تعيين الدكتور علاء عشماوى أستاذ الهندسة المدنية رئيسًا للهيئة القومية لضمان جودة التعليم والاعتماد اختيار له دلالات مهمة، أكثرها مريح ومطمئن ومبشر؛ فالدكتور علاء عشماوى تم اختياره وتعيينه لأهم مؤسسة من مؤسسات الدولة تتحمل مسئولية الارتقاء بجودة التعليم، من خارج دواليب الدولة المصرية، ويُفهم من الاختيار أنه تم البحث والتدقيق فى الشخص الأنسب والأفضل والأكثر خبرة وجدارة لهذا المنصب المهم والمؤثر، والبعيد نسبيًّا عن اهتمامات الإعلام المصرى والذى تستغرقة «موالد» أخرى كثيرة الصخب محدودة الفائدة «فى الغالب».
يقودنا اختيار د. علاء عشماوى، كما أشرنا، من خارج دواليب الدولة للمنصب الحالى لسؤال طبيعي: من هو هذا الرجل؟ دكتور علاء عشماوى خبير ومحاضر دولى فى مجال جودة التعليم والاعتماد الأكاديمى، حصل على بكالوريوس الهندسة المدنية بتقدير «امتياز مع مرتبة الشرف» من جامعة الإسكندرية عام 1989، وعلى درجتى الماجستير والدكتوراه من جامعة بردو (Purdue) بالولايات المتحدة الأمريكية. خبرات الرجل تمتد لأكثر من ثلاثين عامًا فى مصر والولايات المتحدة الأمريكية والإمارات العربية المتحدة فى مجال التعليم العالى والتدريب المهنى والاستشارات الهندسية. ومن الأحدث للأقدم فقد عمل فى مصر قبل اختياره رئيسًا لهيئة جودة التعليم والاعتماد مباشرة رئيسًا لجامعة دراية (جامعة خاصة بالمنيا الجديدة)، وقبلها خارج مصر عمل نائبًا لرئيس جامعة البلمند فى دبى للشئون الأكاديمية، وعميدًا لكلية الهندسة وأستاذ الهندسة المدنية بالجامعة الأمريكية فى دبى، وأستاذًا مساعدًا بجامعة ساوث فلوريدا، وأستاذًا زائرًا بجامعة لاس أمريكاس بالمكسيك، وباحثًا بقسم الهندسة الجيوتقنية- جامعة جورجيا للتكنولوجيا (جورجيا تك). على الصعيد المهنى شغل د. علاء عشماوى منصب مستشار الرئيس التنفيذى لهيئة الاعتماد الهندسى والتكنولوجى (ABET) بأمريكا، ورئيس مجلس عمداء كليات الهندسة بدولة الإمارات 2015-2016، وحامل لقب «أستاذ باحث» بكلية الهندسة- جامعة نيو مكسيكو، ورئيس الاتحاد الدولى لجمعيات التعليم الهندسى (IFEES) فى الفترة من 2020-2022، وعضو اللجنة التنفيذية للمجلس الدولى لعمداء الهندسة (GEDC) فى الفترة من 2012-2020، وأمين المجلس 2014-2015. أيضاً هو محاضر معتمد لدى الجمعية الدولية للتعليم الهندسى (IGIP). تم تكريم د. علاء عشماوى عربيًّا ودوليًّا تقديرًا لخبراته وما قدمه فى مجال تطوير التعليم، والتعليم الهندسى على وجه الخصوص.
المسيرة العلمية والعملية للدكتور علاء عشماوى، وكونه قضى قرابة ثلاثين عامًا خارج مصر، كل ذلك هو ما يدعو للتفاؤل بأن هناك قدرًا من الشفافية والموضوعية فى اختيار أهل الخبرة الحقيقيين لبعض المناصب العامة، المؤثرة والمهمة.
لرئيس هيئة جودة التعليم والاعتماد الجديد رؤية شاملة للنهوض بمفهوم الجودة، والانتقال عمليا بهذا المفهوم من مجرد استكمال إجراءات شكلية إلى واقع حقيقى على الأرض.. ومن الرؤية الشاملة يرى الرجل بحكم منصبه ضرورة التحول منها، للخطط التنفيذية التى تتفاعل مع الواقع، ولا تصطدم معه. ترجمة الرؤية وتوظيفها داخل إطار رؤية أكبر؛ الدولة المصرية؛ لتحقيق جودة حقيقية فى التعليم، هو ما سيعمل رئيس هيئة الجودة الجديد عليه، وفق ما صرح به. رؤية رئيس هيئة الجودة الجديد يلخصها فى أن تطوير التعليم متسلحًا بالجودة الحقيقية هو التحدى الحقيقى لأى تقدم فى أى مجال من مجالات الحياة، وأن ما تحقق فى العالم من إنجازات علمية كبرى خلال العقود الخمسة الأخيرة فقط، هو نتاج أنظمة تعليم جيدة. وفى حوار مع د.علاء عشماوى، كان الرجل حريصًا على تأكيد أن ما يؤمن به من أفكار حول التعليم وجودته ومستقبله يمثل بالنسبة له الأفق الكبير الذى يعمل تحت قبته. من هذا المنطلق ربما يرى الرجل أنه لتحقيق جودة ونقلة فى التعليم لم يعد كافيًا تحسين المناهج، وكثرة المعامل، وتحديث مبانى المؤسسات التعليمية. ووفقًا للرؤية والأفق الأكبر يرى الرجل أننا فى مصر ومثل دول كثيرة تسعى للحاق بمواكب العصر الحديث بحاجة لاختصار الزمن، وأن ننجح خلال عقد واحد فى القفز نصف قرن للأمام.. الفوارق بين الأمم المتقدمة والنامية لم تعد فوارق بين من يملك ومن لا يملك، ولكنها بالأساس فوارق بين من يعرف ومن لا يعرف. أيضاً لم يعد رأس المال أو الثروة هبة من الطبيعة، ولكن أصبحت المعرفة الجديدة هى الكنز الحقيقى الذى يفيض بما فيه على الحاضر والمستقبل.. كل التوفيق للدكتور علاء عشماوى فى مهمته الوطنية «جدًا» الجديدة، وكل الشكر والامتنان للدكتورة يوهانسن عيد أستاذة العمارة، ورئيسة هيئة جودة التعليم السابقة، التى أسهمت بجهد طيب ومحمود فى وضع أسس عملية لمنظومة جودة التعليم.