عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

ارﺗﻔﺎع درﺟﺎت الحرارة ﻓﺠﱠﺮ اﻟﻜﺎرﺛﺔ

الأسلاك «المضروبة» وقود جرائق الموت

محلات الاسلاك
محلات الاسلاك

تشهد مصر موجة شديدة الحرارة منذ عدة أسابيع، ومع هذه الموجة الشديدة تزداد الأحمال على شبكة الكهرباء، ما قد ينتج عنه عدة مشكلات، منها الحرائق الناتجة عن الماس الكهربائى أو الوصلات العشوائية، حيث غزت الأسواق أسلاك «مضروبة» لا تتحمل الضغط وهذه الأسلاك منتشرة فى معظم البيوت، وهو ما يهدد بكوارث لا حصر لها، وكانت قوات الحماية المدنية والإطفاء بمديرية أمن سوهاج قد تمكنت من السيطرة على حريق ضخم نشب فى كميات كبيرة من «البوص» بقطعة أرض فضاء تابعة لمصنع أخشاب بالمنطقة الصناعية بدائرة مركز طهطا، وكان السبب فى هذا الحريق هو الارتفاع الكبير فى درجات حرارة الجو.

كما شهدت المنطقة الصناعية ببنى سويف حريقاً محدوداً فى مصنع ورق لنفس السبب لم يسفر عن أى خسائر بشرية.

نفس الأمر تكرر فى محافظة الغربية، حيث نشب حريق هائل فى شونة مخزن بها كميات كبيرة من الكتان على مساحة 11 فداناً بقرية شبرا ملس بدائرة مركز زفتى، ولم يسفر الحريق عن وقوع إصابات أو خسائر فى الأرواح، فيما التهمت النيران كمية كبيرة من الكتان وقدرت الخسائر المبدئية بـ10 ملايين جنيه.

وكشفت إحصائيات الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء عن وقوع 49341 حريقاً عام 2022، أسفر عن إصابة 855 شخصاً ونتج عنه 203 حالات وفاة.

وارتبطت معظم الحوادث غير الجنائية بعامل مشترك وهو استخدام الكابلات والأسلاك المغشوشة التى لا تتحمل الضغط، فتتعرض للانفجار والحريق وخاصة فى فصل الصيف مع استخدام أكثر من جهاز كهربائى فى وقت واحد.

وبينت غرفة الصناعات الهندسية وجود 1300 مصنع تنتج أسلاكاً كهربائية أصلية وتضع العلامات المائية عليها، ولكن مصانع بير السلم استطاعت إنتاج كميات هائلة من الأسلاك المغشوشة، كما نجحت فى ضرب العلامة المائية ووضعها على الكابلات المغشوشة والبيع بنفس سعر الأصلى أو أقل لكسب الجمهور وتحقيق الربح الكبير.

أسباب الحرائق 

حرائق

المهندس محمد شتلة، خبير السلامة والصحة المهنية وممثل المعهد العربى لعلوم السلامة المهنية بالقاهرة، قال إنه رغم أهمية الكهرباء فى حياتنا إلا أن خطرها يهدد حياة الناس وممتلكاتهم، فهى من أكثر أسباب نشوب الحرائق فى المنازل والمؤسسات التجارية والصناعية بسبب حدوث ماس كهربائى ناتج عن زيادة الأحمال أو استخدام الوصلات العشوائية، وحذر «شتلة» من شراء الأسلاك المغشوشة لأن مخاطرها فادحة، وطالب بشراء أدوات الكهرباء من المحلات والتوكيلات المعتمدة التى تراعى الأمان والسلامة فى منتجاتها.

محمد شتلة

الماس الكهربائى

وأوضح شتلة أن هناك عدة أسباب لحدوث الماس الكهربائى أهمها التمديدات الكهربائية غير المطابقة للمواصفات فى المنازل أو المنشآت، وعدم مناسبة الكابلات المستخدمة للأحمال الكهربائية، وعدم وضع الأسلاك فى مواسير معزولة، وتمديد الأسلاك عبر الأبواب أو النوافذ.

 كما شدد على ضرورة فحص الكهرباء بشكل دورى للتأكد من سلامة الشبكة الكهربائية، منوهاً بأنه من أسباب حدوث الحرائق أيضاً: عدم وضع وسيلة حماية للمقابس الكهربائية غير المستعملة، بالإضافة إلى عدم فصل التيار الكهربى أثناء إجراء الصيانة أو الإصلاح.

