رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

على فكرة

امتلأت منصات التواصل الاجتماعى بحملة كراهية منفلتة العيار، ومتجاوزة بعضها حدود الأدب، تعليقا على خبر متداول لم يتم تأكيده، بل بالأحرى جرى نفيه، عن انتقال اللاعب الدولى ولاعب منتخب مصر «محمد صلاح» من فريق نادى ليفربول الإنجليزى، إلى نادى اتحاد جدة السعودى. وتجاوزت الحملة حدودها، لتشمل السب والقذف وتعليقات عدائية تشيطن محمد صلاح وتلصق به أحط الصفات، وتصفه بالجرى وراء المال الخليجى، وخديعة جمهوره، وتخليه عن مبادئه، وتهدده بفقدان مكانته فى قلوب محبيه، لمجرد ما يروج من قبوله لصفقة انتقاله من ناد أجنبى، لا ناقة لنا فيه ولاجمل، بل فقط مو صلاح الذى صنع مع غيره مجد هذا النادى، وخرج به من السفح إلى القمة، إلى آخرعربى، لنا فيه نوق وجمال وعروة وثقى.

 وبصرف النظر عن مدى صحة الخبر أو عدم صحته، فليس لأى أحد فضل أو حق عليه. محمد صلاح صعد ونجح وتألق بمجهوده وكفاحه وموهبته، فضلا عن أخلاقه الرفيعة الراقية، وانتمائه الوطنى الذى تمسك ويتمسك به طوال الوقت، دون متاجرة بهذا اللون من الانتماء غير المسبوق. صار صلاح أيقونة ومثلا يتطلع للاحتذاء به ليس الشباب المصرى والعربى فحسب بل كل شباب العالم، للترقى من القاع إلى القمة محليا ودوليا. أكد لهم مو صلاح طوال مشواره الذى بلغ اثنتى عشرة سنة بالتجربة العملية، أن من جد وجد، وأن الحياة سلسلة متواصلة من التعثر والتراجع والنهوض وتحدى العقبات للوصول الهدف المنشود. والنتيجة بينة كشمس الظهيرة، فقد بدأمشواره الاحترافى فى نادى «المقاولون العرب» الصغير، وانتقل منه إلى أندية أوروبية كبرى، حتى رسا قاربه الرياضى على شاطئ نادى ليفربول، وبسبب عبقرية أدائه، وشعبيته الجارفة وتواضعه المثير للإعجاب، وضعته مجلة تايم الأمريكية عام 2019 بين مائة شخصية الأكثر تأثيرا فى العالم.

سوف يستهزئ بنا مؤسس «فيسبوك» مارك زوكربيرج إذا ما صادف أن شاهد تلك القذائف النارية الحارقة التى أطلقها على محمد صلاح بنو وطنه، من فوق منصته، لاسيما من تحول منهم إلى وعاظ دين وفلاسفة أخلاق ومحاسبى ضرائب يحصون ثروته، ليؤكدوا أنه ليس فى حاجة إلى مزيد وأنه، ياللعار، يحبها أكثر من ابنتيه، أما ما سوف يتجاهله «مارك» عمدا وهو «يضحك فى كمه» كما يقول المثل الشعبى، فهو تنديد تلك القذائف بمال البترول الخليجى، الذى يتهاوى محمد صلاح زاحفا نحوه -كما قال أحدهم- ليراكم ثروته على حساب كرامته!

كل هذا العدوان السارح، وكل هذا الخلط فى الأوراق، وكل هذا الجهل، الذى تفتق ذهن أحمد فؤاد نجم ليصفه بالجهل العصامى، ممن أعطوا لأنفسهم حقا لم يمنحه لهم أحد، فأخذوا يفرضون رؤاهم القاصرة وأفكارهم الغافلة على محمد صلاح، فبدوا كالفيل الذى يتجول فى معرض خزف فيدمر ويكسر و«زلموته» تلهو بالتحرك يمينا ويسارا، حتى أحال المعرض إلى حطام.

فى الشهر القادم تحتفل مصر بالعيد الخمسين لنصر حرب أكتوبر المجيدة. ولأن الذكرى قد تنفع اللاهين والغافلين، فقد لعب سلاح النفط دورا بارزا فى النتائج التى تحققت بالنصر. فاجأ العاهل السعودى الملك فيصل، الولايات المتحدة الأمريكية والدول الغربية، حين قاد الدول الخليجية لوقف ضخ البترول إليهم أثناء اشتداد المعارك، لحين يتوقف الدعم العسكرى الغربى والأمريكى لإسرائيل. ومنذ ذلك الحين، أصبح «سلاح النفط» مصطلحا فى العلوم السياسية والاقتصادية معبرا عن أداة ضغط لدفع الدول لتغيير مواقفها.

والسعودية اليوم التى طالها ما طالها، من رذاذ ثرثرات تافهة من الهجوم على محمد صلاح، هى غير السعودية بالامس التى كانت مصدرا للتشدد والإرهاب باسم الدين. تظهر السعودية اليوم، كقوة كبرى فى الإقليم وفى ساحة العمل الدولى، فى ظل حكم رشيد يوظف ثرواتها ومواردها لتنمية مستدامة فى العمران والتعليم والسياحة والفنون والرياضة والتنمية البشرية، وقبل هذا وبعده فى رؤية واضحة المعالم لولى عهدها الأمير «محمد بن سلمان» لتطوير الفكر الدينى، لتاكيد أن الدين جاء لسعادة البشر وإنعاش الحياة لا للموت والخراب ووأد الدنيا من أجل الآخرة، كما تروج التيارات المتاجرة بالدين. 

ليست الحملة الراهنة على محمد صلاح ببعيدة عن الحملات الممنهجة على المشروع الاصلاحى الذى تقوده المملكة العربية السعودية. الأطراف المشاركة فى الحملة تدرك أن قوة السعودية هى قوة للعرب جميعا، وأنها باتت تنمو بمعدل يساهم فى بروزعالم جديد متعدد الأطراف، تناوئه القوى المهيمنة. وعلى فريق الفيلة الذى يقود الحملة على مو صلاح أن يدرك لقدمه قبل الخطو موضعها!