عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الناصية

عندما يقدم المخرج الأمريكى، البريطانى الأصل كريستوفر نولان (1970) فيلماً جديداً، فذلك حدث فنى مهم ينتظره النقاد قبل المشاهدين.. ومنذ أن قدم أول أفلامه (تتبع- 1998) حتى فيلمه الأخير أوبنهايمر وهو رقم (12) فى سلسلة أعماله، تحظى أفلام نولان بتقدير خاص لأنه يصنع أفلامه بتقدير خاص أيضا لفن السينما.. والجمهور! 

ويعود نولان مع فيلمه الجديد «أوبنهايمر» إلى تقديم بطل خارق مثلما قدم «باتمان» فى ثلاثيته الشهيرة «فارس الظلام»، والتى تعتبر أعمق وأجمل ما تم صناعته عن البطل الكرتونى باتمان، ولكن بطله هذه المرة «أوبنهايمر» حقيقى من لحم ودم ومشاعر وفكر وهو بطل خارق العقل وليس الجسد مثل باتمان، بل ويعانى من ضعف نفسى وإنسانى.. وحاول نولان إخفاء هذه العيوب بالاهتمام بالجانب التاريخى للشخصية الرئيسية للفيلم، وكذلك بالأحداث التى اقتربت إلى التوثيقى والتسجيلى، ورغم ذلك ظل الجانب الأخلاقى والسياسى وحتى الرؤية الضيقة للمرأة وتهميش دورها العلمى مشكلات موضوعية فى الفيلم.. وفى شخصية «أوبنهايمر» نفسه!

وكالعادة يثير نولان النقاشات ويثير الخلافات كما لو أنه أبدع كتاباً سياسياً وفكرياً وليس مجرد فيلم للتسلية والترفيه، ولكن هكذا هى دائمًا أفلام «نولان» تتميز غالباً برؤية اجتماعية وفلسفية وأخلاقية وجمالية لا تخلو من غموض كذلك!

ولهذا يستحق الفيلم تحمّل مشاهدته لمدة ثلاث ساعات متواصلة بدون الشعور بالملل.. والاستمتاع بقصة حياة «جوليوس روبرت أوبنهايمر»، والذى لعب الممثل البريطانى «كليان مورفي» دوره وسط مجموعة رائعة من الممثلين الكبار.. وأوبنهايمر فيزيائى معروف باسم «أبوالقنبلة الذرية» الذى تمكن من صناعتها فى المختبر السرى فى لوس ألاموس  (Los Alamos)، بولاية نيومكسيكو الأمريكية تحت مظلة الجيش الأمريكى وتمويله، حيث أشرف على مشروع مانهاتن، حتى تمت صناعة قنبلتين ذريتين عرفتا باسم الولد الصغير (Little Boy) والرجل البدين (  Fat Man  ) اللتين ألقيتا ما بين يومى 6 و9 أغسطس 1945 على كل من هيروشيما وناجازاكى فى اليابان متسببتين فى مقتل ما بين 100 و200 ألف شخص فى لحظات!

وينقسم الفيلم تقريباً إلى جزءين: الأول خاص بتأريخ مشروع منهاتن حتى صناعة القنابل، والثانى ما بعد إلقائهما على اليابان حيث شعور «أوبنهايمر» بالمأساة التى ارتكبها حتى أنه وصف نفسه فيما بعد فى فيلم وثائقي: «الآن أصبحت أنا الموت... مدمر العوالم»، وقد ضاعف من هذه المأساة الإذلال فى المحاكمة التى تعرض لها من الإدارة الامريكية واتهامه بالشيوعية خاصة أنه ألمانى ويهودى الأصل!

الفيلم تعرض كذلك للنقد من ناحية تقزيم دور المرأة فى مشروع منهاتن، وقد تمثل ذلك فى زوجة اوبنهايمر «كيتي»، التى جسدتها إميلى بلانت كامرأة عصبية وحادة المزاج وسكيرة بينما هى عالمة أحياء.. وعموما هناك مشكلة حقيقية فى تناول نولان للمرأة فى الكثير من أفلامه!

كان «أوبنهايمير» ضحية مثله مثل ضحايا قنبلته فى اليابان.. ضحية للإدارة الأمريكية الذى استخدمته فى تخويف العالم منها، وفرض سيطرتها عليه، كقوة بديلة عن الاستعمار الإنجليزى والفرنسى القديمين، وإظهار تفوقها العسكرى فى مواجهة قوة الاتحاد السوفيتى.. والحقيقة أن «أوبنهايمر» عند كريستوفر نولان كان نموذجاً للعالم كله الذى راح ضحية للصراع الدموى بين أمريكا الاتحاد السوفيتى.. وكأن الفيلم جرس إنذار لما سيكون عليه العالم فى الصراع القادم بين أمريكا والصين! 

[email protected]