وواصل خبير السلامة المهنية حديثه واضعاً عدة إرشادات ونصائح للوقاية من الماس الكهربائى، أهمها الاستعانة بالمتخصصين فى تركيب الوصلات الكهربائية لمراعاة السلامة والأمان، وتنفيذ التعليمات الواردة فى النشرات الفنية المرفقة بالأجهزة الكهربائية التى يتم إعدادها من قبل الشركات المصنعة وزيادة الوعى بمخاطر الكهرباء وإجراء الصيانة المستمرة للأجهزة، وإطفاء الأجهزة عند انقطاع التيار حتى لا تتعرض للتلف حين عودة التيار، كما طالب بعدم ترك الأجهزة الكهربائية فى وضع تشغيل عند مغادرة المنزل لمدة طويلة أثناء السفر والرحلات الطويلة، ويجب فصل التيار الكهربائى عنها، وعدم ترك الأطفال بمفردهم قرب جهاز كهربائى يعمل أو إدخال أسلاك مكشوفة فى مخرج التيار الكهربائى.

كما نصح بعدم تحميل أى مخرج كهربائى بعدد كبير من الأجهزة مما قد يؤدى إلى سخونة المفاتيح أو التوصيلات الكهربائية، وعند تلف أحد المخارج يراعى إصلاحها بواسطة كهربائى متخصص، مع اختيار الأسلاك الكهربائية المناسبة عند مد الأسلاك المستخدمة فى التوصيلات الكهربائية داخل المنزل والتأكد من ملاءمتها للتيار الكهربائى المار بها، ووضعها فى مواسير معزولة وإجراء الكشف والاختبار الدورى عليها.

كما أكد أن معهد السلامة المهنية يحرص على الحفاظ على حياة الأفراد من خلال تنظيم دورات توعوية بمخاطر الكهرباء وكيفية التعامل معها لتجنب الحرائق والصعق الكهربى.

حملات رقابية 

وفى السياق ذاته، أكد د. مسعود إبراهيم أستاذ الهندسة بجامعة الفيوم، أنه لا بد من تفعيل الحملات الرقابية على الأسواق لضبط الأسلاك والمنتجات المغشوشة التى تسبب الحرائق، موضحًا أن زيادة الأحمال على الآلات الكهربائية مثل المولدات والمحولات فى ظل ارتفاع درجات الحرارة تعرضها للتلف أو الاحتراق.

وأضاف أن ارتفاع أسعار الأسلاك الكهربائية الأصلية، أدى إلى تنشيط مصانع «بير السلم» التى تنتج كميات كبيرة من الأسلاك المغشوشة التى يتكالب الناس عليها نظرًا لانخفاض أسعارها، قائلًا إن الإحصائيات الرسمية بينت وقوع 7874 حريقًا بسبب الماس الكهربائى، موضحًا أن المستهلك بات يفكر فى السعر لا فى الجودة. 

مسعود إبراهيم أستاذ الهندسة 

وتابع أنه على المواطن أن يشترى الأسلاك من أماكن معتمدة ويحصل على فواتير حتى يمكن محاسبة أصحابها حال تسببها فى حدوث حريق، مشددًا على ضرورة شن الحملات الموسعة لضبط جرائم الغش التجارى.

وأضاف إبراهيم: يجب أن يتم تصنيع أسلاك الكهرباء من معدن النحاس أو الألمونيوم النقى الذى تصل درجة نقاوته إلى 99.99% وذلك حتى تقل مقاومته لمرور التيار وبذلك لا ترتفع درجة حرارته، ولفت إلى أن الأسلاك المغشوشة تستخدم معادن رديئة لا تخضع لأى مواصفات وتكون مقاومتها للتيار كبيرة مما ينتج عنها ارتفاع شديد فى درجة الحرارة مما يؤدى إلى نشوب الحرائق.

كما طالب بضرورة شراء الأجهزة الكهربائية الخاضعة لمعايير الأمان والجودة حيث تختبر هذه الجهات المصنعة الأجهزة الكهربائية للتأكد من عدم اشتعال النار فيها عند توصيلها بالكهرباء، كما طالب بعدم شراء الوصلات التى تباع فى الشوارع وعلى الأرصفة.

