ثعابين وبكتيريا لاهوائية وكيماويات.. مخاطر تواجه الأثريين أثناء الحفائر

الحفائر واحدة من علوم الآثار، تحفها المخاطر والتحديات التى يواجهها الأثريون أثناء العمل فى المواقع الأثرية فى مختلف أنحاء مصر، وتتنوع بين مخاطر طبيعية ومخاطر بشرية ومتنوعة.
الطقس السيئ يؤثر على فريق العمل أثناء الحفائر:
هذا ما أكدته الدراسة التى أجراها سيد عوض محمد شعيب، كبير مفتشى آثار الفيوم، الذى بين فى دراسته أن المخاطر الطبيعية تتمثل فى الطقس والظروف الجوية المتقلبة كالحرارة الشديدة فى فصل الصيف، والأمطار الغزيرة في الشتاء، وأيضًا الرياح المحملة بالرمال والأتربة التي تهب على مصر فى فصل الربيع (رياح الخماسين)، وأن الطقس السيئ يؤثر على فريق العمل أثناء الحفائر، فقد يؤدي مع الحرارة الشديدة إلى خطر الإصابة بضربات الشمس والجفاف، ونتيجة لذلك وفى حالات الضرورة للعمل فى الصيف يتم تقليص فترة العمل وحصرها فى الفترة الصباحية، خصوصًا فى مواقع آثار مصر العليا والوسطى.
من أهم المخاطر الطبيعية التى تواجه الأثريين فى مواقع الحفائر، الزواحف الضارة فى الصحراء والمواقع الأثرية (العقارب – والأفاعي)، وخاصة "الحية المقرنة" التي تنتشر فى الصحار المصرية، وأن التعرض للدغات الأفاعي قد يؤدي إلى الوفاة إذا لم يتم اتخاذ الإسعافات الأولية كافة والنقل بسرعة لأقرب مستشفى يوجد به الأمصال المضادة.
مخاطر بشرية ومتنوعة:
بينت الدراسة التى أعدها "شعيب" أن المخاطر البشرية والمتنوعة تشمل طبيعة الموقع الأثري، من حيث نوعية التربة (صخرية- طينية- طفلية- رملية)، أو منطقة سكنية وتتميز غالبًا بالتربة المتكونة، أو المنقولة، وهي تربة ضعيفة وتتعرض للانهيار بسهولة.
وأيضًا انهيار جدران المباني القديمة وهي جدران ضعيفة خاصة المبنية بالطوب اللبن والتعرض لانهيارات جوانب موقع الحفائر (مربع الحفائر) في أنواع التربة الهشة والتي تحتوي على الكثير من الرمال والأتربة).
كما يتعرض فريق العمل فى بعض المواقع الأثرية للرماد والأتربة الضارة خاصة عند العمل فى مواقع المساكن والأفران ومكبات القمامة القديمة وتعتبر الأخيرة هى الغنية بالمواد المكتوبة (قصاصات بردي – أوستراكا).
وفى المقابر حيث توجد الآبار العميقة وحجرات الدفن المغلقة وتوجد بها البكتريا اللاهوائية والتي تتواجد داخل المقابر منذ غلقها لمئات السنين.
كما يتعرض الأثريون لمخاطر تواجد موقع الحفائر في مكان مرتفع أو تحت الماء (الآثار الغارقة) ومخاطر دراسة الدفنات والعظام الآدمية. وأيضًا مخاطر التعرض للمواد الكيماوية الضارة أثناء أعمال الترميم الدقيق للقطع الأثرية والتي تتطلب ملامسة مباشرة من المتخصص. ويتعرض موقع الحفائر أيضاً لبعض المخاطر البشرية إذا كان رئيس فريق العمل ليس لديه الخبرة الكافية، وإذا كان لا يضم فريق العمل رئيس عمال محنك وعمال مهرة.
