رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

فى 30/8/2006 رحل الأديب العالمى نجيب محفوظ.. وهنا نعرض لكتاب جميل صادر عن مؤسسة بتانة للناقد والروائى والكاتب المتميز (سيد الوكيل).. «مقامات فى حضرة المحترم»، وهو رؤية وسياحة وغوص فى عالم نجيب محفوظ، وكما يقول د. مصطفى الضبع فى مقدمته للكتاب.. إن أهم ما يميز قراءة سيد الوكيل: المعايشة، معايشة النصوص والربط بينها، وأهم ما حققه: الكشف، كشف منطق النصوص، وآلية تحقيقها ووجودها، مانحها الفرصة لتعبر عن نفسها، وقد أنصت لها مخلصا فى مقاربتها فلم يدخلها محصنا بفكرة مسبقة ولا بنظرية معدة سلفا، ولا بأدوات مقحمة على منطقها الخاص الذى لا يخضع لمنطق القارئ أو منطق العالم المحيط، والنص دائما فى حالة اشتغال لفرض منطقه على العالم لا أن يسمح لفرض العالم عليه منطقا خارجا عنه.

ويلتقط (الوكيل) مشكلة جعفر الراوى.. أنه طوال الوقت كان يبحث عن شيء خارجه، يبحث عن معنى للحياة، بدلا من أن يبحث عن معنى لوجوده، وهكذا فإن الرحلة تنحرف عن معناها الوجودى، لكونها تستهدف الموضوع لا الذات.

وعبر مقام الكمال.. يتناول (الوكيل) الرحلة الوجودية لجعفر الراوى فى رواية (قلب الليل)..ويستثمر (الوكيل) الرحلة الوجودية فى (قلب الليل) و(الشحاذ).. وبكليهما نجد القلق.. والسأم.. والاغتراب ليربط ذلك كله بالواقع المصرى المعاصر.. يقول.. «إن طريق الرحلة ليس معبدا، ولا متاحا بالمرة، بل هو مغمور بالأشباه والضلالات، يؤدى إلى التيه أكثر من أى شىء آخر، ولذلك سنعول على طبيعة الرحلة نفسها، ونحن نقرأ هاتين الروايتين : «قلب الليل»، «الشحاذ»، فى الواقع نحن نستهدف القراءة، بمعنى أننا نتتبع خطوات الرحلة، ولا نستهدف الخروج بموقف نهائى، يعمل كحكمة، أو مقولة حاسمة.

إن الرحلة رديف الوعى والمعرفة لصاحبها، وهذا يؤكد معنى الذاتية فيها، فرحلة جعفر الراوى هى تجربته الشخصية، وإن تشابهت مع رحلة الإنسان على الأرض منذ خلقه الأول، وتقلبه بين الخيالات والمشاعر والعواطف والرغبات الحسية، والمدركات العقلية، أما رحلة عمر الحمزاوى فى «الشحاذ» فهى سقوط فى الداخل يصيب الإنسان بغتة وبلا سبب واضح. هى أقرب إلى المرض النفسى، ولكنها أيضا رحلة فى الظلام، عندما تنهار دعائم الوجود، ويتبدى الوجه العبثى للحياة.

ولو مددنا الأمر على استقامته، يمكننا أن نرى العالم يعيش أزمة وجود الآن، بعد أن تخلى عن اليقينيات  القديمة، وتبدى له الواقع فى عصر السماوات المفتوحة كونا شاسعا ومعجزا، فتتفاقم داخله شعور التيه. 

بقى أن نتوجه بالشكر والتقدير لـ(سيد الوكيل) لإخراجه هذا الكتاب الذى يتميز بالقدرة على الغوص فى النص ليرى ممكناته.. وهذا يتيح للمتلقى الكثير من المتعة العقلية والجمالية. ونكمل الحديث فى المقال القادم.

أستاذ الفلسفة وعلم الجمال - أكاديمية الفنون