 

جولة

«محررة الوفد» أجرت جولة ميدانية على عدد من محلات بيع الأسلاك الكهربائية فى العتبة ووسط البلد. وقال عم مصطفى صاحب محل أدوات كهربائية، إن الإقبال على شراء الأسلاك المضروبة كبير، خاصة من قبل المقاولين لتشطيب الشقق بعيداً عن أعين أصحابها، ولتحقيق هامش ربح كبير لهم، وأكد أن لديه الأسلاك الأصلية ويرفض التعامل مع المغشوش حفاظًا على الأرواح.

وبداخل محلات أخرى وعلى الأرصفة توجد كميات من الأسلاك بسعر أقل وأكد أصحابها أنها أصلية وبها العلامة المائية ولكن هذه العلامة لم تعد هى المعيار للـتأكد من جودة وأصالة المنتجات، وهو ما أكده عبدالرحمن، بائع بأحد محلات الأدوات الكهربائية بوسط البلد، مشيراً إلى أن هناك محلات تبيع أسلاكاً وكابلات رخيصة وهى تقليد للأصلى من إنتاج مصانع بير السلم، وتدعى أنها ماركات معتمدة، والزبائن يقبلون على شرائها لارتفاع أسعار الماركات المعتمدة ورغبة فى التوفير خاصة لدى الشباب المقبلين على الزواج ويقومون بتجهيز شقة الزوجية.

وتابع أن بعض المحلات تستقطب الزبائن من الشوارع وتوهمهم أنها ستوفر لهم سلعة رخيصة بأعلى جودة وأنها تعطى بياناً بقيمة السلعة غير مختوم ولا يوجد عليه اسم المحل، فضلاً عن أن تلك المحلات ترفض استبدال المنتج إذا ما اكتشف الشارى أنها مغشوشة وغير أصلية.

وأضاف أن هناك محلات معتمدة بالعتبة وشارع الأزهر ووسط البلد تعمل بمصداقية ولا تستطيع غش الزبائن وكل شىء لديهم يكون بفاتورة، والأسعار تكون عادة مرتفعة بعض الشىء مقارنة بالبضاعة المضروبة.

اختيار الأسلاك الجيدة

وفى السياق ذاته، قال أحمد محمد، مهندس كهرباء، إن الأسلاك المغشوشة من أهم أسباب اشتعال الحرائق، فعند مرور التيار بتلك الأسلاك فلا تتحمل قوة التيار الكهربائى، وتزداد السخونة حتى تنصهر المادة العازلة بينها وعندها يحدث تلامس بين الأسلاك ينتج عنه شرر يسبب اندلاع الحريق.

وأضاف عند اختيار أسلاك الكهرباء، فلا بد من اختيار سُمك أفضل للأسلاك، والاعتماد على الماركات المعتمدة، ووضع الأسلاك فى عازل جيد من المواسير أو الخراطيم. كما شدد على استشارة المختصين فى التوصيلات الكهربية، ويفضل فنى أو مهندس كهرباء لضمان توصيل الأسلاك بطريقة صحية لزيادة الأمان داخل الشقة، كما طالب بضرورة تغطية الأسلاك جيداً وعدم تركها مكشوفة، واستخدام أحمال كهربية ملائمة للتوصيلات والأسلاك حتى لا تتعرض للانفجار.

محمد محمود كهربائى، قال إن لديه طريقة للتعرف على السلك الأصلى من المضروب، عن طريق لمس شعيرات الأسلاك الصغيرة داخل السلك الأساسى فإذا كانت خفيفة وسهلة الحركة والانكسار فهذا يدل على أن السلك مضروب، فالأسلاك الأصلية المعتمدة تكون متماسكة ومن الصعب الإحساس بالشعيرات الداخلية.

برلمانية تحذر 

النائبة ندى ألفى ثابت، عضو مجلس النواب، حذرت من ظاهرة الغش التجارى، لافتة إلى أن هناك أسلاكاً كهربائية مغشوشة تجتاح الأسواق، يقبل الكثيرون على شرائها لتحقيق مكاسب خيالية على حساب المواطن.

