عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

تابعت خلال رحلة سريعة قمت بها مؤخرا إلى أوروبا جدلا ساخنا حول قضايا الذكاء الاصطناعى وتحدياته المستقبلية فى العالم، خاصة بعد أن أقر البرلمان الأوروبى تشريعا جديدا لتنظيم استخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعى. ويأتى ذلك استجابة لمخاوف عديدة أبداها البعض بشأن إمكانية خروج أنظمة الذكاء الاصطناعى عن سيطرة المتحكمين فيها وتحولها إلى خطر داهم يضر بالبشرية.

ورغم ما بثه التشريع الجديد من رسالة طمأنة نسبية لدى المتخوفين من مخاطر التطور السريع للذكاء الإصطناعى وتحوله إلى آلة بديلة للإنسان تخطط وتفكر وتقرر وتنفذ بدلا منه، وبأسرع مما نتوقع، إلا أنه أثار فى الوقت ذاته استياء الشركات الأوروبية الكبرى العاملة فى مجال التكنولوجيا حيث اعتبرت أن التشريع الجديد يفرض قيودا على الأعمال الخاصة بها دون أن يقدم حلولا لمواجهة تحديات الخارج.

ولا شك أن هذا الجدل الذى تابعناه مؤخرا لا يقتصر على أوروبا وحدها، ففى الولايات المتحدة الأمريكية جدل مشابه، فضلا عن تحذيرات متكررة بشأن التقدم السريع للصين فى هذا المجال الخطير.

وفى رأيى، فإن قضية تحرر أو إنفلات الذكاء الاصطناعى عن الإنسان يمثل أمرا شديد الأهمية، بما يجعله جديرا بالبحث والدراسة والاستعداد والمواجهة، خاصة أن العالم تحول بالفعل خلال السنوات الأخيرة إلى قرية صغيرة، وصار ما يحدث فى شماله يؤثر بالضرورة فى جنوبه بأسرع مما كنا نتوقع.

وهكذا، فلم يكن غريبا أن تتفق الميديا الغربية على خطورة التحديات التى يفرضها الذكاء الاصطناعى على العالم، فالتصور القائم الآن يرى أن بعض الآلات قد تصبح أكثر ذكاءً من الإنسان، لكن الأخطر من كل ذلك هو أنه لا توجد أخلاقيات ولا قيم أو مبادئ حاكمة لممارسات الروبوت، أو الآلة، وهو ما يعنى إمكانية أن تتحول فى لحظات إلى وحش كاسر لا يمكن السيطرة عليه.

والمؤسف أيضا أن هناك حديثًا متكررًا فى العالم الغربى حول تصنيع مقاتلين جدد يحاربون دون ضمير، ويخربون دون رحمة، ويمثلون خطرا كبيرا على البشرية فى ظل سباق محموم للهيمنة والتحكم، فثمة تقارير متداولة تشير إلى أن حجم سوق الروبوتات العسكرية سيصل إلى أكثر من 24 مليار دولار بحلول عام 2025.

ومن هذا المُنطلق فقد كتبت قبل بضعة أسابيع فى المكان ذاته لافتا إلى ما يخبئه مستقبل الذكاء الاصطناعى للعالم، وقلت ومازلت أقول بأننا مطالبون بالتهيؤ لعصر الذكاء الاصطناعى بجدية أكبر واهتمام حقيقى.

وفى تصورى، فإن مصر لديها كوادر علمية متميزة، وعقول ناضجة، وخبرات عظيمة فى كافة المجالات، لكنها تحتاج لمشروع قومى للريادة فى مجال الذكاء الاصطناعى، ترعاه الدولة وتعمل على تفعيله كافة المؤسسات.

إنه لا يصح أبدا أن نتخلف عن ركب التقدم ومواكبة التطور العلمى المذهل باعتباره يحمل أخطارا على مستقبل الإنسان فى كل مكان فى العالم، وفى القلب منه مصرنا الحبيب.

وسلامٌ على الأمة المصرية.