رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

مراجعات

مع تسارع وتيرة الحياة، والانشغال بتفاصيلها التي تُرهق العقل والقلب والروح؛ يتملكنا شعور بأن السنوات مرَّت سريعًا كالبرق، لنتوقف طويلًا أمام محطات نسترجع فيها الذكريات، والحنين إلى الماضي.

لكن، من الصعب عقد مقارنات بين ما كان، وما هو كائن، وما سيكون، خصوصًا في ظل الذكاء الاصطناعي وهيمنة التكنولوجيا على كافة مفاصل حياتنا، لاختلاف الأزمنة والأماكن، بكافة تفاصيلها، وبالتالي لا جدوى من محاولة استعادة «الزمن الجميل»!

الآن، مع إيقاع الحياة السريع، أصبحنا نعيش مَتَاهَةَ جدلٍ عقيمٍ، حول القِيَمِ السائدةِ في المجتمع، التي تحوَّلت وتبدَّلت مفاهيمها، عبر عالم افتراضي، نعيشه رغمًا عنَّا، ولا نستطيعُ الفِرَارَ منه.

قِيَمٌ «متغيرة»، باتت تُجَسِّد سلوكياتنا، في عَصْرَيْنِ، أو بين زَمَنَيْنِ، ترصد غالبية عظمى، تستخدم وتُرَدِّدُ بشكل يومي بعض الجُمَل والمصطلحات.. لعل أكثرها تداولًا وانتشارًا «كان زمان»، و«أيام الزمن الجميل».

عِبَارتان تُغَلِّفَان منشوراتنا وأحاديثنا وتعليقاتنا المُتَدَاوَلَة، وتنعكسان على علاقاتنا بالآخرين، تعبيرًا عن الأسف والصدمة المفاجئة، خصوصًا في تغيّر أخلاق الأَحِبَّةِ والأقارب والأصدقاء والزملاء، نتيجة مواقفهم المتقلبة وغير المفهومة.

وعلى وَقْع عبارة «ما أروع زمانهم.. وأقبح زماننا»، تجد بعضهم يتحدثون بحزن وأسى عن «الزمن الجميل» الذي كان، والتأثر المبالَغ فيه من هَوْلِ التغيير بالمواقف والأفعال وتَبَدُّل الأحوال!

تراهم ينسبون الانحطاط الأخلاقي والإنساني إلى ما يصفونه بـ«غَدْرِ الزمان»، لكن الحقيقة أن تحميل «الزمان» وحده، ما وصل إليه الحال من بؤس وشقاء، يتعدى واقع «الحَسْرَة»، إلى «شماعة» مهترئة، ليست سوى وعاء الوقت، الذي نملؤه بالبر والإحسان.. أو الشرور والآثام.

كثيرون يَرَوْنَ أن عدم ثبات الأخلاق، وانتشار البغضاء والحقد والأنانية، مَرَدّه إلى تغير الزمان وسرعة إيقاع العصر، فيعقدون المقارنات «غير المُنْصِفَة»، بين الماضي والحاضر.. في كل شيء، وعلى كافة المستويات!

شواهد كثيرة تؤكد تَبَدُّل الاهتمامات والثقافات والميول، وانتشار أعراضٍ مَرَضِيَّة اجتماعيةٍ، دون الأخذ بالاعتبار هَوَس استخدام مِنَصَّات التواصل الاجتماعي، كمصدرٍ وحيدٍ لتشكيل الوجدان، يتحكم في التفكير والاندفاع.

ربما كشفت تداعيات عالم «السوشيال ميديا»، أننا بالفعل نعيش في واحدة من أهم مراحل تدني الانحطاط الأخلاقي والنفاق المجتمعي، بما تحمله من قيمٍ متناقضةٍ، وازدواجيةٍ مُفْرِطَة، وسلوكياتٍ صارخةٍ في تَطَرُّفِهَا.

لقد أصبحنا نعيش في عصر العولمة، الذي يفرض أنماطًا غير منطقية وسلوكيات مختلفة، في علاقاتنا الاجتماعية، لتتبدَّل القِيَم والمفاهيم والاهتمامات، وبالتالي تغيرت مواصفات الناس وأولوياتهم، عمَّا كانت عليه في الماضي.

أخيرًا.. باتت حياتنا اليومية أشبه بمستنقع افتراضي، نعيشه بكل تفاصيله العبثية، في كل شيء.. بدءًا من أسلوب الحياة، ومرورًا بالأسعار والغلاء، وليس انتهاء بالحب والرومانسية، وحتى العلاقات الإنسانية، ومعها أصبحنا نَحِنُّ إلى دفء ذكريات الزمن الجميل. 

فصل الخطاب: 

يظل الإنسان نابضًا بالحيوية، مع استمرار القدرة على أن يحلم، لكنه يتداعى بالشيخوخة عندما يبدأ مرحلة استحضار الذكريات.

[email protected]