رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

نحو المستقبل

احتفلت مصر والمصريون بمرور عشر سنوات على ثورة الثلاثين من يونيو، تلك الثورة التى أعادت مصر للمصريين والتحمت فيها إرادة الشعب مع الجيش ليزيلوا نقطة سوداء من تاريخ مصر المعاصر ويستبدلونها بنقاط بيضاء وخضراء مضيئة تنتشر الآن بناء ورخاء على اتساع الرقعة الجغرافية لمصر، ومن حق الشعب المصرى على قيادته ونخبته أن يجنى الخير والتقدم بعد سنوات عجاف من التحمل والشقاء!! ولايعنى ذلك أن الوعى الشعبى غافل عن المعجزة الكبرى التى تحققت خلال تلك السنوات العشر من مشاريع عملاقة غيرت وجه الحياة تماما وجعلتها على صعيد البنية التحتية وفى كل المجالات أيسر وأفضل، وفى ذات الوقت جنبته معاناة  وويلات الأزمات المتلاحقة على الصعيد العالمى كأزمة كورونا وأزمة الحرب الروسية الأوكرانية التى توشك أن تكون بالفعل حربًا عالمية ثالثة! وغيرها من الأزمات الاقليمية التى تعانى منها معظم دول المنطقة المجاورة!

إن الناس فى بلادى ينظرون إلى المستقبل بقلق شديد ولا يزالون ينتظرون الأسوأ رغم كل ما يرونه حولهم من إنجازات خارقة للعادة وأعمال جبارة تجرى أمام أعينهم فى كل مكان بطول البلاد وعرضها! وعلى كبار المسئولين فى الحكومة أن يأخذوا هذا القلق فى الاعتبار وأن يمتلكوا بحق شجاعة اتخاذ القرارات التى تغير المسار متوجهة لتلبية مطالب الناس دون الاصرار على السير فى ذات الطرق والمسارات التى تسببت فى ذلك القلق والاضطراب لدى جموع المواطنين! 

إن جمهورية جديدة بدأت تظهر ملامحها المادية واضحة الآن بالفعل وهى بلا شك مثار إعجاب وفخر صناعها من رئيس الدولة إلى أى مواطن على أرض مصر أو أى زائر يزورها الآن! لكن السؤال هو: أين الاستراتيجية الواضحة التى تملكها الحكومة الحالية لينعكس كل ذلك على حياة المواطن العادى فى المستقبل القريب والبعيد؟!

على سبيل المثال وليس الحصر أين النظام التعليمى المصرى القائم على استراتيجية مصرية خالصة معبرة عن الهوية المصرية والعربية لمصر الآن ؟! وأين المعلم المصرى القادر على تنفيذ هذا النظام حال التخطيط له ووجوده فى ظل ظروف المعاناة اليومية المزلة التى يعيشها لدرجة تعرضه للموت وهو يمارس أعمالا شاقة لا تتناسب مع مؤهلاته ومكانته التربوية فى المجتمع ؟! إننا نعيش أسوأ عصور غياب الهوية التعليمية فى مدارسنا وجامعاتنا وكل مانلهث وراءه هو استيراد أنظمة تعليمية لدول من الشرق والغرب ومحاولة زراعها فى بيئة غير بيئتها بحجة أنها نجحت فى بلادها وستنقلنا بمشيئة الله وصناعها إلى مصاف الدول المتقدمة!!  وللأسف فلقد أصبح شغلنا الشاغل التساؤل كل عام : أين نحن من التصنيفات العالمية؟! ويخرج علينا السادة المسؤولون ورؤساء الجامعات بتصريحاتهم الوردية مهللين بأننا ارتقينا عدة درجات فى هذا التصنيف أو ذاك متجاهلين حال التخلف والتردى التى نعانى منها فى غالبية مؤسساتنا التعليمية ومعاملنا ومراكز أبحاثنا، ومتجاهلين الأوضاع المتردية لأحوال أعضاء هيئة التدريس وغياب أنظمة الحماية الاجتماعية والمهنية والصحية لهم!! إن تلك التصنيفات التى ابتدعتها بعض الجهات العالمية مبنية فى معظمها على معايير كمية وورقية لا تعكس واقعًا حقيقيًا ولاتفيدنا كمجتمع يسعى للنهوض بمواطنيه وتلبية حاجاتهم!

 ولعلى أتساءل فى ذلك الاطار حتى نعى الفرق بين التصريحات الوردية الخادعة وبين ما يطمح إليه المصريون فى نظامهم التعليمى المأمول فى ظل الجمهورية الجديدة : أين الخريج  المصرى العصرى المنتمى لبلده العاشق لتاريخها وحضارتها من الجامعات المصرية، الذى يمتلك مهارات العصر وتقنياته، المتحدث بلغاته، وفى ذات الوقت يتقن لغته العربية ولا أقول أيضا يتقن لغته المصرية القديمة ويستطيع فك رموزها وترجمتها لمعرفة تاريخ بلده والاعتزاز بأن بلده هى الصانع الأول لمعالم الحضارة الانسانية ؟! أين ذلك الخريج الذى لا يكتفى باجترار المعلومات السابقة فى تخصصه وتقليد أصحابها، والقادر بحق على الإبداع والإضافة إلى تاريخ العلم الذى تخصص فيه؟! 

إننا إذا وضعنا استراتيجية جديدة للتعليم المصرى تحقق الاجابة عن تلك التساؤلات البسيطة نكون بحق قد دخلنا عصر «الجمهورية الجديدة» إذ لايخفى على أحد أن التعليم الوطنى العصرى الجيد هو القاطرة الحقيقية التى تقود عملية صناعة تقدم ونهوض الأمم..

[email protected]