى تحتاج إلى مئات المليارات وتستنزف الموارد الاقتصادية بسبب الطبيعة الجغرافية، وأيضاً طول المسافة تحديداً بالسعودية، وأيضاً فى ظل تعدد الموانئ البحرية لكل من الإمارات والسعودية على بحر العرب والبحر الأحمر، ما يجعلها ليست فى حاجة إلى توجيه جانب كبير من مواردها لمشروع لن يخدم إلا الكيان الصهيونى ويفقد عوائده فى ظل وجود قناة السويس ومشروع الحزام والطريق.

< الحقيقة أن هذا المشروع ضربة أمريكية جديدة ثلاثية الأبعاد، الهدف منها أولاً.. خدمة الكيان الصهيونى ودمجه مع دول الخليج العربى لإنعاشه اقتصادياً، وأيضاً تغلغله سياسياً وأمنيًا فى دول الخليج وهو أمر بالتأكيد له فوائد بالغة للأمن القومى الإسرائيلى، وعلى العكس مخاطر جمة على دول الخليج التى تصبح مدنها ممرًا آمنًا لحركة الكيان الصهيونى.. أما الهدف الثانى لهذا المشروع - السياسى- هو إحداث مزيد من الانقسام العربى على المستويين السياسى والشعبى، وقد رأيناه بالفعل بمجرد الإعلان عن المشروع، واعتباره بديلًا عن المشروعات الأمريكية التى فشلت مع مصر سواء بتحقيق التطبيع مع إسرائيل رغم مرور 45 عامًا على اتفاقية السلام التى لم تحدث تغييرًا سياسيًا أو شعبيًا تجاه إسرائيل، وأيضاً بسبب فشل مشروع الشرق الأوسط الجديد الذى أسقطه الشعب المصرى فى ثورة الثلاثين من يونيو وشكل ضربة قاصمة لإدارة أوباما التى تعد إدارة بايدن امتدادًا لها.. أما الهدف الثالث من المشروع يأتى فى إطار الحرب السياسية الاقتصادية الأمريكية الصينية، واستخدام العرب وثرواتهم فى هذه الحرب، وفى اعتقادى أن تحقيق هذا المشروع مرتبط بعوامل كثيرة منها العالمية وردود الأفعال الروسية الصينية، ومنها المحلية ويأتى على رأسها ارتفاع الوعى الذى تتمتع به الآن شعوب الخليج، وردود فعل قادة الفكر والرأى فى دول الخليج حول مخاطر المشروع أمنياً وسياسياً وجدواه الحقيقية مع الكيان الصهيونى.

حفظ الله مصر