وتحدث كبير مفتشى الآثار بالفيوم فى دراسته عن وسائل الأمن والسلامة بموقع الحفائر من الإدارة الجيدة، وضرورة أن يتحلى مدير الموقع بالخبرة الكافية لتلاشي المخاطر وللتعامل مع المشكلات المحتملة، وكذلك المشكلات التي تتعلق بطبيعة كل موقع أثري, وتبدأ أيضاً من لحظة اختيار فريق العمل من المتخصصين وضرورة وجود الخبرة الفنية التي تتمثل في رئيس العمال والذي بدوره يعرف جيداً متطلبات الحفائر من تخصصات مختلفة (عمال فنيين- عمال تعبئة- متخصصين فى شد السقالات والسلالم والتعامل مع الديكوفيل- كهربائي للمعسكر والموقع- عمال رفع مخلفات الحفائر).
وشدد على أهمية التأمين على العمال طوال فترة العمل، وأن يتم مواجهة الطقس السيئ وذلك عن طريق اختيار الوقت المناسب من العام للقيام بأعمال الحفائر وتجنب أشهر الصيف ( يونيو- يوليو – أغسطس)، والبرد الشديد والأمطار في أشهر (ديسمبر- يناير – فبراير)، وأنه من خلال ملاحظة الطقس فى الأجواء المصرية اتضح أن أنسب الأشهر للقيام بالحفائر هي فصل الخريف (سبتمبر – أكتوبر – نوفمبر) في الفيوم ومصر الوسطى، وقد تمتد لتشمل ديسمبر ويناير وفبراير ومارس وأبريل فى مصر العليا) وضرورة توفير قطع ذات حجم مناسب من البولي إيثلين ( البلاستيك) لحماية موقع الحفائر والجدران من المطر فى حالة الضرورة أثناء الحفائر. وان إقامة فريق العمل بالكامل فى موقع العمل هو أول وسائل الأمن والسلامة حيث يعطي ذلك فرصة أكبر للعمل والراحة فى نفس الوقت, وتتم الملاحظة الجيدة على مدار الساعة لموقع الحفائر والأثار الثابتة والنقولة المكتشفة.
وبيّن أهمية وجود سيارة أو أكثر بموقع العمل طوال فترة العمل تساعد على نقل أي مريض أو مصاب بسرعة إلى أقرب مستشفى إذا استدعت الحالة. وضرورة تواجد صيدلية صغيرة بها أدوية لعلاج الحالات المرضية الخفيفة مثل البرد وارتفاع درجات الحرارة حيث يتعرض فريق العمل وعمال الحفائر كثيرًا لمثل تلك الأمراض والاحتفاظ بالأمصال المضادة للدغات الزواحف.
عمال مهرة متمرسون على أعمال الحفائر واستخدام معدات الحفائر:
ضرورة أن يتضمن فريق العمل العمال المهرة المتمرسين على أعمال الحفائر واستخدام معدات الحفائر مثل الديكوفيل أو عربات القطار الخفيفة والتي كان لها دور كبير فى إنجاز أعمال حفائر ورفع كميات رديم ضخمة فى الحفائر الأولى أوائل القرن العشرين والتي لا زالت نستخدمها بعض البعثات الأجنبية ومتخصصين فى شد السقالات والسلالم.
مضخات هواء:
كشفت الدراسة عن أهمية أن يشتمل موقع العمل على معمل ترميم مجهز للتعامل مع القطع الأثرية خاصة الضعيفة منها. كما أنه يمكن التغلب على طبيعة جوانب موقع الحفائر الضعيفة عن طريق الحفر بالميل حيث يتم توسعة مربع الحفائر بنفس الطريقة، وتهوية الممرات المغلقة وآبار وغرف الدفن لفترة كافية للتخلص من البكتيريا اللاهوائية، وفى حالة العمل لفترات طويلة داخل المقابر يتم استبدال طاقم العمل بطريقة دورية واستخدام مضخات هواء داخل المقابر والممرات المغلقة للحفاظ على نسبة الأكسجين. وضرورة ارتداء العمال لخوذات حماية الرأس، خاصة فى الأماكن العميقة، والأقنعة والنظارات الشفافة، والقفازات التي لابد من ارتداء أخصائيين الترميم لها للوقاية من المواد الكيماوية الضارة والمستخدمة فى أعمال الترميم الدقيق.







