رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حتى نلتقى

برحيل الفنان الكبير والرسام الفذ الأستاذ محمد حجى يوم الأحد 16 يوليو الجارى تفقد الحركة التشكيلية المصرية واحدًا من أبرع فنانيها وأكثرهم مهارة على الإطلاق.

ولد الراحل العبقرى فى محافظة الدقهلية عام 1940، وتخرج فى كلية الفنون الجميلة بالزمالك عام 1963، وتشبع بأفكار نبيلة تدعو إلى العدل والحرية وعشق الجمال.

عرفته عن قرب فى منتصف تسعينيات القرن الماضى، بعد أن تتلمذت فى كلية الفنون الجميلة فى مطلع الثمانينيات على يد شقيقه الأصغر الدكتور يحيى حجى رعى الله أيامه ولياليه، ثم صرنا صديقين بعد ذلك.

حكى لى الدكتور يحيى بحب عن شقيقه الأكبر محمد الذى كان يعمل فى جامعة الدول العربية آنذاك، الأمر الذى جعله يغادر القاهرة إلى تونس عندما انتقلت الجامعة إلى هناك بعد المقاطعة العربية لمصر فى نهاية السبعينيات.

بعد عودة الأستاذ محمد حجى تعرفت عليه شخصيًا، حيث أجريت معه عدة حوارات صحفية نشرتها فى صحيفة العربى، وفى صحيفة البيان الإماراتية حين كنت مراسلها من القاهرة.

يتمتع الأستاذ حجى بطيبة قلب نادرة، وخفة ظل أندر، وقد دعانى إلى بيته بالدقى عدة مرات، فشاهدت عشرات اللوحات المبهرة التى رسمها بأنواع الخامات كافة، فهذه بألوان الزيت، وتلك بالألوان المائية، وأخرى بالقلم الرصاص، وهكذا. كان بيته معرضا حافلا بما لذ وطاب من لوحات تسر الناظرين (قال لى إنه يرسم 12 ساعة يوميًا).

يرسم الأستاذ حجى البورتريه بشكل عبقرى، وأذكر أننى سألت مرة الأستاذ بيكار عن أهم تلاميذه عندما كان يقوم بالتدريس فى كلية الفنون، فذكر الأستاذ حجى ضمن الثلاثة الذين خصهم بالإعجاب والإشادة.

أما الفنان الكبير والناقد التشكيلى الراحل الأستاذ محمود بقشيش فقال لى (يا ناصر إن محمد حجى أمهر طالب التحق بكلية الفنون الجميلة منذ افتتاحها)، بينما أبدى رسام الأهرام الشهير الراحل مكرم حنين ذهوله من براعة محمد حجى وهو يخبرنى بأداء عفوى جميل: (تقول له ارسم ورقة مطبقة يا حجى.. يرسمها بالضبط... تقوله ارسم نملة يرسمها ويخليها تتحرك على الورق كمان).

لم يكتف الراحل المتفرد بمهاراته المذهلة فى الرسم، بل عززها بخيال عجيب، الأمر الذى منح لوحاته نكهة خاصة جدًا لا تخطئها العين.

أذكر مرة أن دعانى وأم أبنائى على العشاء فى بيته، وتفضلت السيدة قرينته بإعداد مائدة عامرة، تفوح منها الروائح الشهية، وكان يجلس معنا ابنه عصام الطالب فى الثانوى ساعتئذ، حيث سألنى الشاب فجأة: (من المسؤول عن نشر المواد العلمية الخاصة بالفضاء فى صحيفة كذا؟)، وهى إحدى كبريات الصحف المصرية، ثم أضاف سريعًا هذا الشاب النابغة: (إنهم ينشرون كلامًا مغلوطًا عن الأرض والكواكب).

أظنك عرفت الآن أن الدكتور عصام حجى العالم فى (ناسا) حاليًا هو ابن الفنان العبقرى الأستاذ محمد حجى.

أتمنى أن تبادر المؤسسات المعنية بإنشاء متحف يضم لوحات الرجل، فقد كان غزير الإنتاج بشكل مدهش.

مع السلامة يا أستاذ محمد.