رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

خلق الله سبحانه وتعالى البشر من نفس واحدة، وخلق منها زوجها، وبث منهما رجالًا كثيرًا ونساءً، وجعل الناس شعوبًا وقبائل لتتعارف وتتعاون فيما بينها، ولا تتنافر ويبغض بعضهم بعضًا، وتلك حكمة الله فى خلقه.

وأول الخلق آدم عليه السلام، فقد خلقه الله سبحانه وتعالى من تراب، ثم قال له كن فيكون، ثم أمر الملائكة أن تسجد لآدم فسجدوا جميعًا إلا أبليس أبى أن يكون من الساجدين، وذلك من منظور عنصرى، حيث يرى إبليس أن الله سبحانه وتعالى خلقه من نار السموم بينما خلق آدم من صلصال من حمأ مسنون، وهى مرحلة من مراحل خلق آدم من تراب، ومن هذا المنطلق بدأت فكرة العنصرية الإبليسية الشيطانية، فلقد رفض إبليس أمر الرب بالانصياع طواعية والسجود لآدم من منظور عنصرى بحت، حيث وضع نفسه فى منطقة أعلى من آدم كما يتصور.

فالعنصرية فكرة إبليسية شيطانية منذ أن خلق الله آدم عليه السلام، ولازمت العنصرية ذرية آدم وأصبحت من أسوأ الممارسات التى عرفها العالم؛ فقد ارتُكبت الكثير من الجرائم فى حق البشرية بدعوى العنصرية، وهى ببساطة شديدة اتخاذ لون الإنسان أو جنسه أو دينه أو حتى المجموعة التى ينتمى إليها ليكون إنسانًا معينًا أعلى من غيره.

إن العنصرية تنمو فى ظل الجهل، وتنبع من مفهوم مغلوط؛ لأن الله سبحانه وتعالى أوحى بالدين عبر رسله، وسنَّ الشرائع التى لا تفرق بين الناس، فهم سواسية لا يفرقهم لون أو دين، فالخُلق الذى تدعو إليه الأديان يجعل الناس سواسية.

بالعلم والمعرفة يستطيع الإنسان أن يعلو بفكره ليؤسس قاعدة نفسية تنهض بالمفهوم الإنسانى لنشر فكره للعالم أجمع من منظور أن البشر جميعًا متساوون، وعلى مر العصور فإن فكرة العنصرية تعلو وتهبط فى مراحل، فكلما اقترب الإنسان من تعاليم السماء التى أوحاها الله لرسله وأنبيائه فإنه يبتعد عن تلك الفكرة التى تعتبر منبعًا أساسيًّا للفتن والحروب والصراعات.

ولعلنا نشاهد أن هذه الفكرة الإبليسية الشيطانية بدأت تتسلل إلى الكثير من النواحى، ليست فقط اللون أو الجنس أو الثقافة بل بدأت تتجه إلى العقائد، والأدهى من ذلك أنها فى العقيدة الواحدة بدأت تتسلل إلى فِرقٍ وشيع بدعوى أن تلك الفئة على حق وما عداها على باطل، ويبدأ التعامل مع الآخر من منظور عنصرى قد يصل إلى حد تكفيره وإخراجه من الملة وإحلال قتله.

إن العنصرية البغيضة داء سرطانى يسرى فى عروق البشرية ولا يمكن التخلص منه إلا بالرجوع إلى رسالة السماء فى التمسك بالقيم النبيلة والأخلاق التى تحث الناس على المحبة والتسامح والتعاون ونبذ الخلافات وألا يظلم بعضنا بعضًا.

إن طريق العنصرية طريق مملوء بالمخاطر؛ لأنه منبع الفتن التى تعتبر نقطة انطلاق للصراعات البشرية على مر التاريخ ولعلنا نأمل ألا نرى ما نراه من ممارسات عنصرية فى كثير من الدول التى تؤدى إلى معاملة بعض مواطنيها على أنهم فى مرتبة أدنى من غيرهم؛ فيقع عليهم الظلم، وذلك بدعاوى مختلفة، أخطرها امتداد أصولهم خارج هذه البلاد، ما ينذر بخطر الصراعات الأهلية الخطيرة على الرغم من تشدق هذه الدول بحقوق الإنسان والحرية والديمقراطية.

وأخيرًا ليتنا نرى لهيب العنصرية الحارق يخبو ثم ينطفئ أمام أنوار المحبة والتسامح والسلام، وأن يشعر الناس جميعًا أنهم سواسية؛ لأن الله سبحانه وتعالى خلقهم جميعًا من نفس واحدة وجعل الناس شعوبًا وقبائل لتتعارف ولا تتباغض وتتناحر.