عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

قابلته وأنا ذاهب للصيدلية لأخذ الحقنة، لاحظ أننى فى حالة من القرف الحاد، سألني: مالك..قرفان ليه؟ قلت له: انقطاع الكهرباء يا أخى أصبح لا يحتمل.. الخسائر شديدة.. مش ممكن كده. قالي: هدى نفسك يا دكتور..أنا شخصيًا لا يزعجنى انقطاع الكهرباء، بل بالعكس أنا أشعر بالراحة الشديدة مع انقطاع الكهرباء! بترجعنى لأيام زمان والحالة الرومانسية.. فاكر لما كنا صغار وفى حرب 67 كنا عايشين على لمبة الجاز. وجدت نفسى لا أحتمل كلامه، قلت له: يا أستاذ على رومانسية إيه وهباب إيه.. أنت عارف انقطاع الكهرباء دا يخلى الماء مقطوعة، والأكل فى الثلاجة يفسد، أنا بنتى مسافرة الأسبوع الجاى وفى أكل ولحوم فى الديب فريزر وأكثر من ألفين جنيه.. أغلبه فسد، وتقولى رومانسية!

الأخ على حاصل على بكالوريوس خدمة اجتماعية، وبعد ما خرج على المعاش شغال سمسار عقارات وكل حاجة، يعيش فى الدور الأرضى بمفرده فلا يعانى من انقطاع المياه؛ لأن المياه عنده غير مرتبطة بالكهرباء، لكن ماذا يفعل لو أن شخصًا يعيش فى الدور العاشر أو أكثر فكيف ينزل ويشوف أموره.. وبمنطقه يقولك يخزن المياه للأوقات دى.. وفساد الطعام معلش ربنا يعوض عليه.. ودا رزق الكلاب والقطط. منطق عجيب وردىء ولا يحتمل، أحياناً تشعر بالقرف من الناس لأنهم بيستظرفوا بشكل لا يحتمل.. (فعلى بحه) دا اسم شهرته فى المنطقة تجده على القهوة أو أمام العمارة جالسًا على الكرسى يتسامر وينتظر أى اتصال أو أى شخص يأتى له من أجل شقة سواء للبيع أو الإيجار.

على (بحه) عقيم التفكير، لكن للأسف طبعًا هو شايف آنه بيفهم، بل وعبقرى، وأنه لا ينزعج عند المشكلات ويعتبر انقطاع الكهرباء فرصة تعودك على الصبر والاحتمال. ما يقوله (على بحه) نجد أمثاله كثيرة على الميديا، وهناك كثيرون لديهم هوس بتلك الميديا، وتشعر فعلًا بالسخف مما يحدث عليها ومن كلامها السخيف، والمنطق لديهم اللايكات والشير والمحادثات.. طريقة التفكير تجدها محدودة ومنحصرة فى حدود ذاتهم الضيقة وليس لديهم أى رؤية عميقة شاملة.. تجد من يقترح عليك أن توفر الشموع لكى تعيش فى جو رومانسى عندما تنقطع الكهرباء، أو تجده يقول لك ببلاهة انزل اشتريلك شمعتين كبار من وسط البلد ويكونوا ألوان جميلة وعيش لحظات الذكريات أيام الشباب.. أقسم لكم ما أقوله حدث بشكل أو بآخر، فهل هناك سخافات أكثر من كده؟ تلك العقول تجدها منحصرة فى داخل ذاتها، ولا تفكر فى الآخرين.. ولم تسأل نفسها سؤالًا بسيطًا: لو أن مريضًا عنده دواء فى الثلاجة وعند انقطاع الكهرباء بالساعات فإن هذا الدواء يفسد، فماذا يفعل هذا المسكين والدواء غالى الثمن؟ أو من يعانى من ضيق تنفس فهو فى حاجة ماسة إلى المروحة أو التكييف.. أو رضعات الأطفال والألبان: ماذا تفعل الأم عندما تفسد ألبان الطفل فى الثلاجة؟ أمثال بحه لا يفكر فى أى من تلك الأمور، لكن لا نجد إلا أنه يحلو له أن تمارس تلك السخافات المقرفة واستظرافًا لا يحتمل رغم أنه للأسف متعلم.

أستاذ الفلسفة وعلم الجمال - أكاديمية الفنون