وقالت إنها ستتقدم بطلب إحاطة لوزيرى الكهرباء والتنمية المحلية بشأن مخاطر الأسلاك الكهربائية «المغشوشة» التى تباع فى الأسواق ودور الجهات المعنية فى التصدى لها، مشيرة إلى أن 85 % من الأسلاك الكهربائية التى يتم بيعها فى الأسواق الشعبية «مغشوشة» وغير مطابقة للمواصفات، والخامات المستخدمة فى إنتاجها رديئة ومجهولة المصدر.

وأوضحت أن التلاعب فى بيع الأسلاك الكهربائية يعد ضمن الغش والتدليس فى العمليات التجارية، وهو يخضع للقانون رقم 48 لسنة 1994 الخاص بالغش التجارى والذى نصت المادة الأولى منه على أن «يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة وبغرامة لا تقل عن 5 آلاف جنيه ولا تتجاوز 29 ألف جنيه أو ما يعادل قيمة السلعة موضوع الجريمة أيهما أكبر، أو بهاتين العقوبتين، كل من خدع أو شرع فى أن يخدع المتعاقد معه بأى طريقة.

وأكدت أن تلك العقوبة لا تناسب هذه النوعية من الغش والتدليس فى العمليات التجارية التى تعرض حياة الملايين من المواطنين للموت.

 

الشرطة تداهم مصانع بير السلم

الأجهزة الأمنية بالتنسيق مع الجهات المعنية، شنت حملات كبيرة للقضاء على مصانع بير السلم ونجحت فى ضبط الكثير من المخالفات، وآخر الضبطيات كانت فى القليوبية حيث نجحت الشرطة فى ضبط 6 مصانع لإنتاج الأسلاك والكابلات الكهربائية بدون ترخيص، وتم التحفظ على 5.5 طن مواد خام و17 ألف متر سلك، و11200 متر سلك كابلات كهربائية مقلدة، و6400 متر سلك كابلات كهربائية مجهولة المصدر، واتخذت الشرطة الإجراءات اللازمة حيال المخالفات وتحفظت على المضبوطات. 

 

نصائح الحماية المدنية للتعامل مع الحرائق

هذا وتؤكد إدارة الحماية المدنية، أن الحرائق تتزايد فى فصل الصيف لوجود مجموعة من الأخطاء التى يرتكبها قاطنو الشقق والعقارات السكنية، تؤدى إلى اندلاع الحرائق خلال ارتفاع درجات الحرارة، منها عدم وجود فتحات تهوية سواء فى الشقق أو داخل المخازن التى تحتوى على مواد قابلة للاشتعال.

وشددت الإدارة على عدم استعمال أسلاك كهربائية مقلدة لا تتحمل الضغوط وتؤدى لنشوب حرائق، بالإضافة إلى الأحمال الزائدة بسبب تشغيل أجهزة التكيفيات والأجهزة الكهربائية، وتخزين مواد سريعة الاشتعال بجوار مصدر حرارى.

وتشير الإدارة إلى أن هناك أخطاء متكرر للحرائق منها كثرة اللجوء لوصلات الكهرباء العشوائية، والتدخين عند الشعور بالنعاس وعدم التأكد من إطفاء السيجارة، وترك الشموع أو أعواد الكبريت فى متناول الأطفال، واستخدم الماء فى حرائق الزيت المشتعلة، واستخدام أعواد الكبريت لاختبار تسرب الغاز، والأفضل استبداله بالصابون.

وتوضح الإدارة أن بعض المواطنين يهملون التأكد من سلامة البوتاجازات داخل المنازل وإحكام القفل لمنع التسرب، والإهمال فى صيانته لمنع أى تسرب غاز، كما يمنع قيام الأطفال بالعبث بأسطوانات الغاز ويجب إبعادهم عن المطبخ مع تدريبهم على عملية الإخلاء فى حال وقوع الطوارئ، وضع أعواد الثقاب فى أماكن مرتفعة لضمان عدم وصول الأطفال إليها.

وطالبت الإدارة المواطنين بضرورة فصل التيار الكهربائى عند ملاحظة انبعاث رائحة حريق أو تصاعد أدخنة أو صدور شرارة من الأجهزة أو الأسلاك الكهربائية، واللجوء إلى فنى صيانة متخصص لإصلاح العطل قبل إعادة توصيل التيار الكهربائى مرة أخرى.