رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

أثبتت موجات الطقس الحار الأخيرة التى عانينا منها فى مصر وكثير من بلدان العالم مؤخرا أن قضية التغيرات المناخية هى قضية القرن، وأنها لم تعد مسألة ترفيه فى خطط أى دولة. وهكذا فلم يعد ممكنًا الحديث عن تصورات مستقبلية للتنمية بعيدًا عن خطط مكافحة التغير المناخى والاهتمام بالبيئة. وربما فإن هذا هو ما التفتت إليه الأمم المتحدة مؤخرًا عندما حددت بوضوح سبعة عشر هدفًا للتنمية المستدامة، وجاء الهدف الثالث عشر صريحًا فى وجوب تغير المناخ وآثاره.

فارتفاع درجات الحرارة يؤثر بشكل مباشر على اقتصادات الدول، حيث تسهم سخونة الطقس فى تعطل بعض الأعمال، وزيادة تكلفة استخدام الطاقة، والتأثير السلبى على صحة البشر.

وكما كتبت مرارًا، وكتب غيرى، فإن هذه القضية تتجاوز حدود الجغرافيا، وهى تحدٍ كبير من تحديات الكوكب، وهو ما دفع دول العالم المتقدم إلى توقيع اتفاق باريس سنة 2015 الذى تم خلاله الاتفاق على عمل كافة الدول على الحد من ارتفاع درجات الحرارة بأقل من درجتين مئويتين خلال هذا القرن. لكن فيما بعد أثبتت الدراسات أن زيادة درجة الحرارة بنحو 1.5 درجة فقط قد يؤدى إلى نتائج كارثية على كثير من البلدان.

وليس هناك شك أن التقدم الصناعى والتكنولوجى الكبير، وغير المسبوق الذى شهده العالم خلال القرن العشرين أدى إلى زيادة الانبعاثات الحرارية الناجمة عن أنشطة المصانع والشركات الكبرى وجمهور المستهلكين، وهو ما ساهم فى زيادة درجات الحرارة. وتقع المسئولية الأخلاقية فى ذلك على الدول المتقدمة التى حققت نموًا اقتصاديًا كبيرًا، بينما تدفع الشعوب الفقيرة دائمًا الثمن، إذ تعانى من مشكلات متزايدة نتاج ذلك، وهو ما حاولت مصر التأكيد عليه خلال قمة المناخ الأخيرة فى شرم الشيخ.

ولقد قرأت مؤخرًا دراسة تشير إلى أن البلدان الأكثر كثافة سكانية مثل الهند وباكستان وإندونيسيا ونيجيريا والفلبين ستواجه مشكلات خطيرة نتيجة تغيرات الطقس.

ولا شك أن مصر من الدول التى ستواجه تحديًا كبيرًا نتيجة تغير المناخ، وهو ما يستلزم خططًا مستقبلية واضحة للتقليل من الآثار والدفع فى مسار توسيع حصص المشروعات الخضراء أو الصديقة للبيئة.

صحيح أن مصر شهدت قبل بضع سنوات إنشاء مجلس وطنى للتغيرات المناخية، وصحيح أن الحكومة أعلنت من قبل عن استراتيجيات لهذا الشأن، وكانت مصر من الدول الحاضنة لكثير من الفعاليات الدولية المعنية بمكافحة التغيرات المناخية، حتى إن قمة المناخ العالمية الأخيرة عقدت فى نوفمبر الماضى بمدينة شرم الشيخ بحضور كثير من قادة العالم.

لكن رغم كل ذلك، فإننا ما زلنا فى بدايات الطريق، خاصة أن وسائل الإعلام لا تعطى هذه القضية ما تستحق من اهتمام، لدرجة عدم وجود برنامج واحد تليفزيونى متخصص عن تغيرات المناخ، كما أن المساحة المتاحة لهذه القضية فى الصحف، ما زالت أقل من اللازم وكأنها قضية هامشية أو ترفيه.

ثم أين مؤسسات المجتمع المدنى فى مصر منها؟ أين النقابات المهنية، والجمعيات الأهلية، والأحزاب السياسية؟ وأين دور المثقفين من تحدٍ عظيم مثل هذا التحدي؟

أتصور أن الاحتباس الحرارى يحتاج لمشروع قومى مصرى شامل يتجاوز التصريحات وكلمات التحذير ويتطلع إلى عمل حقيقى على أرض الواقع.

وسلام على الأمة المصرية.